لاتاكلون بعقلنا حلاوة

في يوم من ايام العام الماضي قال سعادة رئيس الوزراء نوري المالكي ان الشعب العراقي بحاجة الى قائد فهو لايعرف بعدكيف يقود نفسه بعد.

وبعيدا عن نظرية “المؤامرة” فان المالكي قصد بلا ادنى شك، او ربما لم يقصد، ان هذا الشعب في معظمه “زعاطيط” لم يتعدوا مرحلة الحبو وتناسى ان هذا الشعب صعب القيادة من قبل فرد واحد وهذا ما اثبته التاريخ جليا واضحا.

وامس تراجع المالكي عن نظريته تلك وقال بالحرف الواحد: “أتقدم بالتهنئة والتبريكات للشعب العراقي بمناسبة نجاح انتخابات مجالس المحافظات الذي اقبل عليها بحرص رغم تشكيك المشككين وتهديدات الإرهابيين واثّمن دور المرجع الديني علي السيستاني وما صدر عنه من توجيهات وحث على المشاركة والحفاظ على نزاهة الانتخابات وتوجيه الناخبين لاختيار الأصلح والأكفأ والأقدر على خدمة الوطن”.

لايقع كلام المالكي الا في خانة” الغزل المكشوف” حين يقول ان”ذلك يؤكد قدرة العراقيين على ضبط الإجراءات الفنية والأمنية للعملية الانتخابية”.

هل ياترى تأكد من ان مسار التصويت يسير لصالح كتلته ليقول لنا ذلك؟

هو والمقربون منه يعرفون الجواب حتما.

لانريد ان نقارن نفس لغة “الغزل” التي طرحها رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي حين قال “ان انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم امس تمتاز عن سابقتها باهتمام الناخبين بالبرامج الانتخابية للكيانات المرشحة،وان”ائتلاف المواطن قدم برنامجا مهما لايستطيع غيره تقديمه”.

لايفهم من كلام الجلبي الا ما يقوله المتسول الاعرج عند احدى اشارات المرور مخاطبا المارة: اعطونا مما اعطاكم الله.

صحيح ان الكعكة “الانتخابية” بعيدة جدا عن الجلبي ومؤتمره الا انه يأمل او ربما يعيش اضغاث احلام بالفوز في “رجل” كرسي في الحكومة.

ولا ننسى السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الاعلى الذي قام بجهود مضنية بزيارته لمعظم المحافظات لينعم عليها بالقاب كل حسب موقعها ومكانتها.

اثبتت العشرة سنوات الماضية ان الغزل المكشوف لايفيد في حل المشاكل المستعصية التي تواجه العراقي كل يوم بدءا من خروجه الى مقر عمله وكيف تستنزف طاقته السيطرات وخسارته لوقت كان يجب تخصيصه لانجاز ما يجب انجازه وخوفه من ان يموت في اية لحظة وفي مكان. هذا العراقي لاتهمه الان كلمات الغزل التي عرف مضمونها وباتت تقبع في المتحف البغدادي بعد ان ظهر عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري بل تهمه الافعال قبل الاقوال.

لدينا في السجون العراقية،والحمد لله، اكثر من مائة ألف سجين وسجينة ادلوا باصواتهم بما يسمى بالتصويت الغيابي،(لانعرف تفصيلات ذلك ولانريد ان نعرفه) ولكن لاأحد استطاع ان يدلنا على عدد الناخبين في السجون السرية وكم نسبتهم مقارنة بعدد السجناء القابعين في الهواء الطلق.

ودعا المالكي الفائزين في الانتخابات إلى “تحمل المسؤولية”، مؤكدا أن “الحكومة الاتحادية ستكون لهم العون في أداء مهامهم وإنجاح خططهم لخدمة محافظاتهم، وان يتحول التنافس الانتخابي إلى تعاون وتكاتف فيما بينهم للبناء والإعمار”.

فاصل غزل آخر: مغازلجي آخر دخل امس على الخط .. انه باقر الزبيدي التي صدحت كلماته شغاف القلوب حين غنى ان ” الخلافات بين الحكومة والبرلمان مسالة طبيعية وتحدث في معظم الدول فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية وعمر الديمقراطية فيها اكثر من 300 سنة حصلت مشكلة بين الرئيس اوباما والكونغرس بشان الموازنة وعطلت لمدة 3 اسابيع “.

3 أسابيع وليست 10 سنين يا….

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.