في الذكرى ال 450 لمولد شكسبير

هاملت … بطل ومفكر لكل العصور

sheakspear

ويليام شكسبير 1564 – 1616

عبدالله حبه – موسكو

في عام 2014 يحتفل في العالم أجمع بذكرى مولد الكاتب والممثل والشاعر المنشد الالجيزي وليام شكسبير (1564 – 1616 )، التي صادفت في يوم 23 ابريل وهو يوم وفاته أيضا. وشاهد الجمهور في هذا اليوم من عام 2014 في لندن عرض مسرحية “هاملت” على خشبة مسرح “ميدل تمبل هول” التي قدم فيها شكسبير في عام 1602 عرض ” الليلة الثانية عشرة “. وفي 27 ابريل الماضي توجه مسرح “جلوب” من لندن في جولة فنية تستغرق عامين يزور خلالها العديد من البلدان، منها هولندا والمانيا والنرويج والسويد وفنلندا واوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا، وكذلك بلدان البلطيق يقدم خلالها اهم عناصر ربرتوار المسرح الشكسبيري تقريباً.
والجدير بالذكر ان المسرح العراقي لم يعرف شكسبير في الفترة الاولى من نشوئه الا في محاولات مدرسية ساذجة، مثل تقديم مسرحية “يوليوس قيصر” من اخراج حقي الشبلي في معهد الفنون الجميلة في الخمسينيات، ومشروع جاسم العبودي لاخراج “هاملت” بطولة كارلو هارتيون، لكن لم يتحقق مشروعه بالرغم من اجراء البروفات وتصميم الديكورات. ثم قام حميد محمد جواد بإخراج ” هاملت” في المعهد المذكور ايضا في اواسط الستينيات بإسلوبه الميال الى التضخيم والتفخيم، لكن بدون فكرة رئيسية للعرض. ولابد من الاشارة الى اخراج سامي عبدالحميد لمسرحية ” هاملت عربيا”، حيث ابقى على النص واستبدل الازياء فقط وجعلها عربية. وتدور احداث المسرحية في الصحراء، كما حذف مشهد الشبح . وقد اعتبر الناقد فاضل خليل ان سبب الحذف هو تأثر المخرج بالمسرح الروسي الذي لا يؤمن بالغيبيات. وهذا غير صحيح طبعا . فإن مسرحية “هاملت” قدمت في العهد السوفيتي وقبله، وتقدم اليوم في المسارح الروسية بحضور مشهد الشبح الذي يعتبر اساسياً في اي عرض للمسرحية. وهناك أيضا محاولات صلاح القصب التي تناولت ايضا اعمال شكسبير ومنها “هاملت”، حيث اخذ المخرج حريته ايضا في التصرف بالنص. لكن هذه المحاولات لم تترك اثراً في الحركة المسرحية العراقية اجمالا. فهي كانت اما محاولة اسباغ صفة محلية او اقليمية على النص او تسخيرها لتوجه سياسي معين وهلمجرا. كما فعل الشئ ذاته خزعل الماجدي وهادي المهدي