حوار مع القرضاوي 3

عبد القادر أنيس

هذه المقالة الثالثة حول كتاب القرضاوي (الإسلام والعلمانية وجها لوجه).
تتناول قراءتي في هذه الحلقة فصل: “العلمانية بين الغرب المسيحي والشرق المسلم” كما ورد في الكتاب.
يقول القرضاوي، في مستهل هذا الفصل، عن العلمانية بأنها “كلمة حديثة الاستعمال في لغتنا العربية….. مترجمة عن اللغات الأوروبية، كما رأينا. وكان يمكن أن تترجم بلفظة “لادينية”، لأن معنى الكلمة الأجنبية ما ليس بديني، وكل ما ليس بديني، هو لا ديني. ولكن اختيرت كلمة “علماني” أو “مدني”، لأنها أقل إثارة من كلمة “لا ديني”.
فهل وُفِّق القرضاوي في هذا التعريف؟
لنقارن تعريفه بتعريف العلمانية كما عرفتها القواميس الغربية. مصطلحLaïque بالفرنسية و secular بالإنجليزية يعني ما ليس له طابع مقدس أو ديني. أصل كلمة laïque مثلا متحدر من اللاتينية laicus ويعني العامة من الشعب مقارنة بـ klericos الدال على المؤسسات الدينية، ومصطلح laicus استعملته الكنيسة أولا للإشارة إلى كل شخص ليس كاهنا أو رجل دين بصفة عامة، قبل أن تتعزز صفوف الحركة العلمانية مع انتشار الحداثة والتنوير في أوربا وتتطور نحو رفض تدخل المؤسسات الدينية في المجال السياسي للدولة وتكتفي بالشؤون الدينية البحتة المتعلقة بالإيمان والعبادة. وهذا باختصار معنى العلمانية.
وعليه فتفضيل القرضاوي لمصطلح “لاديني” غير موفق، هدفه تشنيع العلمانية بوصفها مناهضة للدين ورجاله. أو حسب عبارته “عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع، وإبقاءه حبيسا في ضمير الفرد، لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه، فإن سمح له بالتعبير عن نفسه، ففي الشعائر التعبدية، والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة، ونحوها”. وهو تعريف صحيح إذا أكتفينا بـ””عزل الدين عن الدولة” بما يعني منع رجال الدين من التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية والتعليمية وفرض رؤاها على العلاقات العامة بين الناس. لكن القرضاوي يضيف “وحياة المجتمع”، وهذا غير صحيح على إطلاقه لأن المؤسسات الدينية تتمتع بحرية ممارسة نشاطاتها داخل المجتمع فيما يتعلق بشؤون الناس الروحية إذا رغب المؤمنون في الارتباط بها، بكل حرية خلافا لما كان سائدا في العصور الذهبية لهذه المؤسسات عندما كانت تفرض على الناس تدينهم وولاءهم وتمويلهم لها وخضوعهم لشريعتها، وإلا تعرضوا للقمع.
تعريف القرضاوي إذن مغرض الهدف منه استعداء الناس ضد الفكر العلماني ومفكريه بغرض قمعهم وإسكاتهم بوصفهم ملاحدة معادين للدين.
كل الأديان قديما مارست هذه الهيمنة على الناس، ولا تزال تمارسها في البلاد المتخلفة التي لم تنتصر فيها العلمانية، ويحتل الإسلام ورجاله الصدارة في مواصلة التشبث بهيمنة الدين على حياة الناس والتدخل في الشؤون السياسية والاجتماعية والفكرية والفنية والتعليمية والاقتصادية عبر التحريم والتكفير والترهيب المعنوي والمادي باسم المقدس. القرضاوي يعترف بهذه الهيمنة ويدافع عنها ويبررها. نقرأ له: “وهذا المعنى غير معروف (يقصد التقسيم الديني- العلماني) في تراثنا الإسلامي، فتقسيم شئون الحياة إلى ما هو ديني، وما هو غير ديني، تقسيم غير إسلامي، بل هو تقسيم مستورد، مأخوذ من الغرب النصراني، وما نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من تقسيمات للحياة، وللناس، وللمؤسسات، إلى ديني وغير ديني، ليس من الإسلام في شيء”.
“لم يكن في الإسلام ـ كما في عصورنا الأخيرة إلى اليوم ـ تعليم ديني، وتعليم غير ديني، ولم يكن في الإسلام أناس يسمون رجال الدين، وآخرون يسمون رجال العلم أو السياسة أو الدنيا، ولم يعرف الإسلام سلطتين: إحداهما دينية، والأخرى زمنية أو دنيوية، ولم يعرف تراث الإسلام دين لا سياسة فيه، ولا سياسة لا دين لها”.
“لقد كان الدين ممتزجا بالحياة كلها، امتزاج الروح بالجسم، فلا يوجد شيء منفصل اسمه الروح، ولا شيء منفصل اسمه الجسم، وكذلك كان الدين والعلم، أو الدين والدنيا، أو الدين والدولة في الإسلام.
