قصة و حكمة من زياد الصوفي..119

القصة:

في يوم 8 أذار من سنة 1982, خاطب البائد الخالد بهالمناسبة جماهير الامة و اتوجهلهون بخطاب حي و مباشر عم يعلن انتصار الوطن على المؤامرة الكونية الاولى على سوريا و قال ببداية خطابو:

“ما حدث في حماة بالامس ، حدث و انتهى”..

هيك لخص القائد الملهم سنتين من الصراع مع أدوات المؤامرة و هيك اختصر معركة العشرين يوم الحاسمة بعد ما راح ضحيتها عشرات الالاف من الضحايا و اتشرد و انفقد ميات الألوف..

بالوقت اللي كان حافظ شوي لبق بطريقة تلخيص مجزرة حماة و حلب, كان رفعت أجفص بكتير لما اتسرب عن لسانو تصريح بين أصحابو أثناء الحملة على حماة و قال:

“رح أعمول من حماة مزرعة بطاطا”

حكاية اليوم من تداعيات مجازر التمانينات و تأثيرها عالشباب السوريين اللي دفع منهون تمنها دم, و الاخرين اللي دفعو تمنها ذل و تعتير..

محمد شب من الحاضر الكبير في حماة, من عيلة بتتكون من 12 فرد.. الاب و الام و عشرة اطفال..

هالعيلة اللي شهدت كل التفاصيل اللي صارت بالحاضر و من حسن حظهون بعد كل مشاهد الخوف اللي حضروها قدرو يهربو خارج المدينة و يتآوو بأحد الضيع المجاورة لحماة..

ام محمد و من هول و فظاعة اللي شافتو بهالمجزرة, صار معها صدمة نفسية و خسرت صوتها.. و لا عاد تقدر تحكي ليوم اللي اتوفيت قبل ما محمد يروح عالجامعة و تفرح فيه..

الاب اللي اتصاوب أثناء تهريب العيلة برصاصة طايشة برجلو, ضل لوقت اللي اتوفى و هوة عم يمشي عالعصا..

علامات محمد سنة ٨٦ بالبكالوريا، كانت بتأهلو يدرس هندسة مدنية, و لكن محمد رفض يترك أهلو و أصر أنو يضل يرعى والدتو الخرسا, و والدو الشبه مقعد..

بس اصرار الأب و رجاء الام أجبرو محمد ياخود القرار و يروح يسجل هندسة مدنية بجامعة حلب..

من وصولو على حلب, بيجيه خبر وفاة والدتو اللي ضليت كل يوم اتصلي و تدعيلو الو و لأخواتو لحتى رب العالمين يحفظهون و ينجحهون..

وفاة والدة محمد كانت بمثابة دافع كبير لهالشب ليحقق حلم الحجّة و يصير مهندس تفرح فيه الدنيا كلها..

بيتعرف على مجموعة من الشباب من الدير و من ادلب و بيتفقو يتشاركو على أد مصرياتهون ببيت اجار يضبهون و يآويهون..

استأجرو بمنطقة قريبة عالجامعة بيقولولها بهالايام منطقة الميريديان.. بيت صغير من غرفتين رطبين ما بتدخلهون الشمس, و ريحة العفونة دايما منتشرة, بس مع ذلك قرر محمد و صديق عمرو سامرالدرعاوي و الشباب اللي معهون أنو يطولو بالهون و يدرسو و ينهو مأساة البيت اللي عايشين فيه..

ما كانوا بيعرفو لما استأجرو البيت مين جيرانهون.. لحد ما اكتشفو بعد بكم يوم أنو في رقّاصة عايشة معهون بنفس الطابق, و كل يوم بالليل بتستقبل ضيوف شباب ، بيدخلو محترمين و بيطلعو مشرشحين..

بحكم الجيرة, اتعرف سامر صديق محمد على هالفنانة, و صار في بيناتهون علاقة صداقة اتطورت مع الوقت لعلاقة حب و عشق و غرام..

ما كان هالمسكين سامر و لا رفقاتو بيعرفو شو اللي متخبالهون من ورا علاقة سامر بالرقّاصة..