في التصرف بحرية مع نص “هاملت”، مما ابعدته عن الفكرة الاصلية لشكسبير التي تجسد النزعة الانسانية لعصر النهضة. واخيرا اخرج مناضل داود في عام 2010 “روميو وجولييت” باللهجة العراقية. ويمكن القول ان النص المسرحي في هذا العرض لا علاقة له بشكبير على الاطلاق. بيد انها قُدمت في المهرجان الشكسبيري في ادنبره لمجرد ان تسمية المسرحية ابقيت على حالها. ان المختصين بدراسة شكسبير تحدثوا كثيرا عن الجانب الفلسفي والانساني في ابداعه ، وهذا ما يفتقد اليه المسرحيون العراقيون في التفكير بهذا الجانب من ابداع المؤلف بالدرجة الاولى.
اذن ان المسرح العراقي لم يعرف شكسبير الحقيقي الذي تعرفه البلدان المتحضرة. واليوم بعد “تراجع” المسرح العراقي، لا يمكننا الحديث عن وجود لشكبير على خشبة المسرح العراقي، بالرغم من انه يعتبر احد العمالقة الذين وضعوا أسس الادب المسرحي العالمي. لكن يبدو ان مسيرة المسرح العراقي بقيت منذ البداية بعيدة عن ابداع عبقرية شكسبير وغيره من عمالقة المسرح العالمي بسبب ضعف المسرح العراقي اولا ، وثانيا لعدم وجود جمهور يتذوق المسرح كفن ويفضل مسرح التسلية الهابط نظرا لنسبة الأمية العالية في البلاد وعدم اهتمام السلطات بتطوير الثقافة عموما.
اما الاحتفال بيوبيل شكسبير على الساحة الروسية، فانه يتم كما في بقية العالم حتما بعرض مسرحية ” هاملت” ذات المكانة الخاصة في ابداع شكسبير. ويتخذ الاحتفال مظاهر متنوعة من اخراج مسرحياته واعداد عروض خاصة يوبيلية . فسيقدم مسرح “جلوب” الشكسبيري عرض “هاملت” باخراج مدير المسرح دومينيك درومغول في يومي 13 و14 مايو على خشبة مسرح ماياكوفسكي في موسكو. بينما يكرس مسرح ايتسترا اسبوعا كاملا الى اعمال شكسبير. ويعيد مسرح موسكو الفني بقيادة اوليج توباكوف تقديم ” هاملت” الى جمهوره. كما يقدم مسرح الامم بموسكو عرضاً خاصاً بعنوان ” شكسبير . المتاهة “، ويرمز الى ان ابداع شكسبير الدرامي والشعري يشبه قصر التيه اذا دخله المرء لا يجد مخرجا منه. ويشارك في العرض فنانون من مختلف المسارح وصمم الديكور خصيصاً لكي يخلق اجواء مسرحيات شكسبير من رفوف فيها قوارير السم الى الدماء فوق الجدران وشبح والد هاملت وحتى شكسبير نفسه جالساً وراء طاولة ومنهمكاً في التأليف. وتقدم اعمال شكسبير في هذا العام في جميع مسارح روسيا.

