جهاد علاونة: يا رب

في كل يوم أقول يا رب, وحين أنام أقول يا رب, وحين أصحو من النوم أقول يا رب, فيا رب دعني دائما أقول:يا رب.irqpry

يا رب بارك حياتي كلها, بارك خطواتي, انزع الغل من صدري, يا رب آنسني في وحدتي, أنا بين أهلي رجلٌ غريب اللون والدم والرائحة , أنا في بيتي عبارة عن إنسان مفقود , أنا بين الناس مسلوب الإرادة , أنا أعيش تحت قصف الدموع وتحت زخات المطر, يا رب كن النور الذي يمشي أمامي في الظلمات, فهذه الطريق مظلمة جدا وموحشة جدا ومخيفة جدا, يا رب سامح كل أعدائي, يا رب يا رب ها أنت تراني عاريا مهموما ومحزونا,أمشي وأنا خائف, وأنامُ وأنا خائف, وأصحو من النوم وأنا خائف أرتجف من الجهّال, وآكل لقمة الخبز وأنا خائف وأشرب الماء وأنا خائف , يا رب لا تتركني في هذا العالم المظلم وحيدا , يا رب بارك نسمات الهواء التي يشمها أنفي, يا رب امنحني القوة والخلاص من كل الشرور , يا رب هذه الطريق طويلة وهذا الدرب مليء بالمخاطر,ها أنت تراني طريدا بين الجبال, ها أنت تراني أمشي وحيدا في الطرقات , ها أنت تراني ميتا بين الأحياء, ها أنت تراني ظمآن الفم والفؤاد فكن ماءً في ريقي , ولقمة خبزٍ في أمعائي.

ها أنت تراني أموت على شربة ماء وكسرة خبز , أصلي من أجل أن يعم السلام على الناس جميعا , أتمنى أن يتعانق الناس في الشوارع بدل أن يسحبوا الأسلحة النارية على بعضهم البعض, يا رب أنا من أنا؟ لا أنا مع الأموات ولا أنا مع الأحياء, ها أنت تراني على محبتك ثابت,وعلى نورك سالك, ها أنت تراني أزرع الأرض بالسلام, فلما لا تعطيني الأمان؟ ها أنت يا رب تعرف حالي وأحوالي, ها أنت يا رب تعطي غيري وتمنع عني, سرقوا خبزي الذي أشتهيه, أكلوا لحمي, أكلوا قسمتي ونصيبي, ولم يبق لي من نصيبي إلا التعب والكد ليل نهار..عكّروا مائي الذي أشرب منه, رموني بالسباب, لأني أرنو إليك بناظري, مشغول قلبي بذكرك عمن سواك, ها أنت يا رب تمسح دموع الناس, فلما لا توقف في الأرض نزيف الدماء, الآن الآن اسمع صلاتي ونجواي في الليل الموحش, استمع إلى دعائي أوقف نزيف الدماء في كل المحطات , قد قتلوا بعضهم, شردوا بعضهم, سفكوا الدماء ورفعوا الخناجر, أين ذهبت أكاليلك؟ أين ذهبت بركاتك؟, علمهم معنى التسامح, علمهم معنى الإخاء والمساواة بين الناس على اختلاف جنسياتهم وأوطانهم, منابع الحب جفت في بلادي, لم يبق فينا ولا أي قديس , ذهبت من بيوتنا رائحة الورد ورائحة الدماء تفوح في كل مكان.

يا رب إن الجروح لا تتوقف عن الاتساع في كل مكان فأوقف اتساع الجراح في أجسامنا وقلوبنا وأوطاننا, يا رب درجات الحرارة خارج البيت طبيعية جدا ولكن النار في قلوبنا, أوقف الماء في حلوق المعتدين, ضع حدا لنهاية هذه الجريمة, الجريمة كل يومٍ تزداد عن سابق عهدها ويزداد المجرمون خبرة في فن القتل, يا رب صار المجرمون محترفون لفن الجريمة, وما بقي فينا محبٌ واحد, ذهبت عبلة واغتال المجرمون(بلقيس الراوي) وذهبت ليلى وذهب مجنون ليلى, ومنذ أن مات جميل بثينة لم يولد فينا أي جميل,نسوا أن هذه الأرض التي أعيش عليها كانت مزارا لكل الأنبياء ولكل القديسين , لم يتبقى منها إلا الأسماء الغريبة التي لا يعرف الناس معناها, لم يبق على عهدك أحد , لم يبق على دينك أحد ,ذهب الصالحون وتناسل الأشرار ونشروا الشرور في كل مكان, يا رب عاقبهم بالمحبة, دع المحبة تقع في قلوبهم كعقابٍ لهم على كل الجرائم التي ارتكبوها , يا رب سخرني لخدمة بيتك وكتابك , اجعلني محط أنظارك وإعجابك, أنا أعرف أنني بالنسبة إليك إنسان مسكين , واعرف حجم محبتك لي, فلولا رعايتك لي لكنت منذ أزمنة بعيدة في عداد المفقودين , يا رب دعني أترنم على أنغامك , وأنا بدوري سأدع الخلق للخالق.

