حوالة بريدية مقدسة

حاول ابو الطيب طيلة امس ان يتصل بالسيد مدير مستشفى الرشاد”الشماعية” سابقا للاستفسار عن شخص يدعى مجاهد الخباز.

وكان ابو الطيب قد حفظ مواصفات هذا الرجل بالتفاصيل الدقيقة:متوسط القامة يضع على راسه عمامة سوداء ويتلفع بجبة سوداء هي الاخرى وله عينان حادتان رغم صغرهما ومن العجيب ان يده اليسرى اقصر من اليمنى.

وحين فشل الاتصال بحث عن رقم هاتف الطب الشرعي ليسال عن مجاهد وكنيته هذه المرة “مجاهد الشاعر”.

ولم يفلح ايضا وباءت محاولات زوجته واولاده في اقناعه بالخروج الى الهواء الطلق بدلا من الاعتصام بغرفته بالفشل.

واستغلت زوجته مكانتها في قلبه فاقتحمت غرفته لتساله عما يضايقه.

صاح وهو يكاد يبكي:

يضايقني!!! هل الذي يسخر من امامنا الحسين تسمينيه مضايقة، الا ليت شعري فقد هزلت ورب الكعبة..لا والله لم تهزل بل وصلت الى قاع بئر السخرية الممزوجة بالسخف والجنون الحقيقي.

اي فهمني ياعيني، يمكن اساعدك.

كيف تساعديني يامرة وانا اشوف واسمع واحد يضحك على الله والامام الحسين وعلى الناس اللي يسمعوه.

اي غير افتهم شنو القصة؟.

واحد اسمه مجاهد الخباز يعمل رادودا في حسينية ال البيت صعد على المنبر بتاريخ 2013/3/26 ليخطب امام القوم فقال:

حدثت معجزة قبل ايام، لم استطع الا ان اشارككم فيها لما لها من عبرة ونظرة.

احتاج سعيد الصافي وهو الشاعر المعروف الى مبلغ 200$ ليسد بها حاجة ما وتردد كثيرا في فكرة ان يستعين باقاربه واصدقائه وقال لنفسه انا خادم الحسين واستعين بالناس؟ والله لاذهبن الى ابو علي واطلب المبلغ منه.

وبالفعل دخل الصافي الى حضرة الامام الحسين وخاطبه قائلا:سيدي ابا عبد الله اريد منك 200$ لاسد بها حاجتي ولم يكد يكمل كلامه حتى احس باحدهم يربت على كتفه ويقول له بادب منقطع النظير:اخي سعيد ارسل لك صديقك في السويد هذا المظروف.

وحين فتحه وجد فيه مبلغ 200$ بالتمام والكمال.

وهنا تعالى بكاء القوم السامعين (لماذا؟ لا احد يعرف) ولم يستطع الخباز الا ان يبكي معهم لدقائق تلفزيونية كانت طويلة على المشاهد.

والان ايتها الزوجة الحبيبة هل مازلت عاقلة؟

انا مو مشكلة بس ممكن اسالك كم سؤال

تفضلي.

ليش طلب بالدولار؟

لان العملة الماشية هذه الايام.

زين وليش وصلت الفلوس من السويد وهي بلد الكفار.

لاتعليق…

اكو ايام زمان بلد اسمها السويد؟.

لاتعليق…

تعرف كم فقير بالعراق؟

لا بس اعرف رقم تقريبي للاطفال الذين ينامون بدون عشاء.

فاصل ثبوتي:تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.