إن العلمانية “بضاعة غريبة” لم تنبت في أرضنا، ولا تستقيم مع عقائدنا ومسلماتنا الفكرية”.
نقتطف هذه الفقرات الطويلة حتى نقدم صورة واضحة عن فكر القرضاوي الذي لا يبدو مستعدا للتخلي عن هيمنة الإسلام على الشعوب المسلمة، وما يعنيه في الحقيقة من هيمنة رجال الدين المسلمين على حياة الناس وما يعتبره هو من إيجابيات الحياة الإسلامية هو في الحقيقية من السلبيات التي ساهمت في الجمود والانحطاط.
لكن، هل صحيح ما يزعمه القرضاوي عندما يقول: “فتقسيم شئون الحياة إلى ما هو ديني، وما هو غير ديني، تقسيم غير إسلامي، بل هو تقسيم مستورد، مأخوذ من الغرب النصراني”؟
هل هو تقسيم خاص بالغرب النصراني كما قال؟ أو بمعنى أدق، هل الغرب النصراني كما هو اليوم هو نفسه كما كان قبل قرن وقبل قرنين وقبل قرون؟
هذا الخلط بغيض، وهو يعبر عن واحد من موقفين يقفهما القرضاوي خدمة لمعركته ضد المطالب العلمانية في العالم العربي والإسلامي: إما أن القرضاوي يعرف ويتعمد التعمية أو أنه لا يعرف وهو أمر فضيع لرجل يعتبر نفسه عالما. في الشرق كان رجال الدين يعتبرون أنفسهم من الخاصة مقابل العامة التي كانت تلقى الاحتقار وقد ألف في ذلك أبو حامد الغزالي كتابه “إلجام العوام عن الاشتغال بعلم الكلام”. أما الغرب اليوم فلا يمكن أن ننعته بالنصراني إلا كانتماء تاريخي للمسيحية، ولأن شعوبه وحكوماته كما تعكسها مواثيقه وقوانينه اليوم لا علاقة لها بالمسيحية إلا كممارسات فردية حرة. كيف لا وقد خاض هذا الغرب طوال قرون صراعات مريرة ضد هيمنة البنى السياسية والدينية القروسطية التي كانت ترعاها الكنيسة من ملكية زعمت أنها تملك باسم الحق الإلهي ومؤسسات دينية مهيمنة على التربية والتعليم والفكر والاعتقاد واحتكار للحقيقية الدينية والعلمية ومعاقبة كل المخالفين. الحريات التي يتمتع بها المواطنون هناك ليست منة من الكنيسة ولا هي كانت من روح مذاهبها المختلفة.
بعد أن يقدم القرضاوي تعريفه للعلمانية ويطمئن إليه يتساءل بنشوة المنتصر: ” ما الحكم عند الاختلاف بيننا وبينهم؟ وهنا نصل إلى مفترق طريق بيننا وبين دعاة العلمانية، الذين يزعمون أن من حقهم أن يفسروا الإسلام من منظورهم الخاص، وأن يقدموا فيه ويؤخروا، كما يحلو لهم؟”
ثم يضيف: “وهنا نرد عليهم دعواهم بحجج ثلاث:
“أولا: ليس الإسلام دعوة غامضة، ولا مادة هلامية، يفسرها كل من شاء، بما شاء، فالإسلام له أصوله البينة الثابتة، ومصادره الواضحة المحكمة، وليس هو كالأديان الأخرى، التي يملك رجالها أو المجامع المقدسة لديها، أن تضيف إليه، أو تحذف منه، أو تعدل فيه…”
“ثانيا: عندما يختلف العلماء والباحثون في أمر من الأمور: أهو من الإسلام أم لا، سواء كان من العقائد أم من العبادات أم من الأخلاق أم من المعاملات، ألا يوجد معيار يحتكم إليه؟!”
“بلى، قد وضع القرآن الكريم لنا المعيار، الذي نرجع إليه عند الاختلاف والتنازع، وهو ما ذكره بقوله: (يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولى الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) (سورة النساء:59)…..”
“ثالثا: إذا اختلف علماء الإسلام المتخصصون في دراسته وفقهه، والذين عاشوا حياتهم له، يتعلمونه ويعلمونه، ويدرسون معه كل ما يعين على حسن فهمه من “العلوم الآلية” التي هي آلة الفهم، ووسيلة الاستنباط، وهي علوم اللغة، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، إذا اختلف هؤلاء مع دعاة العلمانية الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا قشورا، ربما أخذوها عن “المستشرقين”، الذين يحسنون بهم الظن، أو “المستغربين” الذين تتلمذوا عليهم، ولعلهم لم يقرأوا كتابا معتبرا في أصول الفقه، أو في مصطلح الحديث، بله الفقه أو الحديث نفسه، فمن يكون أحق بالصواب من الفريقين: الإسلاميون أم العلمانيون؟ ومع من يسير المسلم، وهو مطمئن القلب؟”
“إن الله أمرنا أن نرجع في كل أمر إلى أهله، أي إلى أهل الاختصاص به والخبرة فيه…..”

