ضرب المرأة وكرامة الانسان

ضرب المرأة وكرامة الانسان

مرثا فرنسيس

تواجه المرأة في الشرق الأوسط وخاصة في الدول غير الديمقراطية، مشكلة الاعتداء عليها بالضرب من قِبل الرجل، ولا يشكل عمرها أو مكانتها الاجتماعية عائقاً أمام ضريها، فالرجل ُأعطيَّ سلطاناً أن يربيها ويؤدبها سواء كانت ابنته أو اخته أو زوجته. ويعتبر الرجل مسألة الضرب حقاً مكتسبا ً له، ويجب على المرأة أن تتحمل ولا تشكو ولا تتذمر. وتكشف لنا الاحصائيات أرقام مخيفة لمن تعرضن للضرب ويقال ان امرأة من كل ثلاث سيدات تتعرض للضرب من قبل الرجل سواء كان زوجاً أو اباً أو اخاً.
الضرب وهو وسيلة غير انسانية ولا يليق استخدامها بين البشر- يعتبره الكثيرون وسيلة للتربية، ويوجه بشكل أكبر للبنت، فالأب والأم يستخدمان الضرب كوسيلة لتعليم أطفالهما الطاعة، وكذلك يكون الضرب عقاباً لمن أخفق في الامتحانات المدرسية، وتُضرَب الفتاة إن هي ضايقت أخاها أو طلبت منه أن تلعب معه وهو لايريد، وتُضرَب الفتاة أيضا إن طلب منها أخوها ان تُعِد له الشاي ورفضت مهما كانت اسبابها. وتُضرَب كي تساعد امها في أعمال البيت والتي يُعفَى الولد منها نهائياً، وتُضرَب اذا كُسِر منها وعاء أو كوب بغض النظر عن قيمته وثمنه في حين أن نفس التصرف يغَض عنه البصر إذا قام به الولد مهما كانت قيمة الشئ المكسور أو المفقود، بل ويُخشَى عليه أن يصاب بضرر من جراء كسر كوب أو إناء زجاجي، في حين أن الفتاة بعد أن تُضَرب بسبب فعلتها -الشنعاء- تطالَب بأن تنظف مكان ماانكسر ولا يهم مايجرى لها، ويقولون المثل الشعبي المستفز(اكسر للبنت ضلع يطلع لها عشرة). البنت تُضرَب اذا تحرش بها أحد فهي دائما ً السبب، لانها اثارت رغبات الشاب او الرجل بملابسها وبمكياجها وبمشيتها وبكل شئ، ويترك هو ليمارس افعاله غير المنضبطة مع غيرها، وتحجبت وتنقبت ولا تزال أعمال التحرش سواء اللفظي او الفعلي منتشرة بل إنها زادت بشكل مخيف، وتُضرَب إذا اغتُصبَت وكأنه لا يكفيها المذلة والمهانة الجسدية والنفسية التي تعرضت لها من اغتصاب وحشي من قِبل شخص يُحسَب على الإنسانية وهو بعيد عنها كل البعد.
هناك ثمَّة مستجدات في أسباب ضرب المرأة ، فأصبحت تُضرَب إن هي رفضت أن ترتدي الحجاب، وتُضرَب إذا اشتركت في حوار أو نقاش في وجود رجل غريب، حتى أن مشهد تعدي خطيب على خطيبته بالضرب في الشارع وأمام المارة لم يعُد أمراً غريباً.
يتفق علماء التربية وعلم النفس أن استخدام الضرب كوسيلة للتربية والتأديب للأطفال؛ اذا لزم الأمر )فهناك أطفال يستجيبون عند تنبيههم لتكرار خطأ) يجب أن يتوقف عندما يبلغ الطفل السابعة من العمر على الأكثر، وأن يستخدم الضرب للتأديب في حالة اصرار الطفل على العناد في تكرار الخطأ وليس عند الخطأ، ويجب التنبيه والتحذير اكثر من مرة، كما يجب عدم إهانة الطفل بأن