رسالةٌ إلي مسيحِّي قادَه العقلُ والفكرُ إلي مَسيحٍ آخر !

 بدايةً لا تقل إني ضدك فشخصك عزيزٌ جداً حتي لو لم تؤمن بإلهي ، فأنت وكل أحد هو – أو هي – صنعة يديه و قد خلقك علي صورته . فكيف لا أحبك وأنت تحمل صورة إلهي التي وإن تشوهت حيناً في الإنسان فهي لا تزول ، بل تدوم في إنتظار المُخَلِّص يسوع المسيح ليُجَدّدها، فهو رَسْم جوهر الله ( صورة الله ) الذي عليه خُلِقنا . جُل ما قصدت هو نداء محبةٍ إليك و نصيحة للمعجبين و المفتونين بما يعتقدونه جديداً تقدمه لهم . أقول مَرحبا ببدعة جديدة تُضاف الي ما هو موجود في العالم من بِدع هي من إنتاج العقل . إن محرك السيارة الجيّد يصبح آلة قاتلة إذا لم تَصحبه فرامل وعجلة قيادة جيدة. لقد سبقك الكثيرون و صاروا عبيداً لفكرهم . وهذا حال الإنسان الذي يقتحم الله بدون أن يَطلُب أن يُعلِن الله له ذاته . الله لا نَصِل إليه بفضل الفكر وحده . لأن الله هو الذي يُعلِن ذاته لمَن يريد. ولا يستطيع أحدٌ أن يَعْرفه إلا مَن يُعلِن الله له ذاته . وإلا لَصَار الله إختراع إنساني . و أنت الآن تقتحمه بقوة العقل فقط لتصنع إلهاً من إختراع فكرك . في القديم قالت الحية لحواء ، تشجعها علي الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ” لا لن تموتا ، بل تصيران مثل الله عارفين الخير والشر”. و قول الحية هنا هو مَنشَأ تعدد الأديان و مصدره : أن معرفة الإنسان تُنشِئ الحياة ( والإله ضِمناً ). بينما الأصل أن الحياة ( والله ضِمناً ) تسبق معرفة الإنسان وتُنشِئها. الإله الحقيقي خيرٌ فقط ، أمَّا العقل وحده بدون إعلان الله فإنه يقود إلي إله غير حقيقي يختلط شرُّه ببعض الخير بغرض الخداع . لذلك ” فكل آلهة الأمم شياطين” كما قال الكتاب المقدس. وما توصلتَ اليه يا أخي من إله صَنعَه فكرك هو الشيطان في ثوبٍ من نور. أما عن المعجبين بالإله الذي اخترعته، فأقول لهم ” أعمي يقود أعمي يسقطان كلاهما في الحفرة “ . هنيئا لك بإلهك الذي أخترعته . فإن كنتَ واثقا من قدرتك علي الإختراع و مِن الإختراع نفسه ، فلتحتفظ بحق الإختراع ولا تدعوه بالإسم المبارك يسوع المسيح ، بل إسم آخر. و ليكن لك قدوة في ثقة الإسلام بنفسه، فدعاه ” عيسي ابن مريم “ وليس يسوع المسيح ، لأنه شخصية أخري لا يعرفها المسيحيون . و علي الرغم من أن الإسلام و معظم الأديان لابد وأن ترتبط بطريقة أو أخري بيسوع المسيح – و هو شئ ذو دلالة خطيرة ليس هو مجال حديثنا الآن – إلا أن يسوع المسيح إله المسيحيين هو غريب عمَّن يؤمنون به . فمسيح المسيحيين هو : إبن الله الوحيد الجنس لأنه جوهرٌ واحدٌ مع الله ؛ و هو كلمة الله الذي ظهر في الجسد من أجل محبته للبشر ؛ و هو واحدٌ في الجوهر مع الآب والروح القدس . فالمسيحيين يؤمنون بالله الواحد في ثالوث ( الآب والإبن والروح القدس ) . ثلاثة أقانيم/ أشخاص في طبيعة الله الواحد. وهم لا يقولون بأحد الأقانيم أنه الله بمعزل عن الآخر . لذلك فلا مجال للقول بتعدد الآلهة في المسيحية بل هو غِنَي و عُمق و إقتراب أكثر من الذات الإلهية أعلنه الله الواحد إله إبراهيم و موسي كدلالة حب يتوالي إستعلانه للإنسان إلي أن يصير الله ” الكل في الكل ( البشر جميعاً ) “. الله جوهرٌ واحد أي طبيعة إلهية واحدة . هذا هو التوحيد المسيحي . هذا أتي به موسي ولا يحتاج إلي دينٍ آخر ليُعلنه. أما عن التثليث المسيحي في الله الواحد، فهو أن الطبيعة الإلهية الواحدة توجد في ثلاثة أقانيم / أشخاص ليس بمفهوم تعدد الله الواحد و لكن بمفهوم