أتوقف هنا لقراءة هذه المواقف العنترية:
أولا: القرضاوي ينفي أن يكون قد وجد في الإسلام رجال الدين ثم لا يعترف للعلمانيين بحقهم في النظر في الدين ويجعله حكرا عليه وعلى أمثاله من المتخصصين في الدين، وهم رجال دين بامتياز.
ثانيا: القرضاوي يزعم أن: ” ليس الإسلام دعوة غامضة، ولا مادة هلامية…” فكيف يفسر لنا كل الانقسامات والفتن والمذاهب التي قامت في الساحة الإسلامية لو كان الإسلام واضحا دقيقا في شريعته وأحكامه وتعاليمه التي لا تحتمل إلا تفسيرا واحدا؟ لقد رأينا مثلا في المقالة السابقة كيف نفى القرضاوي وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن مع أن المسألة تناولها فقهاء الإسلام دائما وعملوا بها واستنبطوا الشرائع بناء عليها. ورأينا مثلا تفشي إباحة العبودية في الإسلام وقننها فقهاؤه طوال التاريخ بينما ينفيها صديقه الغزالي أو يحاول التستر عليها كما رأينا في كتابه محل قراءتنا السابقة “حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة”، وحتى مبدأ الشورى الذي استمات الإسلاميون في الدفاع عنه كبديل للديمقراطية الغربية قبل أن يتنازلوا ويحللوا الديمقراطية بعد أسلمتها وتجريدها من أهم ركائزها المتمثلة في العلمانية ومختلف الحريات ويحتفظوا منها بآلية الانتخاب فقط بعد أن ضمنوا العامة إلى جانبهم، حتى مبدأ الشورى هذا لا يتفق فقهاء الإسلام حوله بين من يرى أنه غير واجب ومن يرى وجوبه على الحاكم ولا يشترط إلزامه بالأخذ برأي أهل الشورى، رغم أن الفقهاء لا يتناولون أبدا كيفية اختيار مجلس الشورى بل ويضعونه بيد الحاكم الذي يتولى تعيين أعضائه حسب هواه حتى يضمن ولاءهم.
فأين الوضوح في مسائل هي من الأهمية مثل السياسة وإدارة شؤون المواطنين التي عجز الفقه الإسلامي عن تطويرها بسبب خلو الكتاب والسنة من أية تعاليم واضحة ذات قيمة في هذا الباب. وما ورد منها هو من الغموض والسلبية جعلت الفكر السياسي الإسلامي متهافتا جدا مقارنة بالفكر اليوناني والروماني مثلا رغم ادعاء المسلمين لمصدرهم الإلهي.
ثالثا: يزعم القرضاوي أن القرآن قد وضع “لنا المعيار، الذي نرجع إليه عند الاختلاف والتنازع، وهو ما ذكره بقوله: (يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولى الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول…” وهو زعم متهافت أيضا. فالمسلمون لم يفعلوا طوال تاريخهم المليء بالقلاقل سوى العودة إلى دينهم بحثا عن الحق والحقيقة فيه وعن الحل لخلافاتهم دون جدوى بل كان كل فريق يجد ما يؤيد دعاواه مهما اختلفت مع دعاوى غيره. هنا نجد أنفسنا أمام موقف عويص جدا: عندما يدعي القرضاوي والإسلاميون معه أن عند المسلمين المعيار الكفيل بتسوية النزاعات فهم يضعون أنفسهم والمسلمين معهم في مأزق لا يحسدون عليه: كيف يعقل أن تعيش شعوب هذه البقعة من الأرض قرونا طويلة من الانحطاط والتشرذم والتناحر والفساد السياسي والاجتماعي وأخيرا الاستعمار وبين أيديهم المعيار السحري لمواجهة كل هذا الانسداد الحضاري؟ لا بد أن تكون كل هذه الشعوب ونخبها على رأسها على درجة متقدمة من العته لا تعرف معها صالحها من طالحها لأنها تمتلك بين أيديها الدواء ولا تتعالج به. بينما الحقيقة هي أن الدواء فاسد تجاوزه الزمن وصار ضرره أكثر من نفعه.
رابعا: يقول القرضاوي: ” إذا اختلف علماء الإسلام المتخصصون في دراسته وفقهه…. مع دعاة العلمانية الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا قشورا…. فمن يكون أحق بالصواب من الفريقين: الإسلاميون أم العلمانيون؟ ومع من يسير المسلم، وهو مطمئن القلب؟” “إن الله أمرنا أن نرجع في كل أمر إلى أهله، أي إلى أهل الاختصاص به والخبرة فيه…..”.
وهو ما يعني أن القرضاوي لا يرى بديلا لنا سوى دولته الإسلامية الثيوقراطية التي يحكمها رجال الدين القروسطيون: أهل الاختصاص. وأي اختصاص؟ رأينا أنهم عجزوا طوال التاريخ، بسبب تشبثهم المرضي بالنصوص المقدسة، عن تطوير نظام سياسي قادر على تجنيب بلاد المسلمين كل هذه الفتن والصراعات الدامية التي انتهت بانحطاطنا ودخولنا في سبات عميق لم نستيقظ منه إلا على طبول ومدافع نابليون التي مهدت للاستعمار. بل الحق أننا لم نستيقظ بعد.
مع هذا يتساءل الشيخ بغطرسة: “فهل يدعي العلمانيون أنهم أهل الذكر، وأهل العلم والخبرة بالإسلام، وأهل الفتوى، فيما يختلف فيه من أحكامه؟! لا أحسبهم يجرؤون على ذلك، برغم ما لهم من اجتراءات!”
نعم هم لم يجرؤوا على ذلك ما دام سيف التكفير الأصولي مسلط فوق رقابهم وهو ما منع الفكر العلماني من الانتشار بين الناس بسبب الاحتكار الذي مارسه تحالف الحكم الاستبدادي مع رجال الدين، وهؤلاء كلهم ليس من مصلحتهم أن يبلغ الأيتام سن الرشد كما قال الكواكبي.

