جمعة نعم… الأحد لا!!

   جمعة نعم… الأحد لا!!

                      زهير دعيم

يصرّ القائمون على الكنيسة القبطية في مصر ومنذ سنوات عديدة ، يصرّون على عدم السماح لمؤمنيهم من الحجّ الى الأراضي المقدسة وزيارة  كنيسة القبر المقدّس في اور شليم – القدس وكنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة البشارة في الناصرة والتجوال في المناطق التي طهّرها يسوعنا المحبوب بقدميه وانفاسه ودمائه وتعاليمه، والحجّة هي : ما دامت هناك شيء يسمّى اسرائيل فالأمر حرام وباطل ومرفوض !!!

  ويتساءل المرء هنا وهناك وفي كلّ مكان ..ما هو دخلنا في السياسة ؟ ثمّ أليس الله المحبّ هو الذي عيّن واقام هؤلاء القادة او الحكّام يهودا كانوا ام غجرًا، أليس الساسة هم بأمره، فمتى كان لنا الحقّ ان نقول للجابل لماذا صنعت هذا الاناء لا ذاك؟..ثمّ من قال ان الارض كلّها للعرب؟ ألم يعش هنا ابراهيم واسحق وداوود وبطرس ويوحنا والرب يسوع قبل ان يكون العرب والاسلام؟..أليس الأوْلى بنا ان نسير حسب الآية النورانيّة الرائعة : ” أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله” ؟

  ترددت كثيرًا قبل أن أدليَ بدلوي في هذه البئر العميقة لئلا يقال انّه تدخّلٌ سافر في شؤون الغير ، ترددت حتى حين جاءنا بعض الاخوة الاقباط حاجّين وسائرين إثر خطى الربّ المحبوب بخشوع لا مثيل له..وصرخ المسؤولون في الكنيسة : لا..ممنوع ..حرام ..لا يجوز ما دامت اسرائيل على قيد الحياة…………..وماذا اذا ظلّت اسرائيل الى أن يجيء الربّ؟ أنبقى محرورمين؟!!

 ملأت فمي ماءً وقلت : ” اسكت يا ولد” دعهم وشأنهم ..هم أحرار ..” فليفتوا” ما طاب لهم ..رغم انني اعتقدت وما زلت أنّ من حقّ أيّ مسيحيّ في العالم أن يُكحّل عينيه بالقبر المقدس ومهد الرب وناصرة الدنيا..
  “اسكت يا فتى “…وسكتُّ الى أن جاء الامس حين تناقلت وسائل الاعلام عندنا خبر استقبال البطريارك اليوناني الارثوذكسي ثيوفيلوس للأمير غازي كبير مستشاري ملك السعودية ود. علي جمعة مفتي الديار المصرية حيث زارا المسجد الاقصى وقبة الصخرة في القدس إيّاها !! وتناولا الغداء على مائدته العامرة في ديوانه ” وصرح غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن، أن مدينة القدس شهدت اليوم حدثاً تاريخياً أعاد الى الأذهان صورة العهدة العمرية وما تحمله من مسؤولية دينية وتاريخية وانسانية وحضارية”.

  ويظهر ان غبطته لم يقرأ العهدة العمرية ولم يقف على محتواها الحضاري !!!فأين الحضارة في هذه العهدة؟…لست أدري..رحمك الله يا أبا ماضي ..لستُ أدري أمّا هو فيدري!!!
 والسؤال المطروح هنا هو : هل لمفتي ارض الكنانة الحقّ والحرية في زيارة القدس وهي ما زالت تحت حكم اسرائيل وبني صهيون؟ أمّا القبطي المسكين والذي يتوق أن يشمّ أنفاس “بابا” يسوع في اورشليم وبيت لحم والناصرة والجليل ونهر الاردن فهذا ممنوع وحرام ما دامت اسرائيل ” تشمّ الهواء “…لست أدري والخبر اليقين هناك ..

 حان الوقت ان نغيّر ونّبدّل وننظر نظرة اخرى الى الامر ؛ نظرة انسانية بعيدةً عن السياسة ..وعلى فكرة اسرائيل ليست بعبعًا..
  قبل سنتين زارتني في بيتي في الجليل حاجّة قبطية قاهرية كبيرة في السنّ فقالت : ” أتعرف يا استاذ ، انهم زرعوا فينا الخوف من اليهود وكأنهم شياطين  ومجرمون ” بحقّ وحقيق” …أتعرف وترى انني كبيرة في السن ، فعندما اردت النزول من الحافلة على شاطىء نهر الاردن اقترب مني شاب يهودي وامسك بيدي وساعدني في النزول بلطف كبير  ..فلم أر فيه الغول الذي صوّروه لنا وكذا الامر في المطار والمعابر…”

وبعد هذا هل ما يحقّ لجمعة لا يحقّ لمينا ؟؟؟!!!

