تعليقات العلمانيين على إلغاء خانة الديانة من الهوية أحبطتني

assilzebanتعليقات الكثييير من العلمانيين على مسألة إلغاء خانة الديانة من الهوية (وداعا لخانة الديانة هوية واحدة مواطن أردني) بصراحة أحبطتني. نطالب نطالب بالتغيير وعندما يبدأ نقول “عأساس يعني ما رح نعرف المسلم من المسيحي من الإسم؟ شو استفدنا إذا لغينا خانة الديانة والشعب معشش براسه التعامل على أساس الدين؟”!
أفهم جيدا بأن هذا الإحباط الذي نمر به طبيعي وناتج عن رغبة قوية في تغيير جذري وحقيقي نابعة من حب الوطن الذي نتمنى أن نراه علمانيا. لكن، هذا الموقف السلبي غض النظر عن الكثير من التفاصيل.
أولا: إن “جورج ” مثلا أو “محمد” يحمل ديانته في اسمه. وبالتالي فإن إلغاء خانة الديانة لا تجدي نفعا في مثل هذه الحالة. و من قال بأن الهدف من إلغائها هو إخفاء ديانة الأشخاص؟ فنحن لا نمر بحرب طائفية يقتل فيها الأشخاص على الهوية. وستبقى “الزبن” دائما مسلمة وستبقى “الطوال” دائما مسيحية. وسيبقى الأردني قادرا على تتبع أصل وديانة ابن بلده حتى الجد الخمسين. لكن الفكرة تكمن فيما يلي:
إن إلغاء خانة الديانة من وثيقة تثبت مواطنة الأردني هو اعتراف صارخ بأن المواطنة لا تسقط بسقوط خانة الديانة. مما يعني أن الأردني يعرف بأردنيته وليس ديانته. وهذا ما سيجعل جورج ومحمد -على الأقل عند مؤسسات الدولة- أردنيين، وليس محمد الأردني الذي ينتمي للأغلبية وجورج الأردني الذي ينتمي للأقلية.

ثانيا: عندما يصبح الأردني أردنيا فقط، سيصبح من الممكن أن يمثل جورج أبناء شعبه في مجلس النواب وليس أبناء دينه (خطوة بعيدة لكنها ليست مستحيلة). لأن همومنا أردنية وليست هموما مسلمة أو مسيحية.
ثالثا: نحن مجتمع متخلف. و “متخلف” هنا ليست انتقاصا أو إساءة، بل وصف لواقع لا يمكن إنكاره. لا يعول كثيرا على جهود المعلمين والمثقفين فقط لصنع تغيير في عقلية المواطن. تغيير القوانين يعتبر خطوة أهم وأقوى في صنع التغيير. فلو أننا تحدثنا عن جرائم الشرف ليل نهار،ولو اجتمع رجال الدين جميعهم ليخبروا مجتمعنا بأن قتل الفتاة التي ترتكب فعل الزنا ليس من تعاليم الدين وبأن تطبيق العقوبات لا يعود إلى الأفراد، لن نفلح في شيء. لكن عندما تلغى العقوبة المخففة لمرتكب جريمة الشرف ستتغير حسابات الكثيرين. لن تختفي الجريمة، لكنها حتما وبالضرورة ستقل بشكل ملحوظ. لأن القوانين تتمتع بقوة الفرض والتطبيق. وإلغاء خانة الديانة من الوثيقة الأهم في التعريف عن أردنيتنا ستشكل صدمة لكل من يعترض عليها من أولئك الذين يرون أن وجود كلمة “مسلم” و “مسيحي” أمر واجب لنصرة الدين. لكن اعتراضاتهم لن تعني شيئا. ففي النهاية هم مضطرون لاستصدار هذه الهوية. ومع الوقت، سيصبح ما كان مستهجنا مقبولا. وهكذا تتسلسل الصدمات ويزول الاستهجان عن كل ما نريد له أن يكون جزءا من الأردن العلماني الذي يساوي بين مواطنيه.
تقدم بطيء لا يعجب من يعشق وطنه ويتمنى أن يغمض جفنا ويفتح الآخر ليرى أردنا ليس فقط بحجم بعض الورد، بل برائحته أيضا. لكننا أمام تيار تطرفي مهول لا يمكن اجتثاث تأثيره بين ليلة وضحاها. فتفاءلوا..وهللوا للتغيير.

About اسيل الزبن

اسيل الزبن كاتبة اردنية ليبرالية
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.