تبرير الشر إسلاميا تجاه المرأة

يستحسن مشاهدة هذا الفيديو قبل أن مواصلة قراءة مقالي إن أمكن. ولمن تعذر عليه ذلك أقدم له هنا ملخصا عنه:
في برنامجه: الموعظة الحسنة، استقبل الداعية الأزهري الدكتور مبروك عطية مكالمة هاتفية من سيدة سمت نفسها أم أحمد”. هكذا “أم أحمد”. ولست أدري لماذا تجد المرأة عندنا نفسها اليوم مضطرة إلى التخفي وراء اسم أحد أولادها الذكور وليس اسم إحدى البنات مثلا، أو التخفي وراء اسم زوجها كأن تقول السيدة أحمد، أو أنا مادام مصطفى! فحتى نساء الجاهلية كن أفضل منها.
قبل أن يفسح الدكتور لها المجال لطرح سؤالها الغبي خاطبها: “أم أحمد، يا أُمَّ أَحْمَدَ، بفتحتين اثنين، أمَّ: منادى مضاف، وأحمَدَ: مضاف إليه مجرور بالفتح لأنه ممنوع من الصرف. تفضلي يا أمَّ أَحْمَدَ، فتكلمت أم أحمد : “السلام عليكم، أنا أم احمد”. فقاطعها: “أحمد، قولي أم أحمد”، فكررت (الخطأ) نفسه “احمد”، فقاطعها مرة أخرى: “أحمد، بالهمزة، لازم تقولي كده عشان ربنا يرضى عنك..”، فوافقته: طيب. وحذرها من أن تنادي على ابنها “احمد” (بدون همزة قطع). امتثلت هذه السيدة ورددت بعده: “أحمد”. فهنأها قائلا: جَدْعَه، برافو عليك، أنا أستاذ شاطر”.
قبلت هذه المرأة الغبية بهذا الإذلال بينما كان من واجبها أن ترد إليه الصاع صاعين. فهو، في كل أحاديثه، يعطي لنفسه الحق في التحدث بالعامية، بل واللجوء إلى لفظة أجنبية (برافو)، ولكنه أذلها بهذه الملاحظة البائسة وأرغمها على الانصياع إلى أوامره “عشان ربنا يرضى عنها”.
سألت أم أحمد هذا السؤال الغبي: “عايزة أعرف الحكمة من تعدد زوجات النبي”.
قال الداعية: “حاضر”. فواصلت: وليه تزوج السيدة مارية القبطية؟”
أجاب الداعية: “أولا تزوج مارية القبطية عندما رُزٍقَ منها بإبراهيم. أعتقها ولدُها، وكانت من ملك يمينه وكان ذلك جائزا وقد أجاز له الله ذلك كله. الحكمة في تعدد زوجات النبي، صلعم، فيه مقولة صغيرة قوي كنت أحبها قوي لما أقولها أنا وأخي الدكتور عبد الله سمك وطرب لها كثير من أخواننا العلماء، أن النبي صلعم لم يتزوج وإنما زُوِّجَ، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى يقول له: “زوجناكها”، في قصة زواجه من زينب بنت جحش. حنمسك وحده وحده ونقول دا علل، ودي غلبانة بيصرف عليها.. كلام فارغ كله، لأن عندي مذبحة حاصلة من كام يوم، واحد تزوج على امرأته في المشنقة محطوط، ثم وقف الرجل خطيبا وقال لها أصل أنا تزوجتها أرملة باعطف عليها وعلى أولادها وقصدتُ وجه الله فيها.. وأنا أرد عليه وأقول له: “أنت خيبان وأهبل ليه كدا؟ قل لها: أيْوَه تزوجتها وعايز اتزوج وربنا قال: انكحوا ما طاب لكم، وهي طابت لي”، وبأسمى آيات الأدب، “وأنتِ على العين والراس، الموضوع دا ما ينفتحش تاني أبدا، عايزة حضرتك تمشي، معك ألف سلامة، خذي كل حقوقك، دا الراجل، دا المسلم، مش نقعد نخطب، هل أنت تزوجتها علشان تصرف عليها، ما تديها مرتب شهري وانت بعيد، لأ، هي طابت وزانت، خليك راجل جدع واعمل كده، وربنا قال للنبي: “لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن” (بقية الآية “إلا ما ملكتْ يمينُك وكان الله على كل شيء رقيبا”)، لأنه إذا أعجبه حسنها يتزوجها وربنا يزوجه، وزود له على عدد أربعة، فيه حاجة اسمها الخصوصية، دا رسول الله، مش رسول الحج فلان الفلاني، اللي ما يفهمش كده حيغلط في حق النبي من حيث أراد أن يزكي كفة النبي، النبي مش محتاج محامين يدافعون عنه، تزوج حداشر (11)، وطلق ثلاثة، ومات وعلى ذمته تسعة، دا غير ملك اليمين، وقال كده: إلا ما ملكت يمينك، مارية وغير مارية، اللي عجبو عجبو، واللي ما عجبوش واللي مش عجبو يروح يقرا ويثقف ويصلي على النبي بجد، بدراسة، بعلم..” انتهى.