وأخيرا يقول: “ولو توافر العلم عند الطرفين المختلفين، وكانت كفتا الميزان عندهما سواء، لوجب الترجيح بالورع والتقوى، فالعالم، الذي يخشى الله، ويستحضر رقابته، وأنه مسئول أمامه عن علمه، ماذا عمل فيه؟ ولا يبيع دينه بدنياه، فضلا عن أن يبيعها بدنيا غيره، هذا ـ ولا ريب ـ أولى أن تكون كفته هي الراجحة، وحجته هي اللائحة، وقوله هو الأدنى إلى السداد، أولا: لأنه مأمون على دين الله، لا يخاف منه التزييف اتباعا للهوى، أو التحريف طلبا لدنيا، وثانيا: لأن مثله جدير أن يوفق للصواب، وأن يسدد للحق، فالتقوى هدى ونور وبصيرة، وقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا، إن تتقوا الله، يجعل لكم فرقانا).
ماذا أقول لممثل علماء السلاطين هذا أمام هذا الادعاء الباطل غير التذكير بموقفه في مقالي الأول من هذه السلسلة عندما هاجم الجمهوريات العربية الوراثية عن حق ودافع عن الملكيات العربية الوراثية عن باطل وهي كلها في الاستبداد سواء؟ فأي ورع وأية تقوى وأي سداد في هذا الموقف؟
لقد توفي مؤخرا الدكتور فؤاد زكريا في صمت، كما ناضل في صمت، سلاحه الوحيد قلمه وعقله وغيرته على مصير هذه البلاد البائسة. مات فؤاد زكريا وجريدة الأهرام ترفض نشر مقالاته بينما يسخّر الحكام والسلاطين للقرضاوي الفضائيات والمواقع وتتناقل الجرائد وكل وسائل الإعلام تصريحاته وخطبه وفتاواه.
http://dostor.org/weekly/depth/10/march/17/9759
يتبع

عبدالقادر أنيس فيسبوك

About عبدالقادر أنيس

كاتب جزائري
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.