رد الشعب الأميركي على بوتين

دانا ميلبانك

عزيزي الرئيس بوتين..

أتقدم لك بجزيل الشكر على خطابك للشعب الأميركي! أنا أميركي، وحينما علمت يوم الخميس من وكالة الأنباء الروسية الرسمية، (نيويورك تايمز)، أنك أردت «أن تتحدث مباشرة إلى الشعب الأميركي»، كان لسان حالي يقول: يا للروعة!

أعلم أنني أتحدث نيابة عن كثير من أفراد الشعب الأميركي حينما أهنئك على لغتك الإنجليزية. كانت لغة سليمة، تخلو من أي من تلك المقالات التي تضايق كثيرا من أبناء بلدك. من فضلك لا تنزعج، لكن عليّ أن أسألك: هل ساعدك إدوارد سنودن في كتابة هذا الخطاب – إن لغتك الإنجليزية السليمة ليست الشيء الوحيد الذي جذبني. كانت نقاطك الجيوسياسية ذكية (ليس من النوع الذي قد يستخدم في سوريا). كنت حكيما بالفعل في استحضار ذكريات ماضينا منذ وقت طويل كحليفين، وإشاراتك إلى «الثقة المتبادلة» و«النجاح المشترك» جعلتني أفكر أننا ربما نكون أصدقاء مجددا. تذكرني إشاراتك الصائبة إلى إسرائيل والبابا أننا تجمعنا الكثير من النواحي المشتركة.

رغم أن البعض منا يعتقد أن توجيه أميركا ضربة عسكرية ضد سوريا فكرة جيدة، فإن الأفارقة يتفقون معك في الرأي على أنها ستكون فكرة سيئة. (الرئيس أوباما، مثلما قد تكون سمعت، على جانبي الموضوع). كانت آراؤك المعارضة للهجوم مبدعة، ولهذا من العار أنه، في النهاية، يبدو الأمر وكأنك تتدخل في شأن خارجي.

حينما أخبرتنا بأن الأميركيين ليسوا «استثناء» – جرحنا هذا كلنا كشعب أميركي.

اندهشت من هذه الهفوة لأنني أعتقد أنك «تفهم» الأميركيين. حينما رأينا صورا لك من دون قميص في سيبيريا، ذكرتنا بأحد أشهر مشرعينا الأميركيين، هو أنتوني وينر. وحينما شاهدناك تبحث عن ثغرة في القوانين الروسية للبقاء في السلطة، ذكرتنا بشخصية أميركية بارزة أخرى هي رود بلاغوجيفتش.

وهذا يجعل حديثك عن «التفرد الأميركي» مربكا بدرجة أكبر. إنك كتبت: «من الخطير جدا تشجيع الناس على أن يعدوا أنفسهم استثنائيين. جميعنا مختلفون، ولكنا حينما نطلب بركات الرب، علينا ألا ننسى أن الله خلقنا سواسية». (أشكرك على إشارتك للخالق بهذه الصورة؛ بالمناسبة، يتجاوب الشعب الأميركي بشكل جيد مع ذلك). لكنني أخمن أن الجانب الذي خرج عن مساره الصحيح هنا هو أن مترجمي خطابك خذلوك عندما عرفوا لك معنى كلمة «استثنائي» على أنه «أفضل» وليس «مختلف».

الأميركيون لا يعتقدون أنهم أفضل حالا من الشعوب الأخرى. إذا كنت تشك في هذا، فما عليك سوى النظر إلى الكونغرس. إذا اعتقدنا بحق أننا أعلى مكانة، فهل ثمة أي فرصة يمكننا من خلالها اختيارهم لتمثيلنا؟ لا توجد استثناءات – نحن نعتقد أننا أفضل من الكنديين، على سبيل المثال، لكن من فضلكم لا تخبروهم بذلك، لأنهم كيسون جدا – لكن بشكل عام، نقبل أن كل الدول تملك مواطن قوة. نعلم على سبيل المثال أن الروس أفضل منا في إنتاج أطعمة شهية مترفة مثل الكافيار والديوكسين (مجرد مزاح!).

حينما نقول إننا استثنائيون، فإن ما نعنيه بحق أننا مختلفون. مع قليل من الاستثناءات، نحن جميعا غرباء بالنسبة لأرضنا، أتت أسرنا من شتى بقاع العالم وأتت معها بكل ألوانه ودياناته ولغته. نحن نرى أن هذا المزيج، جنبا إلى جنب مع مجتمعنا الحر، قد أثمر أجيالا من الطاقة المبدعة والمهارة، من إعلان الاستقلال إلى الـ«فيس بوك»، ومن توماس جيفرسون إلى مايلي سايروس. لا توجد أي دولة أخرى بهذا الشكل.

الأميركيون ليسوا أفضل من الآخرين، لكن تجربتنا الأميركية متفردة – استثنائية – وقد أنتجت أقوى اقتصاد وجيش في العالم، اللذين وظفا في الأغلب لتحقيق الصالح العام في العالم. حينما تشكك في مسألة التفرد الأميركي، لن تجد قدرا كبيرا من الدعم من جانب أي منا، سواء ليبراليون ومحافظون، ديمقراطيون وجمهوريون، حمائم وصقور.

آمل ألا تأخذ هذا الانتقاد على محمل سيئ، لأنني أعرضه بصورة ودية. كنت في سلوفينيا ذلك اليوم في عام 2001 عندما نظر إلى ما بداخلك وراق له ما رآه. ولو لم يكن أسلافك قد طردوا أيا من أسلافنا خارج أوروبا الشرقية، لما كنت هنا اليوم، أشارك في التجربة الأميركية.

على أي حال، كان من دواعي سروري أن أتسلم خطابك. من فضلك، اكتب مجددا قريبا. أعتقد أن هذه بداية صداقة استثنائية.

* خدمة «واشنطن بوست»

منقول عن الشرق الاوسط

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.