للأسف الشديد تبرير الشر إسلاميا لا يصدر في هذه المسرحية الهزلية من رجل الدين المسلم الذي أقام نفسه دائما مدافعا عن هذا الدين، مبررا شروره، بل يصدر أيضا من الضحية. والمرأة في هذه المسرحية ضحية ومذنبة في آن واحد. هي ضحية لما لحق بها من شرور تعاني منها من المهد إلى اللحد ومذنبة لأنها رضيت بهذا الوضع الغبي وانسجمت معه مثل هذا السائلة. كثيرا ما أتعمد، على مضض، متابعة الحصص الدينية المخصصة للفتاوى التي يطلبها المواطنون عندنا والتي تذاع في القنوات أو الإذاعات، وأستغرب حد القرف من كون أغلب السائلين من النساء رغم أن كل الفتاوى في غير صالحهن، بينما لم أسمع من تسأل عن الحقوق التي جاءت بها القوانين الوضعية لتنظيم الأسرة، والتي هي غالبا في صالحها رغم نقصها وتواصل ارتباطها بالدين. ولا يمكن، والحال هذه أن نتحدث عن حقوق النساء، بهذه المناسبة، وفي غيرها، ما دام النساء على هذه الدرجة من الغباء والمازوشية.
لنعد إلى عنتريات الداعية الأزهري المقرفة. في هذا الموقع:
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/221586.aspx
نقرأ عنه: “يُعَدُّ الدكتور مبروك عطية‏،‏ الأستاذ بجامعة الأزهر‏،‏ أحد الدعاة المستنيرين من جيل الوسط بالأزهر الشريف،‏ الذي يتخذ من الوسطية والحكمة والموعظة الحسنة زادا في مسيرته الدعوية‏. لا ينتمي إلي أية جماعة أو حزب سياسي، ويرى أن الانتماءات السياسية للدعاة تختصم من رصيد الدعوة، وأن الدعوة الإسلامية تحولت من عزم الأمور إلي توافه الأمور”.
إذا كان هذا الداعية مستنيرا، فبماذا يتميز عن الداعية الظلامي، يا ترى؟ إذا كان هذا الداعية وسطيا، فبماذا يتميز عن الداعية المتطرف يا ترى؟، إذا كان هذا الداعية “لا ينتمي إلي أية جماعة أو حزب سياسي”، فبماذا يتميز عن الدعاة الظلاميين المنتمين إلى الأحزاب الدينية، يا ترى؟ وإذا كان هذا النمط من الدعوة بهذه الدرجة من التفاهة فبماذا يتميز عن تفاهة الدعوة عند غير المستنيرين؟
لنفكك موقف هذا الداعية المستنير حتى نحكم عليه على بينة. في أغلب ما قاله مبروك عطية كذب وتدليس وتستر على حقائق الإسلام.
يقول مدلسا على مستمعيه: “أولا تزوج مارية القبطية عندما رُزٍقَ منها بإبراهيم. أعتقها ولدُها، وكانت من ملك يمينه وكان ذلك جائزا وقد أجاز له الله ذلك كله”.
بينما الصحيح غير ذلك. نقرأ مثلا في موقع إسلام واب ردا على سؤال امرأة مستلبة أخرى، مع التذكير أن هذا الموقع لا يخشى أصحابه في الله لومة لومة لائم، كما يقولون، ومازال التدليس لم يصلهم بعد في ممالك الخليج القروسطية: و”أما تسري النبي صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية وغيرها من الإماء وترك التزوج بهن في حال رقهن، فاعلمي أن تزوج الإماء ممنوع في الشرع إلا لمن لا يستطيع التزوج بالحرة ويخشى على نفسه الوقوع في الحرام”
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=186347
ونقرأ في الموقع نفسه في مكان آخر: “فلا يجوز للحر أن يتزوج الأمة إلا بشرطين: الأول: عدم الطَّوْل، وهو ألا يستطيع نكاح حرة مسلمة. الثاني: خوف العَنَت وهو خوف الوقوع في الحرام”. ومحمد قادر على التزوج بالحرائر وله من النساء ما يغنيه عن الوقوع في العنت.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=19919
