سيرة حياة أحد رجالات روحاني

سيرة حياة أحد رجالات روحانيrohanires
*سنابرق زاهدي
أخبار تعيين حميد أبوطالبي في منصب سفير نظام الملالي في الأمم المتحدة بنيويورك طغت منذ أيام على الصحافة الأميركية، وبتتبعها على الصحافة العربية والإيرانية وغيرها.
من المعروف أن روحاني ومنذ بدء حملته الانتخابية العام الماضي رفع شعار ضرورة التركيز على حلّ المشاكل الإقتصادية من خلال تهدئة الأجواء في العلاقات مع الغرب وبشكل خاص مع الولايات المتحدة الأميركية. وجاءت المفاوضات النووية الجارية ترجمة لهذا التوجه.
وإذا كان روحاني يبحث عن حل مشاكل نظام الملالي من خلال المفاوضات مع أمريكا فمن المفترض أن يكون همزة الوصل بين حكومته وبين أمريكا شخصاً مؤهلاً وقادراً للتقدّم بهذه الخطة. ومن الواضح أن السفير الذي ينصبه النظام ليكون ممثلاً له في الأمم المتحدة في نيويورك فهو المسؤول الرئيسي للنظام هناك وسيكون السفير غير الرسمي لدى الولايات المتحدة أيضاً.

خلفية ابوطالبي
وفي ما يتعلق بخلفيات حميد ابوطالبي فهو التحق بوزارة الخارجية عام 1981، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن كان في موقع مسئول في دبلوماسية النظام وعمل في مختلف سفاراته على رتبة سفير في ايطاليا، وبلجيكا، والإتحاد الأوروبي، واستراليا؛ وعمل كدبلوسي في فرنسا والسنغال وفي وزارة الخارجية في طهران وضمن وفود النظام الرسمية وكذلك في مركز الأبحاث التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام مع حسن روحاني.
إذن لديه ما يكفي من الحرفية لتبوء هذا المنصب.
لكن هناك قراءة أخرى لخلفية هذا الرجل مختلفة عن المذكورة اعلاه، تؤهله ليكون ممثلاً للنظام في نيويورك. حيث أن المعلومات الدقيقة تقول أن حميد ابوطالبي التحق إبّان الثورة الإيرانية عام 1979 بصفوف قوات الحرس، وعمل بشكل خاص في استخبارات الحرس ومن هناك التحق بركب الخارجية. كما أنه كان ضمن «طلاب خط الإمام» الذين اقتحموا السفارة الأميركية واحتجزوا دبلوماسيين أميركيين رهائن لمدة 444. وهذا هو السبب وراء الضجة الدبلوماسية السياسية الإعلامية الواسعة التي أثيرت في الولايات المتحدة لعدم اعطاء هذا الرجل تأشيرة دخول أميركا. فقد أصدر عدد غير قليل من كبار أعضاء مجلس الشيوخ من أمثال ماك كين ورابرت منندز رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ وإد رويس رئيس لجنة الخارجية في مجلس النواب و29 آخرين من اعضاء مجلس الشيوخ وغيرهم، أصدورا بيانات مطالبين عدم قبول هذا «الارهابي» على الأراضي الأميركية. كما أن الرهائن الأميركيين السابقين أعربوا عن غضبهم حيال هذا التعيين. وقد خلقت هذا المواقف مشكلة كبيرة لإدارة اوباما ليس من المعروف كيف ستتصرف حيالها.

عودة إلى خلفية ابوطالبي، فهو جاء في 1982 إلى سفارة الملالي في باريس. ومعروف أن باريس في تلك السنوات كانت مركز نشاطات المقاومة الإيرانية بحضور السيد مسعود رجوي زعيم المقاومة الإيرانية، ومعلومات الشرطة الرسمية تقول أن نشاطات السفارة في تلك الفترة كانت مركّزة على هذه النشاطات وعلى العمل ضد المعارضة الإيرانية. بعد عامين عاد ابوطالبي إلي إيران و بعد فترة ذهبت إلى سفارة النظام في السنغال لكنه أعلن أنه شخص غير مرغوب فيه وطُرد من هناك لأسباب لانعرفها.

معركة بين سفيرين
بعد فترة أخرى بقي في طهران نُصب بصفة سفير النظام في روما عام 1988 وبقي هناك حتى عام 1992. سنوات من وجوده في روما تصادفت ذروة نشاطات ممثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في روما السيد محمد حسين نقدي. ابوطالبي كان يعرف محمد حسين نقدي عن قرب لأن نقدي أيضاً دخل وزارة الخارجية في بدايات الثورة ومنذ ذلك الوقت كانا يعرفان بعضهما البعض. وكان الرجلان ينتميان إلى تيّارين نقضين حيث أن نقدي كان رجلاً وطنياً مناصراً لمجاهدي خلق، خلافاً لأبوطالبي الذي كان مع الملالي. محمد حسين نقدي نُصب في عام 1982 كقائم بأعمال السفارة الإيرانية في إيطاليا وبقي على هذا المنصب أقل من عام حيث ترك منصبه والتحق بالمقاومة الإيرانية وأصبح ممثل المقاومة في روما. وعند ما جاء ابوطالبي سفيراً للنظام إلى روما شاهد العلاقات الوثيقة بين ممثلية المقاومة الإيرانية والطبقة السياسية الإيطالية بفضل النشاطات الواسعة التي قام بها السيد محمد حسين نقدي وفريقه خلال تلك السنوات.

