دلال وبنات صاحب الفضيلة

الوطن السعودية: علي سعد الموسى 

ومن الجملة الأولى، سأقول إن الفارق بين الفتاة السعودية التي أكتب عنها وبين صاحب الفضيلة الذي يرى في عملها ومهنتها (حراما) يتجاوز الحدود، هو ذلك الفارق بين فتاوى أبراج العاج وبين واقع آلاف الأسر وأولادهم وبناتهم مقارنة ومقاربة مع فتوى صاحب الفضيلة. تبرهن ظروف هذه الفتاة وتفاصيل وطبيعة عملها أن بعض أصحاب الفضيلة الكرام ضحايا لبرامج (تكييف) الأسئلة، في زمن نكتفي فيه بإطلاق الآراء من الأستوديوهات المكيفة دون أن ننزل إلى الواقع اليومي المعاش لعشرات الآلاف الذين نكتنفهم بهذه الفتاوى بين الأجوبة والأسئلة. وبشهادة دبلوم متوسطة بعد الثانوية العامة حصلت (دلال) على وظيفة تقنية في المجال الطبي وتقبض ما يقرب تسعة آلاف ريال في الشهر الواحد في مستشفى حكومي متوسط. استمعت إليها وهي غارقة في نوبة بكاء حاد لأن فتوى صاحب الفضيلة قد رمت ما يقرب من 25 من زميلاتها في دائرة الشك والرذيلة رغم أنها (تقسم) أن خمسة عشر عاما من تاريخ دخول (السعودية) الأولى لهذا المستشفى لم تشهد شبهة ولا قصة أخلاقية واحدة.

هي تبكي (كما قالت) لأنها استمعت لفتوى تحريم العمل، ولوصف (الرذيلة) وهي بين أهلها في المساء عبر قناة فضائية. تتحدث بين حشرجات البكاء عن (راتبها) الذي تعول به أختين في الثانوية العامة وأخوين في الابتدائية والمتوسطة. عن السيارة التي اشترتها لوالدها بعد أربع سنوات من آخر سيارة تحطمت في حادث سير ماتت فيه الأم. هي تتحدى صاحب الفتوى أن يزورهن، وكما تقول، كي يشاهد الكفاح ضد الحرمان والفقر وتحالف الظروف قبل أن يحكم على (الشريفات) وعلى الوظيفة. ولأنه جيل جديد وخلاق وقادر على فضح المستور بثورة الاتصال والمعرفة فقد بعثت إلي بالبريد الإلكتروني تاريخ بنات صاحب الفضيلة مع الوظيفة. صاحب الفضيلة الذي يتهم هؤلاء الأيامى بالرذيلة والاختلاط لديه ست بنات. ثلاث من الأربع الكبار مشرفات تربويات بالجملة والرابعة، بالبرهان، معارة رسمية إلى جمعية خيرية بعد مجرد عامين من الوظيفة وكل البنات الأربع يعملن في الأحياء (الشمالية) على بعد أمتار من بيت صاحب الفضيلة. حمداً لله على الشفعة الحسنة. الاثنتان الصغيرتان على البعثة الرسمية الحكومية في بريطانيا وأستراليا، وبالأوراق والبراهين، مع زوجيهما ومرة أخيرة شكرا للشفعة الحسنة. تحتم عليّ كل أحلامي ألا يجبرني والدي على الزواج لأنني نذرت حياتي لهؤلاء الإخوة. تختتم: هم وجه أمي التي ماتت بين يدي.

 
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.