المهم سامر و كعادة اي عاشق ولهان بتدّق فيه النخوة و بصير بيتناقر معها و يقاتلها على مين هدول وكيف وما بصير و أنا بغار و انا ما بتحمل … و ما راح اسمحلك

هي سمعت ما راح اسمحلك بتقرر تتخلص من هالوجع الراس و بتتصل بأكثر المقربين منها و أكثرههم نفوذا :

*حبيبي الحقني هدول الشباب عم يعاكسوني وما خلوني ارتاح و نام متل الخلق و العالم

بيوصل صديقها عنترة بسيارتو البيجو 504 المألوفة لكل أهل الحارة و بيكون مرافقو بهالموكب سيارة بيجو ستيشن من تاعون المخابرات..

بيطلعو العناصر بيداهمو بيت الشباب و بيلّمو هوياتهون و بيشحطوهون لعند المعلم اللي قاعد بالسيارة ناطر، و الرقاصة عم اتراقب كل هالاحداث من شباك غرفتها..

مين فيكون سامر؟؟؟ بيصرخ المعلم من جوّا السيارة..

لسا سامر ما كان لحق يقلو أنا, كان المعلم عم يفتش بالهويات و بتوقع بأيدو هوية محمد من مواليد حماة..

اشحطوه لهالكلب الحموي مع هالحيوان..

لما بيوصلو عالفرع و الخوف عم ياكلو لمحمد و كل الصور القديمة اللي شافها بحماة صارت تمر على راسو, كان بدي التحقيق..

بيتفاجأ بكم التهم الجاهزة و المحضرة لكل شب حموي, و بيتفاجأ أكتر انو المعلم اللي كان بالسيارة هوّة بنفسو بدو يحقق معو..

أصغر تهمة اتوجهت لمحمد كانت “حموي اخونجي”, و اتقل تهمة كانت عدم الانتساب للحزب القائد و محاولة زعزعة أمن الدولة..

بيستمر محمد و سامر بالاعتقال تلات سنين بأوامر من المعلم اللي كل كم يوم يبعت وراه لمحمد عالتحقيق و ما يناديه الا : يا حموي يا اخونجي..

تلات سنين مرو متل نوم العين, و بتجي أوامر الافراج عن محمد و الاحتفاظ بسامر بالمعتقل لارتكابو جرم معاشرة مومس المعلم..

بيقرر محمد يلتحق بجامعتو مرة تانية و يخلّص اللي بدي فيه من تلات سنين..

كان والدو هون لمحمد اتوفى و هوة بالمعتقل و لا قدر يشوفو و لا مرة و لا يزورو و لا مرة..

كل زملاء محمد القدام صارو بالسنة الرابعة و محمد مع ذلك مصّر أنو يرجع سنة اولى و يخلص الهندسة متل ما وعد والدو و والدتو..

بتمر سنين الجامعة متل الحلم و بيصير محمد سنة خامسة و على التخرج..

بهداك اليوم و احتفالا بالتامن من آذار و على حسب العادة, بيجمعو هالطلاب متل الغنم بالصالات منشان التصفيق و الهتاف لروح القائد الخالد, و الدعاء على كل المتآمرين على الوطن و قائد الوطن..

محمد قاعد عهالمدرج بانتظار الاحتفال اللي رح يبدي, و بتبلّش توصل الشخصيات الرسمية لألقاء الخطب الحماسية اللي باتشعل نفوس الأمة..

بعد ما خلص رئيس اتحاد الطلبة كلمتو, و بعد ما انهى امين فرع الحزب خطابو, قام المضيف ليقدم المسؤول التالت عالمنصة..

و الكلمة الآن لمدير أوقاف حلب الشيخ العالم صهيب الشامي..

بيطلع صهيب و اللفة عراسو سابقتو نص متر مع التصفيق الحار لكل الحضور تعبيرا عن التآخي الديني و الوطني بهالمدينة..

بيبدا الحديث الشيخ صهيب, و بيتغير لون وجهو لمحمد..

ولك يا حموي يا اخونجي..

ولك يا حموي يا اخونجي..

الصوت اللي ما ممكن ينساه بحياتو و لا ينسى الذل و القتل اللي اتعرضلو من صاحب الصوت ،المعلم رئيس الفرع, اليوم شايفو قدامو مدير أوقاف حلب و شيخ باللفّة عم يلقي كلمة مشايخ المدينة..

الحكمة:

إذا بدّك اتعاشر رقّاصة ،لازم تسمع كلامي..

اتأكد بالأول أنو مانها عشيقة صهيب الشامي..زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.