كلنا داعش..!

هل ما نسمعه من أخبار داعش هو بهذا القدر من العنف والتخلف، أم انها مبالغة متعمدة؟

شخصيا لا أعلم. فقد يكون ما نرى ونسمع صحيحا، وقد تكون كلها مبالغات.
القاعدة، وطالبان، وداعش، وبوكو حرام، وبوكو حلال أيضا، جميعها تحمل سمات العنف بشكل أو آخر، لكن كيف يمكن ان نوفق بين ما يقال عن رغبة هذه التنظيمات في إقامة خلافة إسلامية ثم نسمع انها اغتصبت وخطفت وقتلت؟
لنفترض ان ليس في الأمر مبالغة، وأن كل ما نسمعه ونراه صحيحا بالفعل، فمن أي جاء الفكر المتطرف الذي يقود إلى هكذا بشاعة؟
ألا تكون الأنظمة السياسية قد ساهمت في نمو التطرف؟
قلت سابقا ان التطرف غالبا ما يكون انعكاسا لرفض واقع ما، أو عدم القدرة على التعايش معه او محاربته. غياب العدالة، الظلم، إنعدام المساواة، كلها سمات أصيلة في مجتمعاتنا، وهي كلها مجتمعة او متفرقة تخرج الإنسان من عقله ودينه وثيابه، ومع انعدام الحيلة في مقاومة كل ذلك يكون التطرف هو الحل.
نحن نرى صور القتل والهدم الذي تقوم به داعش، لكن ماذا لو استطعنا رؤية صور بعض ما تقوم به الأنظمة العربية تجاه شعوبها؟ لماذا لا نصور كيف يعامل المواطن العربي في دائرة حكومية؟
لماذا لا نصور كيف يعيش الملايين على فتات خمسة او عشرة رجال فاسدين يسيطرون على مقادير الأمة وثرواتها؟
أنا لا أبحث عن مبرر للتطرف، ولا أتعاطف معه، لكن كي استطيع رؤية طريقي وسط الدخان علي أن اعرف أين اقف، وما الذي يدور، وأين هو مصدر النار؟
لكن.. إن كانت الأنظمة السياسية تتحمل وزرا كبيرا، فيبقى الذنب الأكبر من نصيب الشعوب نفسها.
فالتطرف لم يأت من أمريكا او جبال الأنديز او القطب الجنوبي. التطرف أتى منا وفينا وعلى ارضنا. وسواء عملت الأنظمة عمدا او خطأ على نمو هذا التطرف، فذلك لا ينفي مسؤولية الشعوب في تغذيته.
في السعودية، هناك شيوخ ما يزالون يفتون بأن الضحك يميت القلب، وبأن الثوب الطويل حرام، وكافر هو من حلق دقنه. ما نقول عن هؤلاء.. اليسوا هم داعش في ثياب متنكرة؟
ما نقول عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ما تزال، رغم كل جهود كبح جماحها، تفرض قوانينها على طريقة لبس ثيابنا، أليست هي ذات طريقة داعش وأفكارها؟
في مصر، هناك شيوخ يفتون بقتل وسجن كل من يجتهد في تفسير نص ديني، اليس هؤلاء داعش في صورة أخرى؟
في كل بلد اسلامي، ستجد مئات من أصحاب العمائم الذين يحملون فكرا متشددا، ويؤيدهم الملايين من العامة والبسطاء وغير البسطاء. يكفرون غير المسلمين، ويدعون عليهم، ويطالبون بعودة امجاد الأمة الإسلامية، وتطبيق شرع الله، واسترداد ما ضاع من الأمة. أليس ذلك كله ما تدعو إليه داعش؟!
داعش الكبيرة تعلم ان هناك داعش صغيرة داخل معظمنا. الأولى تقاتل وتقتل، والثانية تبارك في صمت.
لقد فقدت الشعوب العربية والإسلامية آمالها في المستقبل، لذلك هي تطالب بالماضي. هي وحدها بين الأمم من يطالب بعودة الماضي. وداعش عرفت ذلك وشرعت تردد آآآآآآآآآآآآآه يا زمان يا زمان.
نعم.. الأنظمة العربية تتحمل الوزر، لكن الشعوب تتحمل الوزر الأكبر. فهي فوق ما تبطنه من تشدد، تبطن قدرا عظيما من الخوف في مواجهة إخفاقات أنظمتها في صنع نصر واحد. وهي عوضا عن المواجهة، تفضل الغمز واللمز ونقد خائف متردد ومضحك للحكومة والسلطان.

Nakshabanddih@yahoo.com

المصدر ايلاف

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.