هذا ما كان يجري في ساحة ايطاليا. لكن في طهران قرّر كبار قادة نظام الملالي التخلص من حسين نقدي وحمّلوا وزير المخابرات الإيرانية علي فلاحيان خطة اغتياله. فلاحيان بدوره وجد في حميد ابوطالبي أفضل شخص لتنفيذ هذه المهمة. فأوكله هذه المهمّة، حيث قام ابوطالبي بتنظيم الفرق العاملة في الساحة. وهكذا تم اغتيال ممثل المقاومة الإيرانية في روما صباح يوم 16 آذار من عام 1993 بالقرب من مكتب المقاومة هناك.

تقارير رسمية
هنا من المفضّل نقل بعض فقرات من التقارير الرسمية للشرطة القضائية الإيطالية المكلفة من قبل المحكمة بالتحقيق في حادث اغتيال محمد حسين نقدي، التقارير التي تتضمّن المعلومات المشار إليها آنفاً:
– تقرير كارابينري (الشرطة القضائية الإيطالية) بتاريخ 15 كانون الثاني 2003:
«التحقيقات القضائية ترى أن حميد أبوطالبي كان المنسّق للعمليات التى أدت إلى اغتيال المعارض الإيراني محمد حسين نقدي… وكان التنسيق على عاتق ابوطالبي بشكل كامل… وتفيد المراجعة إلى مركز المعلومات في منطقة شنگن أن ابوطالبي كان من «الأجانب المحظور عليهم دخول شنگن».
صورة رقم 22 (في الملف) تتعلق بحميد ابوطالبي الذي كان يعمل في قسم الإستخبارات التابعة للحرس وكان يعمل كدبلوماسي في باريس عامي 1982-1983 فعاد إلى إيران وأصبح مدير القسم الثالث في الخارجية… إنه كان عضوا للاجهزة الامنية.
– تقرير كارابينري (الشرطة القضائية الإيطالية) بتاريخ 12 حزيران2004:
عند ما اتخذت لجنة المهمات الخاصة قرارها بالاغتيال كلّفت فلاحيان (وزير المخابرات) أن يقوم بتنفيذ هذا القرار، وهو بدوره قد أوكل هذه المهمة إلي شخص آخر وهو ابوطالبي الذي كلّف القضايا اللوجستية والتنفيذية لشخصين آخرين…
ابوطالبي ونقدي كانا يعرفان بعضهما منذ الثورة في العام 1979 وكانت رغبة ابوطالبي لاغتيال نقدي من جهة بدافع تطبيق مهمّة دينية وهو تنفيذ فتوى القتل الصادر من قبل الجهات العليا، ومن جهة أخرى بسبب هذا التعارف المستمر لسنوات كانت لدى السفير ابوطالبي إمكانيات جيدة لتنفيذ هذا القرار دون خطر كبير. إضافة على كل ذلك، إذا يتم تنفيذ العملية بهذا الشكل فكان يدرّ بفوايد كبيرة له في سبيل الوصول إلى اهداف شخصية و الوصول إلى المناصب العليا.

ويشير بحثنا من خلال مكتب مراسيم وزارة الخارجية آن حميد ابوطالبي كان سفيراً لإيران منذ شباط 1988 وحتى آذار 1992، مما يعني أنه لم يكن موجوداً بشكل رسمي في ايطاليا في وقت العملية
إذن أوكل فلاحيان تنسيق العملية لأبوطالبي الذي كان يعيش في طهران ويقوم بالعملية من هناك. لكن التقريري يقول أن أبوطالبي قبل العملية جاء إلى ايطاليا وترك البلاد ودخلها من جديد. لكنه ومن أجل ايحاء أنه لم يكن في ايطاليا في وقت تنفيذ الإجرام خرج من ايطاليا بهويته الخاصة ودخل من جديد بهوية مزوّرة»
المحكمة الجنائية الإيطالية نظرت في القضية خلال مرحلتين وفي مرحلة الاستئناف صرّحت المحكمة بأن «التحقيقات أسفرت عن إثبات وجود ابوطالبي في روما وقت العملية»
هذه هي حقائق دامغة عن شخص من المحتمل أن يصبح سفير النظام الإيراني في نيويورك. الّلهم إلّا أن الضغوط المفروضة على إدارة أوباما تؤدي إلى عدم منحه تأشيرة دخول إلى أراضي الولايات المتحدة.

النتائج
محصلة هذه المعلومات:
– لافرق جوهري بين الأجنحة المتصارعة في النظام في ما يتعلق الأمر بالأسس التي بني عليها نظام الملالي وهي القمع و الإرهاب والتدخل في شؤون الدول الأخرى وعدم احترام القوانين الدولية.
– الأشخاص المحسوبين على روحاني- ورفسنجاني وخاتمي- هم الذين كانوا في الثمانينات والتسعينات المسؤولين عن القمع والإرهاب. ومعروف أن معظم عمليات اغتيال رموز المعارضة الإيرانية في الخارج – وبشكل خاص في اوربا- نفذّت خلال فترتين من رئاسة رفسنجاني.
– عملية تعيين ابوطالبي وضعت إدارة اوباما على المحك: هل ويقبل هذا الشخص على أرضه أميركا بشكل رسمي، أو تبقى متمسّكاً بالخطوط الحمر الأميركية.

*رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيران

About حسن محمودي

منظمة مجاهدي خلق الايرانية, ناشط و معارض ايراني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.