يُضرَب أمام باقي أفراد الاسرة، وبالتالي ليس أمام اصحابه أو في مكان عام وألا يُضرَب باليد وألا يتم تأديب الطفل في حالة الاحساس بالغضب والانفعال، فاذا كانت هذه مبادئ التربية والتأديب للطفل حتى يتم السادسة أو السابعة على الأكثر فكيف يُقبَل ان تتعرض البنت في كل مراحل حياتها للضرب كطفلة وكفتاة وكزوجة ايضا، لأنها لم تخنع للرجل أو لأنها قصَّرَت في تلبية طلباته أو لأن لها رأياً مختلفاً عنه، وكيف يُقبَل أن تُضرَب أمام اولادها أو في الشارع أو في السوبر ماركت أو في وسائل المواصلات؟ (وهي أفعال يحذر علماء التربية من ممارستها مع الطفل) كيف يُقبَل أن تُضرَب المرأة وهي انسان ناضج؟ كيف يُقبَل مبدأ صلاحية الرجل لتربيتها وتأديبها؛ وهي التي تتولى مناصب قيادية وتتحمل مسئوليات مختلفة في مجالات العمل المختلفة، وفي رأيي ان المرأة أكثر مجهوداً من الرجل، فهي تعمل خارج المنزل كما يعمل هو ثم تعود لتتولى مهام ترتيب البيت وإعداد الطعام ومذاكرة الاطفال بكل مافي هذه الواجبات من مسئوليات ليست فقط مُجهدة ومُرهقة لها ولكنها مُمِلَّة في اغلب الأوقات، بينما يجري الرجل بعد عودته من العمل لينام ريثما تنجز الزوجة تحضير المائدة وبعد تناول الطعام يخلد ثانية للراحة بينما تقوم هي بغسل الاطباق وترتيب المطبخ وغير ذلك من اعمال البيت. كيف يَقبل المجتمع أن تتعرض من تقوم بهذا الدور وتتفانى فيه وتتحمل كل هذه المسئوليات للضرب مهما كان السبب؟
غالبا لا تشكو الفتاة أوالمرأة عندما تتعرض للضرب، فالمعتدي إما الاب أو الأخ أو الزوج؛ فتشكو من ولمن؟ ويمثل الازواج أعلى نسبة في الاعتداء على الزوجات بالضرب يليها الاباء ثم الاخوة الذكور- وتتعرض 25% من النساء الحوامل للضرب من الزوج- ودائماً يكون مطلوباً من المرأة أن تتحمل غضب الأب أو الزوج أو الأخ حتى لو كان بامتهان انسانيتها وضربها كما تعامل الحيوانات.
الرجل الذي يستخدم العنف أو يُحرِض عليه هو انسان غير واثق في نفسه لا يملك القدرة على التعبير عن نفسه بطريقة صحية، وهو يضع نفسه في مرتبة اعلى تعادل مكانة الله ويعطي نفسه الحق في تربية وتأديب امرأة بالغة رشيدة لا تقل عنه في القيمة والمكانة، إن كانت فكرة ضرب المرأة هي من موروثات وعادات تعود للبيئة والمجتمع فلابد أن ترفضها المرأة بكل الطرق، ولا تكِل ولا تمِل حتى يُجَّرَم هذا الفعل من جهة الرجل تجاه أي امرأة سواء كانت ابنته أو اخته أو زوجته، أما إذا كان امراً دينياً فلابد ان هناك حل ،أنا أطالب بتجريم التعدي على المرأة واهانتها بالضرب بداية من مرحلة المراهقة وبوقوع هذا المعتدي تحت طائلة القانون مهما كانت صلته بالمعتدى عليها ومهما كان دافعه.
محبتي للجميع

About مرثا فرنسيس

مرثا فرنسيس كاتبة مسيحية، علمانية، ليبرالية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.