عن أسباب دونية المرأة ووضع اللوم عليها

الكثيرون ممن يضعوا لوماً شديداً على المرأة كونها صدّقت وآمنت بدونيتها , وكذلك وضعوا اللوم عليها لندرة تفاعلها مع womenprisonالمجتمع والحياة بصورة عامة ,وكذلك انعدام قدرتها على الإبداع , فحمّلها البعض مسؤولية ضعفها وهوانها ,وحمّلها طاقة اكبر من القالب الذي وضعها فيه المجتمع , وواجبات أكثر من تلك الطاقة التي حدّودها لها مسبقاً , فعليها ان تتحمل تبعات عدم مصالحتها مع ذاتها كونها في بعض الأحيان تتمنى لو كانت رجلا يتمتع بالحرية بعد أن اغتصبوا حقوقها وأجبروها على كراهية أنوثتها , فالكثير من الفتيات وخصوصا في سن المراهقة يبدأنّ في التذمر والانتفاض على محيطهنّ , والبعض الكثير منهنّ يشعرنّ بكراهية للحياة ورفضهنّ لأنوثتهنّ , ليس بسبب حرمانها من عضو الذكر كما شخصه عالم النفس فرويد , وإنما لما يلمسنه من تفرقة في الأسرة وسوء معاملة المحيط لهنّ, لكن سرعان ما يكتم المجتمع أنفاسهنّ ليرضخنّ للواقع المرير , وليتوطد في شعورهنّ فكرة النقص وتفوق الذكور عليهنّ, ومن بعد هذا يطالبها المجتمع بعد أن شلّ قدراتها في أن ترمي خلفها وعلى حين غفلة قرون اضطهاد المحيط لها وقمع وتسلط الرجال عليها حينما يريدون لها أن تكون قوية فقط , أما غير ذلك فعليها أن تتصنع الضعف إلى أن يكون لها سمة تتعايش معها .
فالمحيط يطالبها بالقوة في أوقات يحتاج بها للمرأة القوية والتي تتمتع بالثقة الكاملة بنفسها ليتفاعل من خلالها الأجيال القادمة وليعتدل سلوك المجتمع بها, أرادوها ان تكون قوية حين يريدون لها القوة فقط , بالوقت الذي لقنّوها على إن سمات جمالها تكمن في ضعفها ,فصارت قوتها في الطاعة ,وجمالها في ضعفها ورضوخها وتحلّيها بالصبر والابتسامة المشرقة دوماً حتى وأن رأت خيانة زوجها أمامها لأجل ان لا تهدم أسرتها , فعليها تقع المسؤولية دوما وأن لم تُخطأ ,وأن تمرّدت وخرجت عن ما هو مألوف لديهم سيجردها المجتمع من أنوثتها وسيشبهها بالرجال , بالإضافة إلى إن البعض منهنّ تحملنّ متاعب فوق هذه القيود حين تحمّلت العمل خارج البيت لتعمل بلقمتها بعد أن أعدمها الزوج من التصرف بأمواله كونه صاحب المال والقرار وكونها مجرد تابعاً له , أو كونها لا ترتضي بذل الزوج .
فتتحمل المرأة ضياع وقتها سدى ما بين اللف والدوران في حلقة البيت المفرغة ,وما بين الواجبات التي تهد الجبال ,وما على زوجها سوى المساهمة في جلب لقمة بيته فقط , وله مطلق الحرية في الحركة والتفكير , ومطلق الحرية في العلاقات خارج أطار بيته ,لتصل إلى قبول المحيط لخيانته لزوجته , نضيف على هذا جهل غالبية النساء وعدم وعيهنّ بأن لديهنّ حقوق مسلوبة .
فهناك ارتباطات كثيرة تجعلها مجبرة لأن تنسلخ من ذاتها وتعيش حياتها لتلبي متطلبات هذا وذاك من الذين صاروا متطفلين مستغلين لواقعها الذي جعلها مكبلة اليدين ومحصورة بقمقم البيت الذي به ستتلاشى قناعاتها شيئا فشيء ان كانت لا تزال محتفظة ببعض منها ,وستذهب أدراج الرياح , وسيرسخ جهلها وعدم وعيها بحقوقها أكثر وأكثر , فهي بالنهاية إنسان وله قدرات تبدأ تضعف مع هذا الإرهاق وستنسحب من الحياة تدريجياً , وسيؤول حالها إلى العدم وتدفن تحت الأرض وكأنها لم تكن موجودة , كما دُفنت الملايين الكثيرة منهنّ واللواتي كان بالإمكان أن يعطينّ الكثير كما أعطى العظماء والعلماء وغيرهم .
كثرة هذه القيود والقمع المسلط على المرأة جعل منها في أن تكون كائن ضعيف , وجعل من تفكيرها في ان يتوقف وينصّب عند نقطة معينة وهي الرجل والزوج وكيفية الحفاظ عليه بعد أن صارت متأكدة من أنه يرغب بتلك الأنثى الضعيفة والتي تعوّد أن يراها جسداً يشتهيه ويقرأ شهواته به , ليملي غريزته بهذا الكائن الذي سخره الله له , فلم يستطيع ان يتجرد من ما جُبِل عليه ويعتبره إنساناً مشابهاً له دون ان ترتبط علاقته بالجنس فقط ,والذي على أساسه قد أهمل المجتمع عقل المرأة .
لا ننسى هنا بأن هذه المخاوف لها دور كبير في رضوخ المرأة وتقبلها لواقع الحال بحجة إن الشرع هو الذي أباح للرجل حريته وحقوقه الكثيرة نسبة لحقوقها , ولا ننسى التهديد الذي تتلقاها المرأة من المحيط , وبالدرجة الأساس مخاوفها من النار في أن تكون مصيراً لها فيما لو امتنعت عن طاعة الرجل وتلبية متطلباته, ومن ثم يأتي دور البيت واحتياجات الأبناء التي هي من مسؤوليتها دون الرجل , وبعد كل هذا وأكثر منه بالتأكيد لأنني لم أتطرق لمعاناة المرأة الكاملة فهي تحتاج إلى مجلدات كاملة , ولكن بعد هذا القليل الكثير وضع الكثيرين عليها اللوم لما آلت له من وضع مزري مستثنياً الأسباب الكثيرة لهذا الوضع .
جميع هذه القيود تُفرغ الإنسان من محتواه وتجعله لا يمتلك من حقوق الإنسان شيء سوى أسمه فقط .

فؤادة العراقية (مفكر حر)؟

About فؤاده العراقيه

كاتبة عراقية ليبرالية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.