تأسيسية الدستور المصري وذنب الكلب

طلال عبدالله الخوري   29\11\2012  حصرياُ مفكر حر

هناك مثل عربي يقول: وضعنا ذنب الكلب اربعين عاماُ في القالب وبقي اعوجاُ ….. وهذه هي حالنا مع الجمعية التأسيسية للدستور المصري, حيث عشمنا, بعد الثورة المصرية, ورحى الربيع العربي الجاري على قدم وساق الان, والانفتاح على العالم في عصر الانترنت…… عشمنا بأن الاسلاميين قد تغيروا…, وقد تعلموا الدروس الحضارية من الشعوب الاخرى! ولكن للأسف خاب املنا…فالجمعية التأسيسية للدستور المصري والتي اغلبها من الإسلاميين, والتي أعدت مواد المسودة النهائية للدستور, قد أبقت على المادة الثانية التي تنص على ان “مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”, وهي مطابقة للمادة الثانية التي كانت موجودة في الدستور الذي كان ساريا في عهد حسني مبارك واسقط بعد اطاحته في 11 شباط/فبراير 2011.

أولاُ:

الدستور الذي اسقطته الثورة كانت به المادة الثانية والتي تقر بأن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع, وبأعتراف الازهر وكل المؤسسات والمرجعيات الاسلامية آنذاك, والتي لم تعترض قط على عدم مطابقته للشريعة الاسلامية؟ ولم تشر قط الى ان هناك اي مادة في الدستور غير مطابقة للشريعة الاسلامية! فهذا يعني بان الدستور الساقط كان مصدره مبادئ الشريعة الاسلامية, والدستور الجديد مصدره أيضاُ مبادئ الشريعة الاسلامية فما الفرق بين المصدرين, اللذين بالدستور القديم والجديد؟

هل هذا اعتراف صريح منكم بأن الشريعة الاسلامية هي حمالة اوجه؟ اذا كان الامر كذلك, فهذا اعتراف ضمني منكم بأن الشريعة الاسلامية لا تصلح لأن تكون مصدراُ لاي دستور حضاري محترم منذ اللحظة التي اسقطتم بها الدستور القديم! وإلا لماذا اسقطتموه اذُاُ؟

 ثانياُ:

عندما تقول بأن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, فأين هي هذه الشريعة؟ هل هناك مراجع محددة توضح لنا ما هي الشريعة الاسلامية, وذلك لكي نعود لها عند الاختلاف في تفسير مواد الدستور؟ أين هي هذه المراجع؟ الا يجب تحديدها وتوثيقها بالدستور بأعتبارها مصدراُ رئيسيا لهذا الدستور؟

الم يقل علي بن بي طالب (رض) بأن القرآن حمال اوجه, أي يجب ان لا تأخذ الشريعة كمصدرا لاي دستور وذلك لانها حمالة اوجه وهذا ما اثبتته التجربة من خلال 1400 عام من التناحر والاقتتال والاختلاف؟

هذا من جهة, ومن جهة ثانية عندما تقول بأن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, فهل هناك مصادر اخرى غير رئيسية؟ ما هي هذه المصادر الاخرى؟

ما هكذا تورد الابل يا تأسيسية؟ كما تعرفون واغلبكم من المتخصصين في القانون, ففي الدساتير المحترمة تكون عادة  كل كلمة واضحة ومعرفة ومحددة, فما فائدة الدستور الذي يحمل عدة وجوه؟

وفي الختام نحن ننصح بأن يكون هناك فصل بين الدين والسياسة, كما فعلت الدول المتحضرة لان السياسة تفسد الدين وتضعه في مواقف مسيئة للدين, فيما الدين يجب ان يكون بقلب المؤمن ووجدانه.

وخير مثال على اهانة الدين هو عندما تم اسقاط الدستور المصري والذي كان مصدره الشريعة الاسلامية, وهذه اهانة للشريعة الاسلامية بسبب اقحامها بالسياسة, والحل الامثل هو بفصل الدين عن الدولة لكي نحفظ وقار وروحانية الدين, فمن غير المنطقي ان نقع بنفس الحفرة على مدى اكثر من 1400 سنة.

نحن اكتفينا بهذا القدر من نقد الدستور الجديد, ولم نتكلم عن التمييز ضد الاديان الاخرى لاننا لا نعرف بقية مواد الدستور ولنا عودة الى هذا الموضوع حتما عندما تظهر بقية المواد.

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.