طمعه قتله

محمد الرديني

في الذاكرة العراقية مجموعة من الامثال هي في حقيقتها دعوة اما الى الكسل او الخنوع ولا احد يدري كيف تسربت الى الذاكرة واستقرت فيها منذ زمن بعيد وبات الناس يتداولوها على انها مسلمات.

ويبدو ان لكل مجموعة محافظات مجموعة من الامثال خاصة بها ولكنها تشترك في امثال طبعت سلوكهم.

والا ما معنى المثل القائل “امش ولاتعبر نهر” او “العصى لمن عصا” او “القناعة كنز لايفنى”.

عدا ذلك هناك امثال تخرب ضحك استعملت صيغة المبالغة كعادة اهل الجزيرة العربية ومنها “من علمني حرفا صرت له عبدا”.

من يتمعن في هذا المثل سيضحك ملء شدقيه لأنه سيكتشف ان الناس كلها عبيد بدون استثناء.

اما “لو جريت جري الوحوش غير رزقك ما تحوش” فهو يدعوك الى القناعة والقبول بالمقسوم وارفع شعار “خليها على الله”.

لكن الذي يحير هو المثل القائل “طمعه قتله”.. لاندري من اين جاء وماهو مصدره وكيف تسرب الى المناهج المدرسية.. اذ لو كان هذا المثل صحيحا وواقعيا لكان جميع من اتوا الى السلطة بالعراق قتلوا من زمان ولعل آخرهم افراد الحكومة الحالية، ويكفي ان نتذكر صفقة السلاح الروسية الاخيرة لنصل الى حقيقة انهم يجب ان ينتهوا بشكل او بآخر.

المشكلة ان هذا المثل لايقول لنا من هو القاتل ،هل هو الشعب ؟ هل هي القوى الشريفة؟ هل هي القوى التي تريد ان تزيح الآخر لتحل محله بالسرقة.

لو صح هذا المثل لوجدت ان جميع المسؤولين في مختلف مستوياتهم الوظيفية قد بلعتهم شبكة العدالة.

لنشطح بالخيال بعيدا “ماخسرانين شي” ونترك امثال “الزنابير ما ترفع أثقال”و”لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها”او إذا هذه مثل ذيج لا خوش بطه وخوش ديج” او “بخيرهم ماخيّروني وبشرهم عمّوا عليّة و”رضينه بالبين و البين ما رضى بينا”و”تحزم للواوي بحزام سبع”و”ناس تاكل دجاج وناس تتلكه العجاج”.

لنترك كل ذلك ونتعلق بالمثل المذكور سابقا وهو “طمعه قتله” ونجد انه ليس فقط غير حقيقي وانما يعبر عن سخرية من عقول الناس خصوصا هؤلاء الذين يريدون ان يرتقوا بمستويات حياتهم المعيشية والاجتماعية وحتى السياسية.

ولأني لااملك عقلية المؤامرة فليس من الحق القول ان اجندات خارجية هي التي فرضت علينا هذه الامثال وانها تدخل سافر في شوؤن حياتنا الخاصة ولا هي مؤامرة امبريالية او امريكية على وجه التحديد ولاهي ايضا من بقايا النظريات العلمانية ولكني سأكون بطرانا لأطلب من اهل المضيف،هؤلاء الشرفاء الا يستعملوها امام هذا الجيل الا من باب السخرية.. اطلب من الشرفاء ان يحتكموا الى ضمائرهم ويسالوا انفسهم، لو كان الطمع يقتل الانسان فهل يعقل ان يبقى في السلطة 9 سنوات وهو ينهب البلد وما زال؟.

فاصل لآخر نكتة: أكدت النائبة السابقة عمارة البلداوي ان اعطاء النفط لأي جهة دون اخذ رأي الشعب مخالفة دستورية لان النفط ملك الشعب العراقي وليس ملك مجلس الوزراء يهديه لمن يشاء. وتساءلت البلداوي في بيان صحفي وزعته على وسائل الإعلام “ما سبب اهداء {100} الف برميل من النفط الخام الى الاردن مجانا وهدية من غير جزية وماهو التزامنا بمشاكل الآخرين وبيتنا كله مشاكل”.

ياسلام.. والله انت يابلداوي امرأة رائعة بكل المقاييس ولكنك لم تقولي لنا من هو هذا الشعب الذي تريدون اخذ موافقته في أي قرار؟.

بمناسبة هذا الكلام اولاد الملحة راح يعزموك على “باجة”.     تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.