سورية …إلى أين‎

في بداية هذا القرن وضعت أمريكا لنفسها هدفاً استراتيجياً وقدرت لتحقيقه ربع قرن من الزمان … وكان الهدف ذو شقين
ـ سحب الـــزر النووي الروسي ..
ـ تفكيك الصين .. ذلك المارد النائم ..
وبدأت على أثرها بخطواتها التكتيكية بكل هدوء وثبات وحنكة ودراية نحو ذلك الهدف …
وما الأحداث التي عصفت بالعالم إلا عبارة عن خطوات مدروسة بعناية باتجاه ماترمي إليه
وكان الحادي عشر من إيلول هو عروض تمهيدية لمسرحية ستشغل العالم لربع قرن ؟……
ثم بدأت فصول المسرحية بحروب محدودة ومبرمجة وتم تحضير كل مايلزم من ديكورات ليتناسب مع أحداث كل فصل من فصولها …
وبما أن من يحكم أمريكا ليس رئيس أمريكا بل من يحكم ويتحكم في أمريكا
هي ( الإدارة الأمريكية ) فكان لابد من انتقاء وإيجاد رئيس ليكون عنواناً .. ويتناسب مع الفصل الذي سيؤدي دوره فيه وشخصيته تناسب الدور المطلوب منه ..
وحسب طبيعة الدور كانت البداية تتطلب وجود رئيس بمواصفات جورج بوش الإبن …
ولأن الفصل لم ينتهي بانتهاء ولايته رأينا كيف أخطأ الكمبيوتر بفرز الأصوات في الدورة الإنتخابية الثانية ليتم فرز الأصوات يدوياً ويفوز على منافسه آل غور بفارق – 537 – صوتاً ويعني ذلك بنسبة – 1% – من مجمل أصوات الناخبين ؟…
وعلى غفلة من الزمان آصبح باراك أوباما رئيساً لأمريكا رغم ذهول الأمريكيون بذلك واستغرابهم ؟ .. لأن طبيعة المرحلة تتطلب وجود شخصية بتلك المواصفات لتمرير السبات الشتوي المرير .. ويكون تمهيداً لفصل قادم أكثر إثارة وحيوية وتعلو فيه أصوات الموسيقى الصاخبة والتي لا يجاريها في صخبها إلا صراخ ترامب الذي سيلهب المشاهدين والسامعين والغائبين والنائمين ويدفعهم للرقص والغناء والصراخ والسهر حتي الصباح ..
وفي الصباح سيكون كل ماتجرعوه في آحلام اليقظه وفي الليالي الرومانسية الحمراء
قد سرى مفعوله ولَم يبق أمامهم إلا الإستسلام للنوم والراحة ..
في عهد الرئيس أوباما تظاهرت أمريكا بالنوم ؟…. وتسابق المحللون الإستراتيجيون والمحللون السياسيون والعسكريون والتاريخيون وكل من هب ودب باكتشاف ماعجزت المجاهر الإلكترونية عن اكتشافه ؟…
اكتشفوا بأن أمريكا ـ التي كانت تراقب وتوزع الأدوار بالتحكّم عن بعد وبواسطة الفوضى الخلاقة ـ قد سلّمت إدارة القضية السورية إلى روسيا ؟… وأخذ هذا الإكتشاف بالتناسخ بين المحللين وكاتبوا التقارير السياسية .. وكان الكثير منهم يسعى جاهداً لتسجيل هذا الاكتشاف باسمه في كتاب غينيس قبل أن يلطشه منه محلل هاوٍ ؟..
وعندما كان أوباما مشغولاً بخطوطه التي فاقت ألوان قوس قزح .. حاولت الإدارة الأمريكية تضليل روسيا باستدراجها إلى الفخ السوري بحنكة ودهاء وذلك بقصد استنزافها ….
وشعرت روسيا بعد فوات الأوان بذلك الفخ وبدأت تحاول بكل الوسائل الإفلات منه …
وهذا ماعبرت عنه الإعلامية والخبيرة في الشأن الروسي ثريا الفرا في لقاء برنامج الإتجاه المعاكس بتاريخ ـ 2017/1/31 ـ
بقولها ( ولكن هنا السقطة التي وقعت بها موسكو بأنها ربما أرادت ترحيل الأوراق بسرعة يعني هي نحن نعلم بأنه في الفترة الأخيرة هي قلّصت عدد قواتها في سوريا وتريد على استعجال إنهاء إغلاق الملف السوري بشكل أو بآخر لأني كما ذكرت لك بأن روسيا تستنزف بشكل هائل في سوريا تستنزف بشكل كبير جداً في سوريا الروبل سجل تراجعاً كبير جداً أمام العملات الصعبة وبالتالي ربما هذه السقطة التي وقعت بها موسكو بأنها أرادت إنهاء الأزمة …….) وهنا قاطعها فيصل القاسم بسؤاله قائلاً لها ( سقطة ؟.. يعني تعترفين بأنها سقطة .. ) فقالت له ( بالتأكيد )
ثم أضافت بعد ذلك بقولها ( إن روسيا تستنزف بملايين الدولارات ويراد لها أميركياً أن تغرق في المستنقع السوري )
وهنا أيضاً لا يختلف وضع إيران ـ التي تعيش على صفيح ساخن ـ عن وضع روسيا ؟.،.
والمسرحية لا زالت قيد العرض … وفصولها تتوالى بدقة منتظمة ومدروسة …
والمشاهدين والسامعين والغائبين والنائحين والنائمين في حالة هرج ومرج وغناء ورقص ..
أما المحللون الإستراتيجيون والسياسيون والبيولوجيون والتاريخيون والجغرافيون و…..
فكل تقاريرهم وتحليلاتهم وتنظيراتهم لا تتجاوز توصيف ماحدث واجترار مايلوكه الإعلام
وأما إبداعاتهم فكانت في براعتهم بتصوير وتسليط الضوء على بعض الحركات البهلوانية التي ـ يتفركش ـ بها بعض الممثلين وردود فعل المشاهدين عليها .. ليس إلّا ؟…..
والمسرحية لا زالت قيد العرض … والفصول تتوالى …. ولكي لا يملّ الحضور ولا المشاهدين ولا الجمهور كان لا بد من فترات استراحة لتبديل ملابس المهرجين وتغيير بعض الديكورات وبعض الألوان وبعض الأسماء وتناول بعض المشروبات الروحانية والجسدية على أرواح من ماتوا من الضحك الذي أسعدتهم بها براعة الممثلين وخفة دمهم ولا مانع من قضاء بعض الحاجات والحاجيات ……
وهذه الاستراحات بدأت بجنيف ـ 1 ـ وسيعمل العداد بطاقته القصوى حتى النهاية …..
وعند آخر جنيف …. هناك سيكون عنوان الفصل الأخير ……
وداعــــــــــاً انـــجرلـــيـــك …. هـــــنـــــا الــــــــــرقـــــــــــــــــــــــــــة .

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.