قراءة نقدية لأية .. ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )

النص :
الأية موضوعة البحث : ” أن الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سريع الحساب / 19 أل عمران ” .
أن الأية الواردة في أعلاه ، أراها تستحق النقد ، العقلاني والموضوعي ، وذلك لما بها من ألغاء تام ومطلق لباقي الأديان السماوية ، اليهودية والصابئة والمسيحية ، وتدل الأية على إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده ويقبله من أحد سوى الإسلام ، أولا ، سأسرد تفسير الأية ، ثم سأبين قراءتي الخاصة فخاتمة ثانيا ، فحسب المصادر والمراجع الأسلامية ، تفسير أبن كثير / نقل بتصرف ، جاء ما يلي (( أن الرسل ختموا بمحمد ، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد ، فمن لقي الله بعد بعثته محمدا بدين على غير شريعته ، فليس بمتقبل . كما قال تعالى : ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ” وهو في الآخرة من الخاسرين / آل عمران : 85 ” وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام : ” إن الدين عند الله الإسلام ” . وذكر ابن جرير أن ابن عباس قرأ : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام بكسر ” إنه ” وفتح ” إن الدين عند الله الإسلام ” أي : شهد هو وملائكته وأولو العلم من البشر بأن الدين عند الله الإسلام . والجمهور قرءوها بالكسر على الخبر ، وكلا المعنيين صحيح . ولكن هذا على قول الجمهور أظهر والله أعلم )) . ويبين بعض الأسلاميين ، أن كل دين غير الأسلام هو باطل ، ومن موقع صيد الفوائد / محمد بن شاكر الشريف – في مقال له بعنوان / إن الدين عند الله الإسلام ، يبين ما يلي : ( فإن الإسلام هو الدين الحق الذي يطلبه الله من عباده ولا يقبل منهم سواه ؛ إذ ما عداه من الدين باطل وضلال كما قال الله تعالى : ” إن الدين عند الله الإسلام ” ) .
القراءة النقدية :
1. الأية أتت لغويا عن طريق متكلم غائب أو مجهول ، أو لنقل عن طريق ضمير غير معرف ، هذا الضمير يقوم مقام الناصح أو المرشد أو الموجه ، والمتكلم في الأية ليس الله ، ويقوم هذا الذات المتكلم ، مهما كانت صفته ، بتبليغ المتلقي و موجها أليه بأن : ( أن الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) ، أذن هنا الله ليس هو المبلغ ! ، فالأية كما معلوم من بنائها النصي يقال بشانها : الكلام صفة المتكلم ، والمتكلم لو كان الله ، لكانت الأية جاءت بصيغة المتكلم الحاضر المباشر ، الذي هو الله ، ولكن الأية جاءت بغير ذلك .
2 . أن الله هو غاية نشأة الأديان ، وذلك لأن الأديان وجدت ليعبد أتباعها الله ، فلو كان حقا : ( أن الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) ، لما أوجد الله أديان أخرى ، ولم لم يكتفي الله بالأسلام فقط كدين أوحد ! .
3 . ويصر المعتقد الأسلامي بأسلمة الأنبياء والرسل ، بدأءا من أبراهيم ، الذي تواجد قبل السيد المسيح ب 2324-1850 سنة ، وهذه أشكالية كبرى ، علما أن أبراهيم هو شخصية محورية في الديانة اليهودية ، ويعتبر أحد بطاركة اليهود الثلاثة ، وقد جاء حول مكانته في موقع
www.wikiwand.com/ar
التالي ( لإبراهيم مكانة عالية من الاحترام في ثلاثة أديان عالمية كبرى هي اليهودية والمسيحية والإسلام . وفي اليهودية هو الأب المؤسس ، وهو يمثل العلاقة الخاصة بين الشعب اليهودي والله – وهو الاعتقاد الذي يستمد منه اليهود موقعاً فريداً باعتبارهم شعب الله المختار ، وفي المسيحية يذكر بولس الرسول أن إيمان إبراهيم بالله جعله النموذج الأول لجميع المؤمنين ، المختونين وغير المختونين ، وفي الإسلام ينظر إلى إبراهيم على أنه كان مسلماً وأنه الرائد الأول للمسلمين وما يعرف ب ” ملة إبراهيم ” .. ) ، وحتى الأية / موضوعة البحث ، تأخذ وضعها وسياقها الزمني ، نرى أن الأية التالية جردت بل ألغت عن النبي أبراهيم أي صفة مرجعية دينية وقرنته بالأسلام ، فقد جاء في موقع / أهل القرأن ، ما يلي : ( ملة الإسلام لم تبتدئ مع نزول الرسالة المحمدية …. ملة الإسلام ابتدأت مع سيدنا إبراهيم … وسبحانه انزل صحفا على سيدنا إبراهيم لا نعلمها ” مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .. آل عمران 67 ” ) ، وهذا تكريس لنهج الأية موضوعة البحث .