الدكتور مبروك عطية الذي تعنتر على هذه السائلة الغلبانة لم يكن يملك من الشجاعة الكافية ليقول الحقيقة عن رسوله الذي لم يتزوج مارية القبطية ولا ضمها إلى أمهات المؤمنين، ولا قَسَمَ لها كما كان يقسِم بين نسائه الحرائر. بل تحكي لنا السيرة أن بيت النبوة تعرض لهزة عنيفة بعد أن باغتته إحدى نسائه (حفصة) وهو فوق مارية في بيتها وفي يومها فوعدها ألا يقربها مرة أخرى على أن تكتم السر. إلا أن الله، كالعادة، تدخل بسرعة وأخرجه من الورطة. اقرأوا تفسير آية (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ..)
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1868&idto=1868&bk_no=49&ID=1936
أما قوله عن انتهاك أعراض المملوكات وأسيرات الغزوات والحروب الإسلامية: “وكان ذلك جائزا وقد أجاز له الله ذلك كله”. فأقول له: نعم كان ذلك جائزا في عصوركم الظلامية، ولم يعد اليوم جائزا، ليس لأن أفكاركم تطورت بعد أن فتحتم باب الاجتهاد، بل لأن شريعة حقوق الإنسان العلمانية قد فرضت عليكم هذا التراجع، فلا فضل لكم.
قوله بأن هناك حكمة في تعدد زوجات النبي كذب وتدليس لا غير كما سيقول هو نفسه فيما بعد. فلا حكمة ولا هم يحزنون وأي حكمة في قانون التوحش الذي كان سائدا في العصور القديمة والذي أباح للرجال الهيمنة التامة على النساء: تعدد الزوجات، التطليق بكلمة، الهجر في المضاجع، الضرب، الحجر في البيوت، عدا عن التصرف في طائفة أخرى من النساء (الجواري) بطريقة همجية لا تختلف عن معاملة الحيوانات… مبروك عطية نفسه يخاطب ذلك الرجل الذي راح يبرر التزوج بامرأة ثانية على زوجته: “وأنا أرد عليه وأقول له: “أنت خيبان وأهبل ليه كدا؟ قُلْ لها: أيوه تزوجتها وعايز أتزوج وربنا قال: انكحوا ما طاب لكم، وهي طابت لي.. وأنت على العين والراس، الموضوع دا ما ينفتحش تاني أبدا، عايزة حضرتك تمشي، معك ألف سلامة، خذي كل حقوقك، دا الراجل، دا المسلم..”
هذا هو الرجل المسلم كما صنعه الإسلام ومكنه من حقوق كثيرة جائرة لا يستحقها. لكن مبروك عطية يعرف أن الرجل المسلم لم يعد يملك زمام أمره بعد أن أضاء نور الغرب على بقاعنا الموبوءة بالظلامية الدينية. الرجل المسلم الذي وقف مبررا تزوجه على زوجته لم يفعل ذلك لأنه خيبان وأهبل كما يتوهم مبروك عطية، بل لأنه مغلوب على أمره بفضل تغير موازين القوى لصالح النساء عندنا ولو نسبيا، وهذا رغم أنف الرجال والنساء المستلبات معا.
قول الدكتور الأزهري: “الموضوع دا ما ينفتحش تاني أبدا، عايزة حضرتك تمشي، معك ألف سلامة، خذي كل حقوقك”، فيه كذب وتحايل على ما شرّعه الإسلام الذي لم يُمَكِّن المرأة من هذا الخيار المشرّف. لم يعط للمرأة الحق في أن ترفض تعدد الزوجات، ولا أعطاها الحق في الطلاق لهذا السبب ولا مكَّنها من أخذ حقوقها. فهي إذا رفضت الضرة وأرادت الطلاق استحال عليها ذلك لأن الطلاق بيد الرجل، فإذا أصرت ولجأت إلى الخلع توجب عليها تعويض الرجل عن خسارته عندما اشتراها ذات مرة لتكون ملكية خاصة له طول حياتها للتناسل والخدمة والمتعة.
سئل هذا الداعية الأزهري (المستنير) مرة عن السبب الذي جعله يحمل وردة في يده خلال ظهوره على التفزة فقال: بأن: “السر فى حمله الورد بأنه تعبير عن جمال الدين الإسلامي وكل شيء فيه يتحدث عن الجنات في الدنيا والآخرة”.

