قصة و حكمة من زياد الصوفي..103

القصة:

كل مدينة و كل ضيعة و كل حارة بسوريا.. و فيني اجزم أنو كل شخص بهالبلد كان ألو نصيب أو حصة من نظام الحقد الأسدي..

لدرجة أنو من كتر قصصهون و تشابهها و تشعبها من حيث الأسباب و النتائج ، صار الحمصي إذا سمع قصة صارت بحلب يعتقد أنو القصة صارت بحارة من حارات حمص..

و اللي بيعتقد أنو اللي صار بمجازر حماة و حلب بالتمانينات أعظم من اللي عم يصير اليوم، فبطلب منو يراجع معلوماتو أكتر..

بس مع كل هالشي..

الكل لازم نتذكر و نحكي باللي صار لنستفيد من تجارب رجال كبار و نتعظ و نتعلم منها..

مجزرة حي المشارقة بحلب، الكل بيتذكرها بس نادرا ما حدا حكي بتفاصيلها..

رح آخدوكون اليوم معي بسفرة صغيرة لحي المشارقة و أرجع فيكون لشهر آب 1980..

بعد ما بديت تظهر بشائر الثورة في سوريا بنهاية السبعنيات مع كل المتحولات الجديدة بالمنطقة، من ثورة الخميني، لحرب لبنان الأهلية التانية، لدخول جيش العار على بيروت، لبداية الحرب الإيرانية العراقية..

منطقة عم اتعج بالمتغيرات.. و من ضمن جملة المتحولات كانت طلائع الثورة السورية الأولى..

حي المشارقة بحلب، حي قريب كتير على وسط المدينة.. حي مسالم، أهلو من طول عمرهون عايشين بهدوء و كافي خيرهون شرهون..

بشهر آب 80 و عند حاجز للقوات الخاصة صوب مركز الامتحانات العامة و القريب من حي المشارقة، شبين بيقتحمو هالحاجز و بيقتلو ست عناصر كانو مدوقين الويل لأهالي المنطقة من الابتزاز للتشليح للاغتصاب..

بيجن جنون النظام، و على عادتو بهيك مناسبات.. و بدون أي دراسة لعواقب أعمالهون بيقرروا الانتقام من الحي كلو، و ترباية حلب و إخضاعها كلها..

باليوم الأول لعيد الأضحى 80 و الناس من كل الحي طالعين بعد صلاة العيد لزيارة أمواتهون بمقبرة هنانو..

كتيبة من القوات الخاصة بقيادة المقدم هاشم معلا و النقيب غدير حسين ، باتطوق الحي و المقبرة و بيبدو حملة المداهمة للبيوت..

بصباح أول يوم من عيد الأضحى، كان كل شباب الحي من عمر 16 لعمر 60 مجموعين على حيط المقبرة، بين أصوات بكاء الامهات و الزوجات و الأطفال، و أصوات الكفر و السباب بكل كلمات قاموس الألفاظ النابية من عناصر جيش العهر..

و للتاريخ، كان في كتير ناس يومها موجودة بالحي و مانهون من أهالي المنطقة، جايين يا إما لزيارة قرايبينهون أو لزيارة أمواتهون بالمقبرة..

بس ضمن هالحفلة، راح المشارقيين مع الشباب و الرجال من ضيوفهون..

85 رجال و شب، مصفوفين على حيط المقبرة ناطرين مصير معلق بقرار لهاشم معلا..

وقف المقدم بأيدو بارودتو، و صرخ بالشباب:

مين فيكن بيعرف هالولاد الشر… اللي هاجمو حاجز الامتحانات؟؟

وحدو الحجي الحوري الله يرحمو ، هالانسان المعروف لأهالي كل الحي بأيمانو و بصدقو و بمحبتو لولاد منطقتو، بيبرم وجهو و بيقلو للمقدم بمحاولة لتخليص شباب حارتو من الإعدام الميداني:

أنا يا سيدي اللي هاجمت الحاجز و قتلت كل عناصرو، حاسبوني و قتلوني إلي و اتركو هالشباب يرجعو لبيوتهون، ما الهون ذنب..

محاولة الحجي ما نفعت بشي، بيصرخ المقدم شحطوه لهالابن الكلب عجنب و بيعطي الأوامر بتصفية ال 84 شب المصفوفين عالحيط..

شباب و رجال مرميين فوق بعضهون أموات و الدم عم يجري من تحتهون على أرض سور المقبرة، و ضحك هاشم معلا و الكلاب اللي معو سمعوه كل أموات تربة هنانو بقبورهون..

وحدو بالمناسبة المخبر ابن الحي، نفد من الموت عالرغم من أنو كان مصفوف مع الشباب على حيط الموت و بعدو لهاللحظة عايش و باتمنى ولادو يحكولو هالقصة بركي باتحرك ضميرو..

أما الحجي الحوري، فشالوه و طالعوه على أعلى بناية بالحي و حطوه على سور السطح و قوصوه مع عيلة دودان المؤلفة من 15 شخص و تركوهون يسقطو متل المطر أموات واحد ورا التاني من على السطح..

خلصت المجزرة من هون، و بلش ربط الجثث بسيارات الجيش من هون، و بديو يجروهون بشوارع حلب ليربو أهل المدينة فيهون و رميهون بعدين على مدخل حلب..

تاني نهار صارت دوريات النجدة اتدور بالمدينة لتشيل جثث الشهداء المرميين بكل زوايا مداخل حلب..

و متل كل مجزرة، لازم مرتكبيها يغطو عليها تحسبا لمحاكماتهون بالمستقبل، فطلع قرار من حافظ الأسد باستملاك الحي بالكامل، و دفعو لأهالي الحي اللي بعدهون طيبين تعويض تعسفي و طالبوهون بإخلاء بيوتهون خلال شهر..

الحكمة:

ركعت سوربا كلها بكلاشينكوف من تلات عقود..

حفيد الحاج حوري ما رح يركع هالمرة حتى لو ضربتو بصوارخ السكود.. زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.