سوريا وضرورة تغيير المعادلات الميدانية

البيير غانم: العربية

هناك إحباط عميق لدى المعارضة السورية في واشنطن من موقف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه سوريا ووصل المعارضون إلى قناعة أساسها “أن أميركا تركتنا وعلينا أن ننزع الشوك بأيدينا”.

ينظر المعارضون إلى الحالة على الأرض ويصلون إلى نتيجة أولى هي أن النظام السوري خسر الكثير لكنه ما زال يملك الكثير. فالنظام السوري يسيطر على المدن الكبرى لكنه خسر المناطق الريفية وأهم ما يريد النظام المحافظة عليه هو الطريق المفتوح بين دمشق وحمص وصولاً الى منطقة الساحل. كما يملك النظام قوة جوية بات يعتمد عليها بدلاً من الجنود لشنّ هجمات على الثوار أو ردّ هجماتهم.

 هناك سيناريوهات عدة لدى المعارضة السورية تريد من خلالها التسبب بإسقاط النظام أولها الاعتماد على تصاعد المعارضة العلوية لآل الأسد ويعتبر إحصاء أولي لمعارضين سوريين أن هناك ثلاثين بالمئة فقط من العلويين ممن يعتبرون أن سقوط النظام هو نهايتهم فيما يعتبر الآخرون أنفسهم، أي سبعين بالمئة من العلويين أنهم من المعارضين لآل الأسد أو يعتبرون أن تغيير النظام ليس نهاية العالم بالنسبة إليهم.

 ربما يجادل البعض بأن الأرقام غير صحيحة، لكن السعي لدى أجهزة المعارضة بحسب مصادرها في واشنطن تتوجه الى فعل أمرين يثبتان هزالة هذا النظام من الداخل أولّها إقناع عائلات علوية في منطقة الساحل بمغادرة المنطقة الى تركيا كـ”لاجئين” من النظام وبالتالي يفهم النظام أنه ضعيف من الداخل. الأمر الثاني هو إقناع ضباط قادة من الطائفة العلوية، أي من هم برتبة رائد ومقدّم وعقيد أن يتركوا النظام ويعودوا الى قراهم أو أقلّه إعطاء ضمانات لهؤلاء الضباط بأن عليهم أن يمتنعوا عن تطبيق الأوامر مقابل إعطائهم عفواً مسبقاً عن ما ارتكبوه من قبل في ظل أوامر النظام.

 يعتبر المعارضون السوريون في واشنطن أن أهمية هذا الانشقاق كبيرة لأن النظام يعتمد على الضباط من رتب متوسطة ليبقى متماسكاً وليمسك بالميدان ومع تباطؤ حركة هذه الطبقة من الضباط سيتمكن الجيش السوري الحرّ من تحقيق تقدّم أفضل على الأرض خصوصاً في منطقة دمشق.

 هناك سعي دؤوب لدى المعارضة السورية لفتح أقنية التسلّح للجيش السوري الحرّ، وبات لديها هيكلية جاهزة على الأراضي الأوروبية لشراء العتاد والذخيرة من السوق ويُبدي بعض الأوروبيين، خصوصاً الفرنسيين حماساً لتسليح الجيش الحرّ ويجاريهم البريطانيون، لكن هذا الحماس الأوروبي لم يُترجم بعد إلى فعل أي تلقي تجار الأسلحة للشيكات وتجهيز الشحنات وإرسالها عبر تركيا الى سوريا خصوصاً أن تركيا وأميركا تأخذان موقفاً معارضاً أو متردداً لعملية التسليح هذه.

 هناك رغبة كبيرة لدى المعارضة السورية في قلب المعادلات الميدانية، فبعد ستين ألف قتيل لا أمل في أي صلح مع النظام ورموزه، والأخطر هو أن لا تتمكن المعارضة من قلب المعادلات الميدانية وتستمر الحرب لأشهر أخرى وربما أكثر وتتحوّل سوريا بانتظار الحلّ السياسي إلى لبنان آخر لمن يتذكّر لبنان في السبعينات والثمانينات.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.