التمايز في الله الواحد. فمن غير المعقول أن يتمتع الإنسان – و هو صنعة يد الله نفسه – بالوحدانية والتمايز كإنسان، بينما نتكلم عن الله ونَصِفَه أنه – استغفر الله – وكأنه عنده توَّحد . الله مطلقٌ في الحب . و الحب لا يوجد في التوَّحد بل بين المتمايزين . لذلك فإن الله الواحد عنده الإكتفاء المطلق في الحب في ذاته بين الأقانيم . و الإنسان يحمل قبس من خالقه ، فتجد أن البشر أقانيم/ أشخاص متمايزة ولكن تتحد في طبيعة إنسانية واحدة لا تختلف من إنسان لآخر. إن كلامك عن يسوع المسيح أنه ليس الله و لكنه إله متوسط خلقه الله ، هو نفس ما يدَّعيه شهود يهوه قبلك بعشرات السنين . و سواء هذا أو ذاك المعتقد فقد دحَضدته تعاليم المسيح . والمراجع لا حصر لها للرّد علي تلك الترَّهات. ولكن لا وقت لديَّ ولا أنت تبحث عن الحق بل تدَّعيه لذلك لن أطيل . صدقني يا أخي ، لازال الشيطان هو” الكذاب وأبو الكذاب“ و هو” كان قَتَّال للناس منذ البدء“ كقول المسيح . ولا يكُف هذا المُضِّل عن أن يدعو كلَ أحدٍ إلي فتنة العقل و بهاء طلعته . فشجرة معرفة الخير والشر لازال ضحاياه يسقطون. ولو سألتني هل من دليلٍ علي قدسية كلمات الكتاب المقدس وعلي جدارتها بالإلتزام المطلق ؟ فأَحَب مالديَّ هي كلمات المطوَب الذكر الأب متي المسكين ” لو كانت صفات الله مثل صفات المسيح فإن الله عظيمٌ جدا “. فإن كلمات الرب يسوع المسيح في الإنجيل هي صفاته – له المجد- لذلك هي مستحقة كل قبول . وكلمة أخيرة اقولها ” الله محبة “. والحب لا يحتاج دليل . وهو عطاءٌ ثمنُه فيه لذلك لا ينتظر الرَّد وإلا لمَا كان حباً. من هنا كان الحب مجازفة. هذا أعلنه المسيح في مَثَل الإبن الضال ( لوقا ٢٥:١٥) : فالأب أحب إبنيه لذلك جازف فأعطاهما كل ماله رغم عصيانهما، كل أخٍ بطريقته. الأصغر أدار ظهره لأبوة أبيه ( الإلحاد لأسباب نفسية ، لا كإستنارة فكرية ) والأكبر إمتلك أبيه ( التدين لأسباب نفسية إجتماعية لا كإستنارة إلاهية ) . الله جازف بحبه للإنسان فخلقه و جعله خليفته كقول الإسلام ، أو ألَّهَهُ كقول المسيحية . وعصي الإنسان وسقط واستمرت المجازفة إلي حد الإخلاء اُلمطلق في التجسد الإلهي ( عند المسيحيين ) الذي لا يأتيه إلا إله لأنه مُطلق الحب و مُطلق القدرة . والخلاص المسيحي لا يؤمن به المسلمون . إلا أن النص المرادف لموقف الله تعالي من معصية الإنسان في القرآن الكريم قد يحمل نفس مضمون الخلاص المسيحي في قراءة و دراسة البعض من غير المسلمين للنص القرآني ” فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ ( الفعل يعود علي الله ) عَلَيْهِ ۚ( علي آدم ) إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “ ( سورة البقرة ٣٧). و رجوعاً إلي الموضوع .. فإن إتّباع الرب يسوع المسيح لا يأتيه إنسان بالإقتناع العقلي وإلا أصبح الوصول إلي الله مقدرة بشرية بينما البشر عقلياً متفاوتون ولأن الله لا يُقتَحَم و لا يَخضَع لعقولنا بل هو فوقها ولكنه ليس ضدها. فإتّباع الرب هو إستجابة لمسلكه – تعالي – أولاً معنا : حب ومجازفة تعلو فوق العقل ولاتناقضه. وسفر نشيد الأناشيد يترجم ما سبق شرحه . لذلك تهتف عروس النشيد التي وجدت من تُحبه وقالت ” وَجَدتُ من تحبه نفسي . فأمسكته ولم أُرخِه“….. فلعلي أجبتك يا أخي ! سلامٌ لك من رب السلام مؤمناً به كنتَ أو غيرَ مؤمنٍ . بقلم د. رءوف إدوارد

About رءوف إدوارد

د.رءوف إدوارد كاتب قبطي ليبرالي حر
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.