للرب تدبيره في كل جيل.تزدهر قداسته على مختاريه. يشرق نوره و يبدد الظلمة بعمل روحه.يختار من يستنير به و فيه يتمجد.حين يحتشد الجهل و الفراغ فى البرية القاحلة روحياً يستخرج لنا من كنزه يوحنا المعمدان فيجول صوت صارخ في البرية يعد طريق الرب و يدعو غيره للإستعداد معه للخلاص.
كان القديس حبيب جرجس من تلاميذ المعمدان رغم فرق الألفى عام.ليس للزمن سلطان على القداسة و لا تباعد المسافات يعوق التلمذة الروحية.صوب المعمدان ركض القديس. ذهب الحبيب بأشواقه إلى هناك و هناك تتلمذ و من هناك إنطلق.و كما كان أيام يوحنا إنحراف فى الكهنوت و ظلام فى القلوب والرئاسة الروحية تائهة مشغولة عن خلاص النفوس كانت الكنيسة أيام حبيب الحبيب تعانى نفس الظلمة و التفكك.رأى الروح القدس هذا المبارك مشتاقاً لحرية المجد و نور الصلاح فإنغمس فى الصلاح من غير أن يشغله تهجم أو تهكم على الكنيسة و حالها المزرى فى بداية القرن العشرين.بل بقوة و إيجابية أراد أن يمد يده لله ليرمم به الثغرات و إستخدمه المسيح كبناء حكيم. الله المتحنن لا يترك نفسه بلا شاهد و كان مختاره الشاهد الأمين حبيب جرجس.
لما رأى جفاف الكنيسة من التعليم جال مسترشداً بنعمة إلهية في ربوع مصر صوت صارخ لا يهدأ.يبنى و لا يهدم.ينشئ الجمعيات أينما رحل و كانت يد الرب تنجحه فيما تمتد إليه يد القديس مؤسس جمعيات الوعظ فى جيل غفا فى سبات عميق.
-إذ غلبته لذة التسبيح عكف على تأليف الترانيم لكي تكون ترتيلة في أفواه الشعب قدام الله فيستقبلون الكلمة بفرح.كان يكرر قدام الجموع ما قاله القديس باسيليوس الكبير أن الترنيم هو هدوء النفس و راحة الروح و سلطان السلام .كانت ترانيمه تعكس أشواقه حين يرتل (يا نفس قومى إستيقظى ها قد بدت شمس النهار : و ليلك الماضى إنقضى و النور فى الشرق أنار) و كتب لنصرة الكنيسة منسكباً عنها قائلاً(كنيسة تضمنا يا رب قد أنشأت و بدم العهد الذى سفكت قد أسست: تذكر البيت الذى قديماً إقتنيت و شعب ميراثك من إياه قد إفتديت) و هو أيضاً مؤلف الترنيمة الشهيرة (كنيستي أرجو لك من عزة الإله خلاص كل الشعب يا سفينة النجاة)و لا زالت ترنيمته الذهبية (إن فادينا دعانا كلنا نحيا به) تتردد حتي اليوم وقت تناول الأسرار.كتب القديس 102 ترنيمة يستطيع الباحث في أعماقها أن يبلور فكر القديس و يتعلم المفاهيم الإنجيلية عن كل مراحل الخلاص و الأسرار و الصلوات و المناسبات المختلفة.كان التعليم عنده كالترنيم و الترنيم عنده كالتعليم .من خلاله سكب الرب في كنيسته شهوة التسبيح و التلمذة و بدأت من جديد إجتماعاتها و قام من جديد تعليمها.نحتاج هذا المقاتل الروحى لجيلنا فننهض لنعيش القداسة .