سموكتونوفسكي بدور هاملت

سموكتونوفسكي بدور هاملت

ان الاساس الفلسفي لابداع شكسبير يتمثل في النزعة الانسانية لعصر النهضة. ولهذا فان المؤلف يرفض في كافة مسرحياته البالغ عددها 37 مسرحية جميع اشكال الظلم الاجتماعي سواء في نظام الاقطاع ام في زحف البرجوازية الوليدة في تلك الفترة. ويظهر ذلك متمثلا في الشخصيات الايجابية من ابطال مسرحياته التراجيدية مثل هاملت وعطيل او لير، أو السلبية مثل ريتشارد الثالث وياجو وماكبث. والنزعة الانسانية لدى شكسبير تتجسد في شخصية المحارب والمناضل والفيلسوف الذي يؤمن بانتصار الحقيقة والانسانية في نهاية المطاف. علماً ان فترة تعليم شكسبير في مدرسة الدراما في مدينته ستراتفور- على – ايفون تركت آثارا عميقه في عمله الادبي. فهناك درس شكسبير اللغة اليونانية وعلم المنطق والفصاحة والادب اليوناني القديم والميثولوجيا، إضافة إلى اعمال الكتاب اليونانيين والرومان التي استمد منها بعض مواضيع مسرحياته. علما ان الفترة الاولى من ابداعه (1590-1600)، تتسم بالتفاؤل انطلاقا من ايمانه بان الخير يميز الطبيعة البشرية، ولهذا سينتصر على الشر في نهاية المطاف. وفي هذه الفترة كتب شكسبير غالبية مسرحياته الكوميدية المترعة بالبهجة والضحك والمزاح والحب الشاعري. اما الفترة الثانية من ابداعه فهي التراجيدية (1600-1608)، حيث كتب المسرحيات التراجيدية ” هاملت” و”عطيل ” و” الملك لير”. ويظهر الكاتب فيها ان قوى الشر تسيطر على العالم. ويلقى ابطالها جميعا مصيرهم المحتوم – الموت الفاجع. اما في الفترة الرومانسية (1608-1612) التي كتب فيها “حكاية شتوية ” و” العاصفة” و”هنري الثامن”، فيترك الكاتب لخياله العنان ويجد الحلول من مشاكل الواقع في الاحلام والخيال، وتنتصر فيها الحكاية ذات النهاية السعيدة.
قلت ان مسرحية “هاملت” ذات مكانة خاصة في ابداع شكسبير. وبطلها لا يبحث عن الثأر كما يبدو للوهلة الاولى، بل يريد ان يفهم اسباب الشر السائد في العالم وان يدرك مغزى هذا العالم. وسلاحه هو الفكر وليس السيف. وتكمن قوة هاملت في جرأته وتوقه الى المعرفة. ان هذا المغزى وجد له تفسيرا في اعمال الكثير من الفنانين الذين مثلوا او اخرجوا المسرحية على امتداد اربعة قرون ونصف. ويعرف تاريخ المسرح كبار الفنانين الذين ذاع صيتهم في اداء دور الامير الدانماركي هاملت مثل الايطالي تومازو سالفيني والانجليز ريتشارد بيربدج (رفيق شكسبير) وادموند كين وهنري ايرفينغ وجون جيلجود ولورنس اوليفييه وبول سكوفيلد والروس بافل ماتشالوف وفاسيلي كاتشالوف وميخائيل تشيخوف واينوكينتي سموكتونوفسكي وفلاديمير فيسوتسكي. ويقول المخرج السوفيتي الشهير غيورغي توفستونوغوف ان كل جيل يقدم هاملت بإسلوبه الخاص. وهكذا نجد في فترة كل عشر سنوات شخصية هاملت جديدة تعبر عن اسلوب تفكير الجيل وطراز حياته. وفي العقود الاخيرة من السنين، شاعت موضة تقديم الاعمال الكلاسيكية بملابس واجواء العصر الحديث. وطالت هذه الموضة اعمال شكسبير ايضا. ولهذا نرى في بعض العروض شخصية عطيل بملابس افراد الجيش الامريكي بالخوذة وبيده بندقية رشاشة بينما تبدو ديزدمونة مرتدية الصديرية الواقية من الرصاص كما في عرض مسرح “جلوب” الانكليزي . اما هاملت فيرتدي الجينس ويحمل الجيتار ويغني كما في عرض مسرح “تاغانكا” الموسكوفي. بينما قدمت مسرحية “جعجعة بلا طحن” في مسرح بوشكين في موسكو وابطالها يرتدون ازياء الجيش الروسي ويرقصون ويؤدون الالعاب الاكروباتية ويغتصب احدهم فتاته امام الجمهور. وقد شاعت هذه الموضة في الاعوام الاخيرة وصار المخرجون يقلد احدهم الآخر في هذا المضمار. واعتقد ان هذه الموضة لن تستمر طويلا. فان كبار المخرجين الروس يعيدون الى الاذهان أصول الفن المسرحي ونشأة الدراما بكونها انسجاما بين النص والاداء، وليس مجرد مؤثرات مسرحية شكلية. وكما قال المصلح المسرحي الروسي فلاديمير نيميروفتش – دانشنكو احد مؤسسي مسرح موسكو الفني : “يكفي ان يظهر ممثل في ساحة المدينة ويضع بساطا يقف فوقه ويبدأ بألقاء نص واداء حركات لكي ينقل المشاهدين الى عالم المسرح السحري ، بدون ازياء وديكورات ومؤشرات”. ويميل اناتولي فاسيلييف صاحب الاتجاه التجريبي في المسرح الروسي الى التجريد، ويحاول عدم التقيد بالفترة الزمنية لأحداث الرواية ويعمد الى اعداد تصاميم ازياء يمكن نسبها الى كافة العصور وليس الى العصر الحاضر. علما انها يجب ان تؤدي دورها في خلق اجواء العرض ومساعدة الممثل في اداء دوره بحرية. وهذا ما يفعله مريدوه في مسرح الفن الدرامي التجريي بموسكو اليوم. ويبقى الممثل في هذا المسرح بصفته عنصرا اساسيا في العرض، وليس دمية يلعب بها المخرج كما يحلو له.
لقد كان مصير مسرحية هاملت في الاتحاد السوفيتي خلال الفترة الستالينية مأساويا مثل مصير بطلها نفسه. لأن الزعيم السوفيتي يوسف ستالين ربما كان يعتبرها تافهة وتبعث على النفور لديه لأنها تذكره بواقع المثقفين السوفيت الذين كان لا يثق بهم . ولهذا لم تقدم ” هاملت” في المسارح الكبرى في موسكو وليننيغراد وكييف وغيرها على مدى 30 عاما تقريبا. وبعد وفاة ستالين في عام 1953 بدأت في عام 1954 البروفات على مسرحية “هاملت” في عدة مسارح كبرى. ففي موسكو عمل نيقولاي اخلوبوكوف في مسرح ماياكوفسكي باخراج مبتكر للمسرحية، كانت الستارة فيها عبارة عن بوابة كبيرة لحصن وتفتح نوافذ فيها تجري الاحداث داخلها بين هاملت وامه وهاملت في المقبرة وهاملت يتلو مونولوجه الشهير “اكون او لا اكون” وهلمجرا. وكانت فكرة المخرج الرئيسية كما قال نفسه هي ” الدانمارك سجن كبير” يجب تحرير السجناء فيه. اما هاملت فهو “طفل” برئ يريد الحفاظ على طهارة النفس في عالم قذر. وعندما شاهدت هذا العرض في الستينيات ذهلت اكثر من اي شئ آخر لاداء الممثلين ومنهم البطل هاملت الذي قام به ادوارد مارتسيفيتش ذي المسحة واداب السلوك الارستقراطية. علما انه قام بالدور فور تخرجه من معهد شيبكين المسرحي، اي كان في عمر هاملت. وفي تلك الفترة كانت تعمل مع اخلوبوكوف في مسرح ماياكوفسكي مجموعة من الممثلين اختارهم بنفسه ويتميزون بالالقاء الرائع وبجمال الحركة والقدرة على الانسجام مع بعضهم البعض. اما في لينينغراد فعمل جريجوري كوزينتسيف في مسرح بوشكين على اخراجها باسلوبه الواقعي المتميز. وفي هذا العرض يختتم مشهد موت هاملت الاخير ببعثه الى الحياة من جديد امام خلفية نور ازرق، لكي يتلو احدى سونيتات شكسبير التي يقول فيها ان سطورها ستبقى خير نصب يذكر الناس به. ويبدو ان القصد كان ان الابداع يمنح الانسان صفة الخلود. علما ان كوزينتسيف عاد الى مسرحيات شكسبير لاحقا باخراجها على شاشة السينما لأنه كان مولعا ومتضلعا بإبداع