About زهير دعيم

زهير دعيم زهير عزيز دعيم كاتب وشاعر ، ولد في عبلّين في 1954|224. انهى دراسته الثانويّة في المدرسة البلديّة "أ" في حيفا. يحمل اللقب الاول في التربية واللاهوت ، وحاصل على شهادة الماجستير الفخرية في الأدب العربي من الجامعة التطبيقيّة في ميونيخ الالمانيّة. عمل في سلك التدريس لأكثر من ثلاثة عقود ونصف . حاز على الجائزة الاولى للمسرحيات من المجلس الشعبيّ للآداب والفنون عن مسرحيته " الحطّاب الباسل " سنة 1987 . نشر وينشر القصص والمقالات الاجتماعية والرّوحيّة وقصص الأطفال في الكثير من الصحف المحليّة والعالمية والمواقع الالكترونية.عمل محرّرًا في الكثير من الصحف المحلّية.فازت معظم قصصه للاطفال بالمراكز الاولى في مسيرة الكتاب. صدر له : 1. نغم المحبّة – مجموعة خواطر وقصص – 1978 حيفا 2. كأس وقنديل – مجموعة قصصيّة –1989 حيفا 3. الجسر – مجموعة قصصيّة حيفا 1990 4. هدير الشلال الآتي – شعر 1992 5. الوجه الآخَر للقمر مجموعة قصصيّة 1994 6. موكب الزمن - شعر 2001 7. الحبّ أقوى – قصّة للأطفال 2002 ( مُترجمة للانجليزيّة ) 8. الحطاب الباسل- 2002 9. أمل على الطّريق -شعر الناصرة 2002 10. كيف نجا صوصو – قصة للأطفال (مُترجمة للانجليزيّة ) 11. العطاء أغبط من الأخذ –قصة للأطفال 2005 12. عيد الأمّ –للأطفال 2005 13. الخيار الأفضل – للشبيبة -2006 14. الظلم لن يدوم – للشبيبة 2006 15. الجار ولو جار – للأطفال 16. بابا نويل ومحمود الصّغير – للأطفال 2008 17. الرّاعي الصّالح –للأطفال 2008 18. يوم جديد – للأطفال 2008 19. الفستان الليلكيّ – للأطفال 2009 20. غفران وعاصي – للاطفال 2009 21. غندورة الطيّبة – للأطفال 2010
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

2 Responses to جمعة نعم… الأحد لا!!

  1. رياض الحبيّب says:

    سلامًا ونعمة
    أحسنت أخي الرائع الكاتب اليسوعي الفذ زهير دعيم في كلّ ما تفضلت به
    إن كل سنتمتر من الأرض التي مشى عليها الرب يسوع يستحق الزيارة والوقفة والتأمل
    فللرب يسوع آية وقول أينما ذهب وأقام
    وفي الإنجيل: { وأشْيَاءُ أُخَرُ كثِيرَةٌ صَنعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أظُنُّ أنَّ العَالَمَ نفْسَهُ يَسَعُ الكُتُبَ المَكْتُوبَة. آمِين} يوحنّا 25:21

    شكرًا لك وشكرًا لموقع المفكر الحر السبّاق في انتقاء الفكر الراقي ونشره
    محبتي وتقديري

  2. رياض الحبيّب says:

    أمّا بعد فإني مستغرب من قرار منع أحبّائنا الأقباط من زيارة الأماكن المقدسة داخل القدس وخارجها بحجّة هيمنة دولة إسرائيل؛ لأنّ للكنيسة القبطية هناك أملاكًا- بحسب علمي- منها كنائس وأديرة ومدرستان إحداهما للبنين والأخرى للبنات
    المزيد في المقالة التالية للأخ مايكل عادل
    http://www.masress.com/rosadaily/125680

    والجهات المسؤولة عن تلك الأملاك قبطية صرفة، أي أنّ مرجعيتها هي الكنيسة القبطية التي في مصر

    من جهة أخرى؛ إن كانت اسرائيل دولة محتلّة فهي تحتل 26990 كم مربع ممّا يسمّى بالوطن العربي الذي تقدّر مساحته ب 14.291.469 كلم² أي أن إسرائيل تحتل ما نسبته 0.2 % تقريبًا وهي بالمقارنة مع ما يحتلّ المسلمون من هذا الوطن (وغيره) نسبة ضئيلة جدًّا. هذا ما قبل الإحتلال الإسرائيلي بقرون عدّة. فمن يستطيع أن ينكر أنّ مصر ذاتها محتلة من المسلمين والعراق محتل وسوريا محتلة وسائر البلدان التي انتشرت فيها المسيحية. فهل يُمنَعُ المسيحيون من زيارة مصر والعراق وسوريا… إلخ؟

    أخيرًا؛ من حقّ جميع مسيحيّي العالم ومسيحيّاته زيارة القدس وسائر الأماكن المقدسة
    وفي رأيي؛ من لا يحلم في الأقلّ بهذه الزيارة فليس مسيحيًّـا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.