4 . والأية أيضا ، تدخل في تضادد وتقاطع مع أية أخرى ، وهي ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ / 3 أل عمران ) ، فكيف تقبل الأية موضوعة البحث عقليا ومنطقيا ، أذا كان الرسول نفسه ” مصدقا للتوراة والانجيل ” ! ، فمن جهة يصادق الرسول لكتابين لدينين محددين هما اليهودية والمسيحية ، بوصف كتابيهما ، ومن جهة ثانية ينكرهما !! ويعتبر ( أن الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) ، أذن أرى أن تغيير أحدى الأيتين لتتوافق مع الاخرى ، أجراء مطقي ، أو ، أن تنسخ أحداهما لتبقى الاخرى حتى يستقيم المعنى ! .
5 . الأية موضوعة البحث ، تقع في أشكالية مع المعتقد المسيحي ، فقد جاء في الأية التالية ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ، ومطهرك من الذين كفروا ، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون / سورة أل عمران ) ، فكيف يكون أتباع المسيح بهذه المكانة العليا و المميزة ” وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ” ثم يكون دينهم منكر وباطل ! .
6 . أشكالية أخرى مع المعتقد المسيحي ، كيف يكون السيد المسيح كلمة الله وروح منه ودين اتباعه على ظلال ، ومنكر عليهم دينه من الله نفسه ، والذي قال الله في القرأن عن المسيح أيات رفعته الى عليين ، حيث جاء في موقع
kalema.net/alahwahedfisalos/1×36.htm
(( يشهد القرآن بكل وضوح أن المسيح هو كلمة الله : 1- سورة النساء آية 171 : ” إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ” . 2 – سورة آل عمران آية 39 : ( إن الله يبشرك بيحيى ” أي يوحنا المعمدان ” … مصدقاً بكلمة من الله ) . 3- وقد فسر الإمام أبوالسعود ذلك بقوله ” مصدقاً بكلمة الله أي بعيسى عليه السلام …” ، إذ قيل إنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه . 4 – وقال السدى : لقيت أم يحيى أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى ، فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى، قالت ” أم يحيى ” إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك قوله تعالى ” مصدقاً بكلمة من الله” . / تفسير أبى السعود محمد بن محمد العمادي ص 233 )) ، فكيف يكون المسيح الذي له كل هذه الصفات السامية ، ( كلمة الله وروحه وتسجد له الانبياء ) ، ومن جهة أخرى ، نرى أن الله ينكر دين أتباع المسيح ، ويقول بنصه القرأني : ” إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ”

ختام :
أن الأية موضوعة البحث ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ ) ، خلقت الخلاف والاختلاف والتضادد مع المعتقدات الأخرى غير الأسلامية / سماوية كانت أو أرضية ، والذين يشكلون حوالي 6 مليار نسمة ، أضافة الى أنها أوجدت فكرا من الفرقة والرفض لكل ما هو غير أسلامي في الحياة الانسانية جمعاء ، وأوجدت أيضا بالنتيجة خطابا أسلاميا رافضا ولاغيا للأخر ، وهذه مشكلة دائمة في المعتقد الأسلامي ، ما دام العقل الأسلامي غير محرر من الأصل ، خاصة الأصل الديني الجامد ! .. مما سبق ذكره ، أرى أن الأية خلقت لدي تصورا فكريا معينا ، يتمحور ب : هل يوجد أكثر من أله فكري في القرأن : أله منطقي عقلاني ، منفتح متحضر ، متسامح روؤف ، مع باقي المعتقدات ، وأله أخر ، متعصب طائفي ، ماضوي الفكر ، لا يقبل أي مشاركة حياتية مع الأخرين على الأرض ، ألا من شهد ب : ( لا أله ألا الله محمد رسول الله ) ! .

About يوسف تيلجي

باحث ومحلل في مجال " نقد النص القرأني و جماعات الأسلام السياسي والمنظمات الأرهابية .. " ، وله عشرات المقالات والبحوث المنشورة في عشرات المواقع الألكترونية منها ( الحوار المتمدن ، كتابات ، وعينكاوة .. ) . حاليا مستقر في الولايات المتحدة الأميريكية . حاصل على شهادتي MBA & BBA .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

2 Responses to قراءة نقدية لأية .. ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )

  1. س . السندي says:

    ١: ما يجهله الكثيرون أن هذه ألاية دخيلة على القران وهى في الغالب من صنع معاوية ؟

    ٢: إذا افترضنا أنها تنزيل من اله محمد فكيف يناقض هذا الاله قوله { إن الدين عند الله الحنيفية …} ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    قليل من العقل والتفكير والتحليل تتوضح الكثير من الامور ويستنير كل ذي عقل عليل وضمير ، سلام ؟

  2. جابر says:

    ولهذا أيها الإخوة الأعزاء لا يمكن إصلاح الاسلام الا بإلغاء تلك الآيات العنصرية. الدين عند الله الاسلام، وكنتم خير أمة اخرجت للناس، وأنتم الاعلون مما يبرر اعتداء المسلمين على بقية الاديان. اني اتعجب من مؤتمرات حوار الاديان من الأفضل تسميتها حوار الطرشان، كيف تحاور مسلم متزمت وهويشعر بان الله فضله على بقية الناس

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.