شكسبير باعتراف جميع النقاد . فأخرج بأروع شكل ” الملك لير” و” هاملت”، وفاق في ذلك حتى افلام الايطالي دزفيريللي صاحب فيلم ” روميو جولييت” وغيره من الافلام المأخوذة عن مسرحيات شكسبير. والحقيقة ان سموكتونوفسكي أدى دور هاملت في فيلم كوزينتسيف بشكل اثار اعجاب حتى الانكليز لدى عرضه في لندن لاحقا. ويعتقد الكثيرون ان هناك تشابها كبيرا بين هاملت وسموكتونوفسكي ودوره في الأمير ميشكين في فيلم ” الابله ” المأخوذة فكرته من رواية دوستويفسكي الشهيرة بهذا الاسم. فهو فعلا ساذج وطيب السريرة ويصدق الآخرين . ولكن هاملت في مشهد العزف على المزمار يقف قائلا بحزم :” لا يمكنكم ان تعزفوا بي كما في هذا المزمار”. اما فلاديمير فيسوتسكي فقد قدم في مسرح تاجانكا وباخراخ يوري لوبيموف شخصية أخرى لهاملت الغاضب والثائر على جميع شرور المجتمع المتمثلة بحاشية البلاط.
من المعلوم أن مسرحية “هاملت” اخرجت في المسرح الروسي كثيرا قبل العهد الستاليني. ففي عام 1911 قدمت على خشبة مسرح موسكو الفني من قبل المخرج الانجليزي ادوارد جوردون كريج الذي دعاه ستانيسلافسكي خصيصا لأخراجها في محاولة منه لضخ دم جديد في المسرح بعد ان اصابه الركود في المجال الفني لافتقاره الى النص المسرحي الجيد بعد وفاة الكاتب انطون تشيخوف. حقا ان كريج كان من انصار التجريد الفلسفي، وكان ينظر الى عرض “هاملت” بصفتها مسرحية الممثل الواحد . ولهذا لم يهتم البتة سوى بشخصية هاملت. وادخل كريج في العرض لأول مرة التصميم التجريدي لديكور المسرحية. طبعا ان هذا اصاب ستانيسلافسكي وافراد الفرقة من ذوي الاتجاه الواقعي بخيبة أمل كبيرة. ولهذا لم يستمر عرض المسرحية فترة طويلة، وسرعان ما ألغيت من البرتوار. وفي عام 1924 اي بعد قيام ثورة اكتوبر قدم ميخائيل تشيخوف “هاملت” بإسلوب اكاديمي جامد أثار استياء المخرج الكبير فسيفولود مييرهولد في حينه، لأنه ركز على الجانب الغيبي واظهار الشبح بصفته أحد العناصر الرئيسية للعرض. وكان مييرهولد يستعد نفسه ايامذاك لاخراج “هملت” في المسرح الجاري تشييده عندئذ خصيصا من أجله والذي كان يخلو كليا من الستار، وتجري الاحداث في القاعة مع الجمهور. وقد سافر مييرهولد الى باريس خصيصا لكي يطلب من بيكاسو اعداد التصاميم، بينما كلف الملحن شوستاكوفيتش بتأليف الموسيقى من اجل العرض. ولكن مييرهولد تعرض للقمع والموت في معسكر الاعتقال ( لا يعرف مكان قبره حتى الآن )، حين اعتقل بتهمة التجسس لصالح اليابان التي لم يزرها في حياته أبدا. وبقيت في المتحف التصاميم التي اعدت خصيصا من اجل هذا العرض.
ومن مفارقة القدر ان الدوائر الثقافية الرسمية السوفيتية وضعت شكسبير في تلك الفترة بمثابة “الايقونة “، لأنها اعتبرت نفسها وريثة القوانين الفنية التي ابدعها شكسبير ومفاهيم عصر النهضة. ولهذا كانت تقدم اعماله الاخرى ولا سيما الكوميديات في جميع مسارح البلاد، وكان شكسبير من اكثر المسرحيين غير الروس شهرة هناك. بينما ابعدت مسرحيتا “هاملت” وكذلك “ماكبث” من الربرتوار نهائيا ولم يتجرأ اي احد من المخرجين على تقديمها آنذاك التي تظهر الغدر بالمقربين من اجل شهوة السلطة. واعتقد ان صدام حسين كان سيمنعها ايضا لهذا السبب لو فكر أحد بتقديمها في العراق. وقد ذاعت شهرة الممثل استوجيف في دور عطيل والممثل ميخويلس في دور الملك لير.