womenprison

فعن أية جنات يتحدث في الدنيا والآخرة بينما أوطاننا تحولت إلى جحيم بسبب مجانين دينه، بل لو تقيدت مجتمعاتنا المتعلمنة نسبيا بفتاوى أمثاله لتحولت حياة النساء إلى جحيم، كما كان الحال طوال قرون طويلة، ولخسرت النساء كل الحقوق التي جاءت بها الحداثة الغربية. أما مصير النساء في جنة الإسلام فهو بائس بائس بائس. جنة الإسلام جُعِلَت للرجال فقط، ذلك أن أغلب ساكني الجحيم من النساء لسبب بسيط وغبي: لأنهن لا يطعن أزواجهن، كما جاء في حديث محمد: “أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ، قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ”.
https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=146&hid=28&pid=
هكذا هي المرأة في نظر الإسلام، كلها شر لأنها خلقت من ضلع أعوج، فإذا جئت تقومه كسرته، كما جاء في حديث محمدي آخر، وهي لذلك ناكرة للجميل، جحودة، أشبه بالأفعى.
عيد سعيد للمرأة في عيدها، وأخص بالتحية المرأة الذكية أكثر التي لم تعد تنتظر حقوقها أو تستمد معارفها من رجال الدين أعداءها الحقيقيين.
تحياتي

About عبدالقادر أنيس

كاتب جزائري
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا, يوتيوب. Bookmark the permalink.

One Response to تبرير الشر إسلاميا تجاه المرأة

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: بالمنطق والعقل يا صاحبي { كيف يستقيم الظل والعود أعوج ، وَكَيْف يصتلح من مات الضمير عنده والعقل أعرج ، وكيف تصتلح أمة صار فيها الحقير شيخاً أو أمير } ؟

    ٢: صدقني الذنب ليس ذنب هؤلاء المنافقين ، بل ذنب من يحترمهم وبهم يستعين ، والذنب الاكبر ذنب من ينتخبون كل دجال لعين ؟

    ٣: أيضا بالمنطق والعقل { كيف لا تُستباح أعراض الاخرين ، ومن شرع الفسق في جناته هو رب العالمين ، خير قواد لإرهابين ومجرمين ؟

    ٤: وأخيراً …؟
    يقول إمام الملاحدة إبن سينا { لقد إبتلينا بقوم يظنون أن ألله لم يهدي سواهم } سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.