قراءة فى موقف المسئولين المحليين من قضية الكرم

amirmagdyاحترت من أين أبدأ الحديث ولكنى لم أجد نقطة انطلاق أفضل من سيدة الكرم نفسها بطلة الحدث السيدة البسيطة الشجاعة وهى تحكى مأساتها عبر الاثير لأستقى من حديثها قراءة ما حدث.ان أبسط متابع للوقائع الاجرامية التى دارت راحاها فى هذه القرية حتما سيلفت نظره أداء المسئولين المحليين هناك وسيندهش من مستوى ادائهم الادارى والسياسى وربما ينفعل عندما يدرك ان الدولة تنتظر من هؤلاء حل الازمة وادارة الموقف وتطبيق القانون. وربما يطرح الاسئلة العديدة حول كيفية اختيار هؤلاء المسئولين وعن مؤهلاتهم لتمثيل الحكومة فى هذه الرقعة من الارض ويمكن ان يصل الى ابعد من ذلك عند مطالبته اقالة او محاكمة بعضهم. ان حادثا بشعا كاعتداء مجموعة من المسلحين على منازل جيرانهم الامنين وحرقها نهارا والتوجه الى منزل السيدة لضرب زوجها وجرها وتجريدها من ملابسها ليلا سيقوم بتقسيم وتبويب الجميع تلقائيا الى جانى ومجنى عليه. وبالتالى وبشكل طبيعى وذاتى سيصبح الفريقين طرفى نزاع قانونى يفرض للواحد حقا ويفرض على الاخر جزاءا. فهذه ليست الا صورة الموقف السياسية التى يجب ان يتعامل معها المسئولين بعيدا عن اى خلفيات دينية او عرفية. ولكنك ستجد المسئول فورا يهرع الى عبارات مريبه من عينة ” احنا كلنا اخوات ” و”كلنا مسيحى ومسلم عايشين مع بعض” وعلى بعد جملة واحدة ستجد تصريحا متكررا بعنوان “مش عاوزين نكبر الموضوع” وهذه التصريحات تدلك فورا على تواضع وضحالة مستوى المسئول بقدر ما تدلك على غباء وجهل من اختاره للمسئولية. فقطعا الطرفين هنا ليسوا ” اخوات” بل مجرم وضحية فلا يمكن التسوية بينهم ولا يمكن قبول محاولة تحويل خلافهم القانونى الى خلاف عائلى “بين اخوات” يمكن ان ينتهى بشكل عاطفى درامى فى جو من الاحضان والقبل. ولكن كل ماسبق من تصريحات ليست الا محاولة المسئول لتهريب الجانى وتضيع لحق الضحية . بيد انك ستصادف تصريح رسمى اخر ينكر الاعتداء على شرف السيدة العجوز لننتقل من محاولة تحويل المجرم والضحية “اخوات” الى انكار بعض الاحداث وأنا أتسال هل يجرؤ المسئول أن ينكر واقعة أكدتها السيدة نفسها وصرحت بها بنبرة اهتز لها وجدان الجميع .الم يسمع المحافظ انين السيدة وهى تقول ” يضربونى مش مشكلة لكن يهينوا عرضى كده قدام الناس؟؟!!” جملة كهذه بلهجة سيدة عجوز كهذه يجب ان تجعل ذلك المسئول ينتبه لدوره ويعرف انه ليس جهة اعلان حقائق واصراره المستميت على انكار ما تؤكده السيدة قبل التحقيق من الجهات المختصة يجعله من حكم فى الموضوع الى خصم وحكم فى نفس الوقت . فالانكار سقطة خطيرة لزمرة المسئولين تجعلهم فى صف المجرمين وضد الضحية وغير صالحين للمسئولية ومسيئن للدولة بسلوكهم المراهق الذى يضعها فى خصومة مع سيدة عجوز مكلومة. غير انك ستفاجئ ان السيدة ذهبت الى الشرطة قبل الواقعة وبعد حملة نهب المنازل صباح الجمعة وقبل واقعة التعدى عليها فطردها رجال الشرطة وقالوا لها “انتى عاوزة تعملى فتنة طائفية ” فهى التى دخلت تبلغ عن فتنة طائفية فخرجت متهمة بالفتنة الطائفيه لننتقل الى مرض اخر هوتحويل الضحية الى مجرم أومتهم أى محاولة قلب طرفى النزاع السالف ذكره وتبديل الادوار وهذا نفس ما اتبعه مسئول اخرهو المسئول الامنى الرسمى داخل القرية ويعرف “بالعمدة ” فى مداخلة هاتفية لاحد البرامج كان طرفها الاخر هو الانبا مكاريوس اسقف ابو قرقاص ومحورها الاساسى هو تحميله المسئولية اذا استمر فى الاصرارعلى اللجوء للقانون مع الفارق الخطير ان النزاع قفز الى مستويين أخرين وهما الجهة الدينية الرسمية وجهات الدولة الرسمية أى نزاع مؤسسى . ان الترجمة الحرفية لاتهام الضحية بالجريمة والتهديد بالعقاب الجماعى لقبول الامر الواقع والخضوع للقضاء العرفى خلف ستار القانون هو ارهاب دولة بنمط نموذجى. فضلا عن انه يستبعد المواطن من المشهد ليستدرج رجل الدين لحلبة الصراع القانوى والسياسى مما يجبرك ذاتيا على وضع ابعاد طائفية للقضية واخراجها من طبيعتها الاساسية انها نزاع قانونى بين شخصين الى نزاع طائفى بين طرفين وهى السقطة الخامسة للمسئولين التى توصم الدولة بانها تلقى الكرة دائما فى الملعب الطائفى وتصنع الازمات الطائفية بشكل محترف. واخيرا وهو ما يعلمه الجميع تبنى نظرية المؤامرة تلك النظرية الفاشلة لالقاء المسئوليه على الاخرين والتغطية على ادائهم المتدنى او المتعمد واهم سيناريوهات المؤامرة طبعا هى تسيس النزاع وتحميل الارهاب السياسى مسئولية هذه الاحداث واذا كان ذلك كذلك فلا يجب ان نستبعد هؤلاء المسئولين من اتهامهم مع اخوانهم فى الارهاب السياسى ايضا لان الهدف مشترك الان والخلاف فقط على السلطة وقطعا ليس لدينا شك ان الجميع رضع من نفس الدبة .
هل لنا الان الذكاء وبعد النظر لنكتشف ان هؤلاء المسؤولين ينقلون للمواطن مشاهد حية مباشرة عن صورة الدولة تتلخص فى أنها تعيش فى مرحلة بدائية من تطورها السياسى وانها مازالت تعيش فى طور القبيلة وتسلك بعيدا عن الرشد السياسى اذ تعتبر ان المجتمع كأنه أسرة واخوة وبالتالى تعالج المشاكل باسلوب الجلسات والمصالحات وتطيب الخواطر بعيدا عن القانون. فضلا عن صورة اخرى وهى وضع الدولة فى خصومة مع الضحية باصرارهم على انكار الاحداث أو تحريفها الامر الذى معه تستحيل المواجهة ويضيع معه الحق والعدل. زد على ذلك ما يتبادر الى المشهد بان الضمير السياسى المصرى انفطر على الدياليكتيك الطائفى وان الدولة هى التى تحول الحدث والخلاف الى مشكلة طائفية وتستدرج الموسسات الدينية لمواجهة خطيرة طرفها القبطى خاسرومظلوم لامحالة. اضف لذلك أن أسلوبهم فى اتهام وتهديد الضحية هو بلاشك ارهاب دولة وانحياز مستفز للطرف المتهم لا يمكن السكوت عليه ولا قبوله وخاصة فى مجتمع توالت عليه ثورتين.ان النيجة النهائية لسلوك المسئولين المحليين هى ان الدولة متطرفة ومنحازة وتدفع الدفة باتجاه الدولة الدينية وتقوض مبدأ المواطنة وهى عاجزة عن الاعتراف بقانونية النزاع بين مسيحى ومسلم بل دائما تقلبه الى نزاع عرفى او الى نزاع طائفى او الى نزاع سياسى وكانها ترفض المساواة والاعتراف بحقوق القبطى!!! فهل للدولة الان أن تؤكد برائتها من هؤلاء المسئولين أو تؤكد صورتها المشوهة من خلالهم؟؟

About امير مجدي

كاتب ومفكر مهتم بالفكر العلمانى ونشر افكار التنوير والديمقراطية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to قراءة فى موقف المسئولين المحليين من قضية الكرم

  1. جورج says:

    للفعلا كل تحليلك لموقف الدوله من الأقباط والجناةهو سليم جدا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.