– القداسة تترسخ فى قلب يشبع من فكر المسيح و يأخذ منه كلام الروح الذى أرشد القديس به في كتابه (خلاصة الأصول الإيمانية فى معتقدات الكنيسة القبطية ثلاثة أجزاء) ليكون مرجعاً للمبتدئين في الوعظ.كما كتب عن تاريخ الوعظ و أهميته و كتب كذلك كتاباً عن الجوهرة النفيسة فى خطب الكنيسة لأن الكنيسة كانت قفراً من التعليم. كان رغم ترحاله الدائم منشغلاً بخلاص النفوس إذ إجتمع الناس من جديد قدام المسيح و إلتهب الفاترون و الباردون من الكبارفبدأ يفكر فى خدمة الشباب ليكونوا مؤهلين للعمل الروحى مع المسيح فأسس الإكليريكية في العصر الحديث و منها تخرج الكثير من الآباء البطاركة و المطارنة الذين تأثروا بمعلمهم القديس حبيب جرجس و كان المتنيح البابا شنودة من أهمهم و قد أخذ عن معلمه حبيب جرجس الكثير من الصفات و الفكر و التعليم حتي تأليف الترانيم.
– الكبار تعلموا فى الإجتماعات و الشباب تتلمذوا فى الإكليريكية و بقى الإهتمام بالأطفال فألهمه الروح القدس لتأسيس مدارس الأحد.كانت فكرة سمائية نعيش من خلالها حتى اليوم.صارت مدارس الأحد إكليريكية الأطفال و مستقبل الكنيسة التى إنتبهت لهذه الخدمة وتمجد الله فى الأطفال كما في الكبار و الشباب .كل هذا صار لأن رجلاً باراً سلم نفسه للرب ليعمل به.
– تنيح القديس حبيب جرجس فى 21 أغسطس 1951 عن عمر 75 عاماً عشية عيد إنتقال جسد العذراء للسماء و راح يشاركها الفرح السماوى و بعد مرور عشرات الأعوام وجدت الكنيسة جسد هذا القديس كاملاً لم يتحلل مشابهاً لجسد القديسين أنبا بيشوى و أنبا إبرام فكانت شهادة معجزية تؤكد قداسته .وصار ضمن القديسين الذين تعيد الكنيسة بتذكارهم في السنسكار فى تذكار نياحته.
– أيها الرب القدوس الذى فى كل جيل يقدر أن ينهض القابعين فى سبات عميق.يكلمنا بشخصه المحب لخلاصنا و يرسل لنا من عنده من يستنهض الإرادة و يفيق الناعسين.يا إله القديس حبيب إجعلنا نعيش مثله منشغلين بالخلاص لأنفسنا و للجميع.لأنه لا ربح لنا غيرك .أنت تصيح قدام القبور فيخرج الراقدون كأنهم فى سباق و نحن الآن مثلهم نشتاق لترك قبور الخطية.
من ينير الفكر سواك فيعلم كيف يشترك وفق تدابيرك.ينظر من عينيك و يستكشف المستقبل كالقديس حبيب جرجس و ينحني قدامك سائلاً أن تضع لنا حجر زاوية و تعلمنا البناء لأجل القادمين من شعبك.إعطهم ما أعطيتنا من غنى نعمتك و أكثر.
من يصرف السنين فى هواك و لا يندم حتى يصير عمره محسوب من الأبدية قبل أن يترك هذا العالم.من يأخذ من قلبك نفس محبتك و يجول كالقديس حبيب يصنع خيراً و ينير للعميان بنورك و تضع يدك المحيية في أيادينا فيصير لنا روحاً مثل روحه و تأثيراً لمجد إسمك وحده و يلتهب الغافلون بفكر التوبة و يذكرونك فيكون هؤلاء إكليل لمن خدمهم بإسمك كالقديس حبيب جرجس.
يا إله القديس الحبيب إمنحنا روح القداسة لنتأصل فيك دون أن نتزعزع من رياح الأرض العاتية.ننتظرك كما تنتظرنا و قلوبنا إليك تحن .تلمذنا لأولادك الذين شهدت لهم كعبدك القديس حبيب فنكون تلاميذ لمدرسة الروح القدس الواهب بغنى حياة أبدية لطالبيه.
#Oliver_the_writer
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حر#مسيحيو_المشرق و(الخيارات المرة )!!!:
Published by:مفكر حرهادي العامري واوهام المدمنين
Published by:علي الكاشالكفاءة
Published by:عصمت شاهين دو سكيأفكار شاردة من هنا وهناك/40
Published by:مفكر حرالعهد الجديد و سفر التكوين والخليقة
Published by:صباح ابراهيمأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية