عن (هوايش) ايام زمان وحمير اليوم

محمد الرديني

كتبت ذات مرة عن حمار ايراني تاه في الصحراء الفاصلة بين العراق وجارتها ايران وكيف القت شرطة الهجانة العراقية القبض عليه في ايام الباشا نوري السعيد وكيف مات جوعا بعد ان رفض وزير المالية آنذاك صرف مخصصات علف له لعدم وجود ما يشير الى ذلك في ميزانية الدولة ولكن الشرطي الذي كان يطعمه على حسابه الخاص اطلق سراحه مرة اخرى في الصحراء ليدبر اموره بعد ذلك.
تذكرت هذه القصة ،وهي موثقة في كتب رسمية مازلت احتفظ بها، وانا اقرأ بيان جمعية الحمير في دولة كردستان( الاقليم سابقا) الذي صدر امس.
كان بيانا شديد اللهجة ومفعم بلواعج الألم والحسرة رغم ما يكتنفه من تنديد في بعض الاحيان.
الا ان الغريب في الامر هو الهجوم الذي شنَ على فصيلة الأبقار(الهوايش) التي لاتربطها مع الحمير اي رابطة نسب.
فقد جاء في البيان الذي صدر امس وساهم في تحريره احد الصوفيين “ان التسيب الذي يلف حكومة العراق بلفاف الاستهتار من هذه الثروة الحيوانية(نقصد الابقار) وعدم انتباه المسؤولين الى تسربها الى ايران فرادى وجماعات قد جعل اسعار اللحوم العراقية غالية على البشر المستهلكين لها رغم قلتهم.
واضاف البيان: ان بعض المسؤولين(كالعادة لم يشر الى اسمائهم لأنهم مقربون) ساهموا ومازالوا يساهمون في اطلاق العنان للهوايش العراقية لتتجه الى ايران بعد استلام المعلوم بالتومان من تجار الدولة المجاورة جدا.
واشار الى: ان هؤلاء المسؤولين قد عينوا نقاطا لتسلل هذه الابقار ليلا من موطنها الاصلي (نقصد العراق) الى بلد الجوار.. وهذه النقاط هي مدينة.. بلد في محافظة صلاح الدين ،عين كاوه في مركز الاقليم، منفذ الصالحية في شمال الموصل، خور الزبير وحديقة السندباد في البصرة، واخيرا منفذ مركز ديالي الحدودي.
ومن المؤمل ،حسب البيان، ان تفتتح مراكز اخرى لنفس الغرض.
وصاح البيان: اننا اذ نلفت انتباه تجار اللحوم العراقيين الى هذه الظاهرة الفريدة نطالبهم باعادة الاعداد البقرية التي فرت من العراق واسترجاع حقوق جميع الحيوانات واذا لم يلب طلبنا فاننا سنعمل على تأسيس منظمة حمير بلا حدود يكون هدفها الاول ارجاع قوافل الهوايش الى مكانها الاصلي وتغذيتها مجانا لغرض نحرها على الطريقة الشافعية واطعام ذوي القربى والمساكين، كما نطالبكم بشن حملة شديدة على كل من تسول له نفسه هدر هذه الثروة الوطنية التي ناضلت واكلت كثيرا ليصبح لحمها مضرب الامثال في المحافل الدولية.
وأكد البيان على وجود عقليات مافياوية النزعة(تعبير جميل ،مو؟) مهمتها البحث عن مصادر دخل جديدة لأصحابها ،اصحاب الكروش المتينة، مشيرا الى ان سعر(الهايشة) تضاعف 4 مرات منذ ايام المرحوم الملك فيصل الثاني وقبله الملك غازي الاول.
واعرب البيان عن قلقه من اختفاء (الهوايش) من العراق مشيرا في الوقت نفسه لاضطرار العراقيين مستقبلا الى ذبح اعضاء جمعية الحمير في الوجبات الغذائية بعد ان تصدر فتوى من بعض المرجعيات بهذا الشأن.
ولم يتسن بعد معرفة رد فعل الحكومة الموقرة على هذه الاجراءات الا ان علي الدباغ الناطق الرسمي للحكومة اعرب امس عن قلق حكومته من دخول بعض الايرانيين الى العراق بدون تأشيرة زيارة(هلة).
وقال الدباغ في تصريح نشر امس في موقع “السومرية نيوز” العراقية: ان دخول بعض الإيرانيين بدون تأشيرة إلى العراق يشكل عبئا على الحكومة العراقية خصوصا وانهم يتأخرون في اقامتهم بعد انتهاء مدة الزيارة وان الحكومة العراقية (والنعم) ستسعى للتخلص من هذا الأمر لأنه يخلق إشكاليات بين البلدين الجارين”.
فاصل بدون فيزا: اريد ان اسأل احد اصحاب العمائم وهو شخصية معروفة في المحافل المحلية هذه الايام:
س 1 هل انت رئيس جمهورية العراق او رئيس وزراء او وزير حتى تستقبل سفراء الدول الاجنبية والعربية؟.
س2:هل انت رئيس حكومة العراق لترسم للعراق سياسته في الحل والربط؟.
س3: هل انت محافظ لتقول رأيك في المنشآت الخدمية المزمع انشائها هنا وهناك؟.
هل انت…؟.
انت داعية اسلامي فخليك في حالك ولا تتكلم باكثر مما تطيق.
انت تعلم ان هذا المجلس يفتقد الى ضوء الشهرة ولهذا انت تقاتل من اجل ان يستعيد هذا المجلس عافيته بعد ان اعاب عليك رفاقك تهاونك مما انت فيه.
الساحة السياسية فاضية وتقبل اي احد فيها ولهذا انت فيها.
تابعنا كل تحركاتك،طبعا ليس على طريقة السي آي آيه، طيلة السنة الماضية ولم نجد لخطاباتك اي صدى.
كنت صفرا ياصديقي في هذا المجال ورحم الله من عرف قدر نفسه.
لاتكن مثل صاحبك الزعيم الشاب وتقع في نفس المستنقع… اختر طريقك اولا.. هل تريد ان تخوض معترك السياسة .. حسنا انزع عمامتك وادخل الميدان.. هل تريد ان تقتنص الفرصة؟ لقد قنصتها منذ زمن.. ماذا تريد اذن؟ الجاه عندك .. والمنصب عندك .. وايران تدعمك بالخفاء والعلانية.. اذن ماذا تريد؟.
وامس اطلقت تصريحا فض بكارة الكثير من الرجال حين قلت ان المرأة
المسلمة والمرأة العربية على وجه الخصوص لعبت دورا في رسم الخارطة السياسية الجديدة في الشرق الاوسط .
لو كنت فلسطينيا لصحت بك (احا…).
هل عرفتم من هو؟ يشترط عدم الاستعانة بصديق.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.