لقد كتب الكثير عن “هاملت” شكسبير. وفكرة مسرحية ” هاملت ” مقتبسة عن اسطورة شاعت في القرون الوسطى وتحولت بقلم شكسبير في عام 1601 الى قصة الامير “هاملت”، التي تصور في الواقع مجتمعه في تلك الفترة، انها عكست مأساة النزعة

 لورنس اوليفييه بدور هاملت

لورنس اوليفييه بدور هاملت

الانسانية في ذلك العصر. وجسد الامير هاملت شخصية الانسان الذي اصطدم بواقع لا انساني. علما ان الرغبة في الانتقام لمصرع ابيه بشكل غادر بمؤامرة دبرها عمه ليست رغبة عادية. فهو يعتبر ذلك واجباً يملي عليه النضال ضد الشر. أي ان فكرة المسرحية تعكس مهمة تاريخية كبيرة وصعبة. إن هاملت متردد ويتباطئ في تنفيذ خطة الانتقام مما يبعث على الاعتقاد بأنه ضعيف الارادة ويتسم بطبيعة تجعله كالمفكر والمراقب للاحداث وغير القادر على العمل الحازم. ولكنه يظهر في نهاية المطاف العزم وفوران الاحاسيس المميزة لابطال عصر النهضة. ولم يكن له صديق غير الطالب هوراشيو الذي كان يأتمنه على اسراره. بينما كان ينفر من جميع رجال البلاط الآخرين. وحتى فتاته اوفيليا، تبقى بعيدة عن عالمه ذي الفكر الفلسفي. ويبدو هاملت كرجل غريب الاطوار او يتظاهر بذلك، لكنه حاد الذكاء ونافذ البصيرة. ولهذا تبدو في المسرحية فكرة الثأر لمقتل ابيه عديمة القيمة. وتبرز بدلا منها القيم الانسانية الاخرى التي يقدمها المخرجون حسب ما يمليه عليهم مستوى ثقافتهم وخيالهم وقدراتهم الابداعية. ولهذا لم يكن من قبيل الصدف ان تحدث غيورغي توفستونوجوف كبير مخرجي المسرح الدرامي الكبير في ليننيغراد عن ان كل جيل يقدم ” هاملت” وفقا لتصوراته. وخلال العقود الاخيرة قدمت ” هاملت” في مسارح روسيا عشرات المرات ولا يخلو اي ربرتوار مسرحي منها اليوم.
موسكو ، 2 مايو 2014

About عبدالله حبه

ولد عبدالله محمد حسن حبه في بغداد وفي محلة صبابيغ الآل عام 1936. انهى الدراسة الابتدائية في المدرسة الجعفرية والمتوسطة في مدرسة الرصافة المتوسطة في السنك والثانوية في الاعدادية المركزية. وانهى الدراسة الجامعية في كلية الآداب فرع اللغة الانجليزية. أنهى معهد الفنون الجميلة فرع التمثيل. وحصل على بعثة لدراسة الدكتوراه في الاتحاد السوفييتي ونال الشهادة من معهد غيتيس للتمثيل في منتصف الستينيات. في بداية مشواره الفني مارس الرسم لعدة سنوات، إلى جانب كتابته للقصة. وأصدر مع صديقه القاص منير عبد الأمير مجموعة قصصية تحت عنوان "الحصان الأخضر" في بداية الخمسينيات من القرن الماضي. عمل في الصحافة الفنية وتحديداً في مجلة السينما التي كان يصدرها الفنان كاميران حسني في الخمسينيات من القرن الماضي. ثم انتقل للعمل في المجال المسرحي، وفي البداية مع الفنان جعفر السعدي ثم الفنان جاسم العبودي ثم انتسب الى فرقة المسرح الحديث قبل سفره الى الاتحاد السوفييتي عام 1960. شارك في التمثيل في الجامعة وفي اخراج عدد من المسرحيات في كليان بغداد، كما شارك في التمثيل في عدد من المسرحيات وفي تصميم الديكورات والمكياج للفرق التي عمل معها في تلك الفترة. ومنذ منتصف الستينيات توجه للترجمة من اللغة الروسية في موسكو،وترجم للعديد من فطاحل الأدب الروسي الكلاسيكيين والمعاصرين. عمل في وكالة تاس في موسكو وفي عدد من الصحف الصادرة ياللغة العربية في موسكو وفي عدد من البلدان العربية، ثم عمل لفترة في تلفزيو روسيا باللغة العربية، وعاد الآن للعمل في وكالة تاس.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.