بين مهودر ومطيرجية سلمان باك

الإعجاب بالنفس وليد الجهل.

( مثل إسباني)

فجأة صاح مذيع القناة الفراقية وهو يقف في الاستديو شامخا عبوسا قمطريرا بصوت كأنه آت من اعماق مسرح شكسبير:

والان، ايها السادات والسادة جاء دور وزارة البلديات لتقدم وصلتها على المنصة، فاصل ونعود اليكم.

ثم خرج بعد الفاصل من اعماق المسرح رجل في الخمسينات ورغم مظهره القوي نسبيا الا انه يتوكأ على عكازة محاطة بسلسلة من المحابس الملونة، قال بصوت اجش:

لأننا في وزارة البلديات نحافظ على اموال الدولة ومصاريف المشاريع التي سنقوم بها مستقبلا فقد قررنا “منع سفر وايفاد جميع موظفي الوزارة الذين له صلة بسير مشاريع الوزارة،حتى انا الوزير منعت نفسي من السفر حتى لايقولوا ان هذه الوزارة (جيب مزروف).

يتحسر الرجل الخمسيني ويرفع يديه الى السماء تاركاه عصاه تسقط ارضا وهو يلهث:اللهم العن كل الاجهزة الرقابية في هذه الدولة التي نشرت “الفزع والرعب في صفوف موظفيها واعاقة عمل اللجان الخاصة بالمشاريع”.

ينحني ليلتقط عصاه وهو يكمل بصوت حزين: “وضعنا خطة الـ60 يوما لتطوير الاداء الخاص بمشاريع الوزارة، ولهذا اصدرنا قرارا يمنع بموجبه السفر والايفاد لجميع موظفي الوزارة الذين لهم صلة بسير المشاريع بضمنهم انا”.

يستدير ليخاطب الجمهور “هناك قلق وفزع يمنع موظفي الوزارة من الاشتراك بأي لجنة خاصة بأي مشروع تكون تحت اجراءات الدوائر الرقابية التي تتبع اجراءات تعسفية بحق الموظفين والمهندسين المقيمين”.

تسري همهمة بين الجمهور ترتفع قليلا قليلا حتى تبدأ بالصياح بوجه الرجل الخمسيني:

شنو حكاية السقوف مولانا؟.

رد الرجل الخمسيني:”وضعنا سقف زمني لحل المشكلات التي تعيق انجاز المشاريع وسنحاسب كل من لايلتزم بتلك السقوف”.

نقطة نظام:الفقرات التي بين قوسين هي نصوص قالها عادل مهودر وزير البلديات.

صاح الرجل الخمسيني مرة اخرى:”لدينا مشاكل كثيرة داخلية وخارجية مع الوزارات الاخرى(يضحك بصوت عال) والان الكرة في ملعب الشركات المتلكئة قبل إتخاذ اجراء بحقها”.

والان افتهمتوا شي؟.

فاصل دعائي : اهتز نصف الكرة الارضية الجنوبي بدرجة 15 على مقياس ريختر اثر اقدام احد الافارقة على قتل جندي بريطاني في وسط لندن. ورغم ان الساطور اصبح لغة العصر الا ان قادة هذا النصف من الكرة الارضية اثبتوا ان دم هذا الجندي يعادل الآف الالتار من دماء العراقيين التي تصب في دجلة يوميا.. الله لايخليك يابوش الابن وانت يا توني بلير.

ملحق عن طيور الجنة: القي القبض على 12 “مطيرجي” في سلمان باك جنوب شرق العاصمة بغداد يطلقون على انفسهم طيور الجنة واتضح انه تنظيم خيطي ينتمي الى القاعدة.

القاضي العراقي مايعترف بشهادة المطيرجية فهل رب العزة سيعترف بهم؟.

ماكفانا الحوريات والغلمان ..هالمرة مطيرجية.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.