أعطينا فرصة للتصالح مع أنفسنا , أعطينا فرصة أخرى لتعويض ما فات من عمرنا, امنحنا نعمة الأمن والأمان , يا رب سامحنا على أخطائنا الكثيرة , أعطنا القوة لنصلي لك أكثر ولنشكرك أكثر ولنحبك أكثر, أعطنا فرصة نراجع فيها أنفسنا.

لا تتركني بعد اليوم, لقد بحثتُ عنك كثيرا حتى وجدتك في ضوء عيوني, فتشتُ عنك في الدفاتر القديمة , بحثتُ عنك في الكتب القديمة, سألتُ عنك كل الضائعين وكل التائهين , دخلتُ لأبحث عنك في كل الزوايا والغرف المغلقة, صليت لك كثيرا, عبدتك طويلا, فتشتُ عنك في المرايا وفي الصور, دخلت لأبحث عنك في الدوائر المغلقة, فتشتُ عنك في غرفة نومي, شممت رائحتك في منديل أمي , سكبتُ على نفسي الدموع وأنا أصلي لك من أجل أن ألقاك وتلقاني فتشتُ عنك في كل مكان, كل يوم كنت أخرج في رحلة البحث عنك بين الذرات الكبيرة والصغيرة ووراء الجدران, دخلت الكهوف لأبحث فيها عنك, مشيت في الأودية العميقة لأكتشف جمال وجهك, فتشتُ في كل الأسماء لأجد اسمك , بحث في المعاني لأجد معنى واحدا لك, تعبت كثيرا حتى وجدتك, نزفتُ من خاصرتي حتى عثرت عليك , وحين وجدتك سخر الناس مني لا تحرمنا من نورك , ولا تنسانا ولا تخذلنا , يا رب كان قطاع الطرق قديما يقطعون في الليل الطرقات , وها هم اليوم يقطعونها في ضوء النهار, ذهب الحياء وذهب الخجل من وجوه الناس ,الناسُ أكلوا حقوق الناس, رملوا النساء ويتموا الأطفال, وها أنا أدعوهم للسلام, أنت السلام ومنك السلام.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

4 Responses to جهاد علاونة: يا رب

  1. صباح ابراهيم says:

    الى الاخ جهاد علاونة المحترم
    اراك تائها شاردا حزينا ، تبحث عن الرب الذي تحب وتعبد لكنك تسلك مسارات بعيدة كي تجده ، لا تتعب نفسك يا اخي جهاد في البحث عن الرب في الدفاتر والكتب القديمة او بين الجدران وفي الكهوف ، ان الرب قريب منك انه يسكن فيك وفي داخل عقلك ونفسك ، انه اقرب اليك من حبل الوريد ، ادخل الى مخدعك وناجي ربك فهو يسمعك ، اشكو له همك فهو يقول : تعالوا اليّ يا جميع المتعبين وثقيلي الاحمال وانا اريحكم . ستجده يبتسم لك ويفتح ذراعيه ويضمك لصدره الحنون الدافئ ويرحب بك
    كل من آمن به واعتمد خلص ، وهو وحده من يريحك ويخفف الامك ويسعد ايامك ويوفر لك الحماية من الاشرار .
    فعل عرفته ؟

  2. Nadia says:

    تامءل للصلاة جيدة

  3. Nadia says:

    الله موجود بالطبيعة بالسحاب والقمر فى الوجود وجواد وخلف الابواب المغلقة ولين سكنلت قلبك يتدفق من الوريد للوريد فهل حسستة يتدفق بين اضلع الفؤاد يتذكرك حين تنساة يضعك بين عيوانة يظلل عليك فيحميك بدفء جفونة انة خليل القلب وراحة العيوانnn

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.