سوريا: الدولة الطائفية والتمييز الطائفي

يبدو أن إنجازات الميدان وملامح الانتصار العسكري بالمساعدة الروسية الهائلة قد جعلت النظام يتحلل ويتملص ويتنصل من الكثير من التزاماته وتعهداته السابقة وهي ميزة معروفة وسمة لصيقة باتت تميز الدولة السورية بالتحلل الدائم من التزاماتها وعدم الوفاء بعهودها وهذا ما أوقعها في إشكاليات ومطبات على صعد داخلية وإقليمية وخارجية لا تزال تعاني منها حتى الآن وبات القول أن “النظام لا يـُصدق” لازم لصيقة عند مناقشة الوضع العام.

فبعد تردد ومطمطة ومماحكات ومشاحنات وإرضاء لفرقاء إقليميين والغين بالشأن السوري لـ”شوشة” آذانهم، تم التوصل في مؤتمر “سوتشي” في روسيا في مطلع العام الحالي، إلى صيغة توافقية مطاطة وهي أن سوريا دولة لا طائفية وذلك تحسباً وتجنباً لإغضاب الفريقين الإيراني والتركي اللذين يتوجسان رعباً وخوفاً من أي كلام عن العلمانية أو أن يصبح نظام الحكم في سوريا علمانياً في يوم ما.

لكن، وكالعادة، هل أوفت، ووفـّت الدولة “النظام” والتزمت حتى مقررات إعلان “لا طائفية” الدولة المتفق عليه في “سوتشي” العزيز على قلبها وسط تهليل منقطع النظير وتبن رسمي محموم للمؤتمر ولمقررات المؤتمر المذكور؟

المفروض، حكماً، من أي دولة ونظام سياسي حصيف ورصين أن يقف على مبعدة ومسافة واحدة من جميع المكونات الوطنية وألا يحاول إبراز أية هوية طائفية أو عرقية أو دينية أو قبلية أو عائلية له تجنباً للاستفزاز ولإثارة أية حساسيات، واحتراماً لجميع المكونات، لاسيما في البلدان المتعددة والمتنوعة عرقياً وإثنياً وطائفياً ودينياً ولما في ذلك من إضرار بالاستقرار وبسلامة النسيج المجتمعي العام، فتمكين أي مكون هو بطريقة ما، وبأقل الاعتبارات، هو تهميش وتعتيم وربما ازدراء وإعلان حرب، وبقراءات معينة، على بقية المكونات ما يثير مخاوفها وتوجسها ويفتح الباب عريضاً على كثير من الاحتمالات والتطورات والتموضعات.


فأن تنحاز دولة ونظام سياسي ما وبكل أبهته ووقاره وجبروته وصلفه وهو المنتشي بانتصارات الميدان، لطائفة بعينها ويتودد ويتذلل لها ويستجديها الصفح والاعتراف والغفران، ويصبح مجرد موظف وعامل مياوم قائم عندها لتلبية رغباتها وتنفيذ أجنداتها وتخصيص جهد ووقت وأموال الدولة وبقية المكونات خدمة لها، وحرمان بقية المكونات من نفس الكَرَم والسخاء، ويعلن عن شبه تحالف واصطفاف رسمي معها أمام الملأ ويقوم بتلميعها وتظهيرها بإعلامه ويسخـّر كل وسائل إعلامه للترويج لفكر هذه الطائفة “المنصورة”، ليل نهار وكأنك في موسم الحج ومهرجان ديني مفتوح والاحتفاء فقط بمناسباتها وأعيادها وطقوسها، وتلقين الأبناء في المدارس ثقافة وفكر هذه الطائفة بالإكراه والقسر والفرض وربما الإرهاب وجعلها مادة “مرسبة” حتى بالمدارس الابتدائية، وحشو عقول وأذهان أطفال صغار يافعين وغسل أدمغتهم بفقه تلك الطائفة، رغم التحفظات الكثيرة على طبيعة هذا الفقه التكفيري بمعظمه، وممارسة عملية تطهير ثقافي ممنهج ضدهم، وعليهم ومصادرة عقولهم وقرارهم وأرادتهم منذ الصغر بفرض إيديولوجية بدائية ومنظومة سلوكية ظلامية متزمتة ومغلقة فاقدة الصلاحية تعود لبدايات القرن السابع الميلادي، وتخصيص كليات وجامعات لتكريس وتلقين فكر ونهج هذه الطائفة و”دحش” مواد وفقرات دستورية ملزمة وإجبارية لبقية الطوائف لطاعتها والإطناب بعصمة وأحقية وقدسية واستثنائية وبراءة وعظمة وطهارة هذه الطائفة و”دحش” أسماء رموز وقتلة وسفاحين غزاة محتلين ومستعمرين سباة متعطشين للدماء وحكام موتورين مجرمين “خلفاء” مسعورين متعطشين للدماء من هذه الطائفة بالذات دوناً عن بقية الطوائف والمكونات بالنشيد الوطني (تحديداً المجرمان البدوي نجم البورنو الأشهر اللعوب هارون الرشيد صاحب الـ4000 سبية وغلام في قصره “المبغى” والماخور الشريف المقدس جنباً إلى جنب، ويا لمحاسن الصدف، مع السفاح البدوي المحتل خالد بن الوليد الذي قطع رأس ابن نويرة وطبخه وأكله اغتصب زوجته بنفس اليوم) وإجبار الجميع على ترديد وتقديس أولئك السفاحين والقتلة السباة الغزاة المحتلين الدخلاء الغرباء وتلميعهم وتجميلهم وتقديسهم لجعلهم نماذج وأيقونات وطنية يحتذى بهم، وهو العار بعينه الذي لا يمت بأية صلة لأية قيم وطنية وأخلاق، والتعتيم، بنفس الوقت، على بقية الطوائف والمكونات وتهميش بعضها وعدم الإفساح لها بالظهور بالمناسبات العامة وعدم السماح لها بممارسة طقوسها وحياتها أو تخصيص ساعات فضائية لها للاحتفال بمناسباتها وطقوسها الجميلة والنبيلة والسورية الأصيلة، كما يحصل مع الطائفة المنصورة، نقول بعد هذا كله وغيره الكثير أن تنحار هذه الدولة وتتموضع طائفياً فهذه هي الدولة الطائفية بعينها ولا يوجد دولة طائفية مثلها، والعشق والود والهيام والإعجاب الذي تظهره هذه الدولة لهذه الطائفة، والتحالف الوثيق معها، غير مفهوم ولا مبرر أو مقبول وغير دستوري أو قانوني حتى، وقد يصل حد التمييز الطائفي والتطهير الثقافي الممنهج والمحرّم والمجرّم دولياً ويندرج تحت بند الجرائم ضد الإنسانية من حيث محاولة طمس الخصوصيات الثقافية لمكونات وطنية وشعبية أصيلة ومحو وإنكار تراثها الثقافي من الوجود وكلها يعاقب عليها القانون الدولي…

والسؤال الملـّح اليوم، لماذا لا تعطى بقية الطوائف والمكونات نفس الأهمية والاهتمام من هذا النظام التقدمي المقاوم (ورجاء عدم الضحك والمسخرة)؟

About نضال نعيسة

السيرة الذاتية الاسم عايش بلا أمان تاريخ ومكان الولادة: في غرة حقب الظلام العربي الطويل، في الأراضي الواقعة بين المحيط والخليج. المهنة بلا عمل ولا أمل ولا آفاق الجنسية مجرد من الجنسية ومحروم من الحقوق المدنية الهوايات: المشاغبة واللعب بأعصاب الأنظمة والجري وراء اللقمة المخزية من مكان لمكان الحالة الاجتماعية عاشق متيم ومرتبط بهذه الأرض الطيبة منذ الأزل وله 300 مليون من الأبناء والأحفاد موزعين على 22 سجناً. السكن الحالي : زنزانة منفردة- سجن الشعب العربي الكبير اللغات التي يتقنها: الفولتيرية والتنويرية والخطاب الإنساني النبيل. الشهادات والمؤهلات: خريج إصلاحيات الأمن العربية حيث أوفد إلى هناك عدة مرات. لديه "شهادات" كثيرة على العهر العربي، ويتمتع بدماغ "تنح"، ولسان طويل وسليط والعياذ بالله. ويحمل أيضاً شهادات سوء سلوك ضد الأنظمة بدرجة شرف، موقعة من جميع أجهزة المخابرات العربية ومصدّقة من الجامعة العربية. شهادات فقر حال وتعتير وتطعيم ولقاح ناجح ضد الفساد. وعدة شهادات طرد من الخدمة من مؤسسات الفساد والبغي والدعارة الثقافية العربية. خبرة واسعة بالمعتقلات العربية، ومعرفة تامة بأماكنها. من أصحاب "السوابق" الفكرية والجنح الثقافية، وارتكب عدة جرائم طعن بشرف الأنظمة، وممنوع من دخول جميع إمارات الظلام في المنظومة البدوية، حتى جيبوتي، وجمهورية أرض الصومال، لارتكابه جناية التشهير المتعمد بمنظومة الدمار والإذلال والإفقار الشامل. يعاني منذ ولادته من فقر مزمن، وعسر هضم لأي كلام، وداء عضال ومشكلة دماغية مستفحلة في رفض تقبل الأساطير والخرافات والترهات وخزعبلات وزعبرات العربان. سيء الظن بالأنظمة البدوية ومتوجس من برامجها اللا إنسانية وطموحاتها الإمبريالية البدوية الخالدة. مسجل خطر في معظم سجلات "الأجهزة" إياها، ومعروف من قبل معظم جنرالات الأمن العرب، ووزراء داخلية الجامعة العربية الأبرار. شارك سابقاً بعدة محاولات انقلابية فاشلة ضد الأفكار البالية- وعضو في منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان. خضع لعدة دورات تدريبية فاشلة لغسل الدماغ والتطهير الثقافي في وزارات التربية والثقافة العربية، وتخرج منها بدرجة سيء جدا و"مغضوب عليه" ومن الضالين. حاز على وسام البرغل، بعد أن فشل في الحصول على وسام "الأرز" تبع 14 آذار. ونال ميدالية الاعتقال التعسفي تقديراً لمؤلفاته وآرائه، وأوقف عدة مرات على ذمة قضايا فكرية "فاضحة" للأنظمة. مرشح حالياً للاعتقال والسجن والنفي والإبعاد ولعن "السنسفيل" والمسح بالوحل والتراب في أي لحظة. وجهت له عدة مرات تهم مفارقة الجماعة، والخروج على الطاعة وفكر القطيع. حائز، وبعد كد وجد، وكل الحمد والشكر لله، على عدة فتاوي تكفيرية ونال عشرات التهديدات بالقتل والموت من أرقى وأكبر المؤسسات التكفيرية البدوية في الشرق الأوسط السفيه، واستلم جائزة الدولة "التهديدية" أكثر من مرة.. محكوم بالنفي والإبعاد المؤبد من إعلام التجهيل الشامل والتطهير الثقافي الذي يملكه أصحاب الجلالة والسمو والمعالي والفخامة والقداسة والنيافة والعظمة والأبهة والمهابة والخواجات واللوردات وبياعي الكلام. عديم الخبرة في اختصاصات اللف والتزلف والدوران و"الكولكة" والنصب والاحتيال، ولا يملك أية خبرات أو شهادات في هذا المجال. المهام والمسؤوليات والأعمال التي قام بها: واعظ لهذه الشعوب المنكوبة، وناقد لحياتها، وعامل مياوم على تنقية شوائبها الفكرية، وفرّاش للأمنيات والأحلام. جراح اختصاصي من جامعة فولتير للتشريح الدماغي وتنظير وتشخيص الخلايا التالفة والمعطوبة والمسرطنة بالفيروسات البدوية الفتاكة، وزرع خلايا جديدة بدلاً عنها. مصاب بشذوذ فكري واضح، وعلى عكس منظومته البدوية، ألا وهو التطلع الدائم للأمام والعيش في المستقل وعدم النظر والتطلع "للخلف والوراء". البلدان التي زارها واطلع عليها: جهنم الحمراء، وراح أكثر من مرة ستين ألف داهية، وشاهد بأم عينيه نجوم الظهر آلاف المرات، ويلف ويدور بشكل منتظم بهذه المتاهة العربية الواسعة. مثل أمته الخالدة بلا تاريخ "مشرف"، وبلا حاضر، ولا مستقبل، وكل الحمد والشكر لله. العنوان الدائم للاتصال: إمارات القهر والعهر والفقر المسماة دولاً العربية، شارع السيرك العربي الكبير، نفق الظلام الطويل، أول عصفورية على اليد اليمين.
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.