بوتين في أوكرانيا وسوريا

 النهار اللبنانيةputinobama

انتهت جولتا مؤتمر جنيف ٢ بالفشل الذريع بعدما بان ان النظام في سوريا ومن خلفه حلفاؤه الروس ارادوا من المؤتمر ان يكون منبرا سياسيا واعلاميا من دون مضمون عملي مرتكز على تفاهمات مؤتمر جنيف ١ الذي ينص صراحة على فترة انتقالية بحكومة انتقالية واسعة الصلاحيات تنهي عمليا النظام القائم وتبعد رئيسه بشار الاسد وبطانته عن الحكم، تمهيدا لنشوء سوريا جديدة ديموقراطية. ومع فشل جنيف ٢ عاد الحديث الى الاحتكام الى الميدان لتغيير المعطى السياسي. وخصوصا ان النظام ضاعف خلال فترة انعقاد المؤتمر حملاته العسكرية بدعم من الايرانيين والجماعات المسلحة التابعة لهم، كـ”حزب الله” والميليشيات العراقية والباكستانية المستقدمة الى سوريا. وقد اكد وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري في احد تصريحاته ان النظام يتقدم عسكريا. بالطبع، ثمة من يرى ان النظام وداعميه يشعرون بالقدرة على تحقيق انجازات عسكرية جدية قد تقلب موازين القوى في ظل حالة الفوضى التي تعانيها المعارضة والتشكيلات المسلحة، ومع حصول الاختراق الكبير للصفوف الذي قام به تنظيم “داعش” الذي قاتل تشكيلات “الجيش الحر” ولم ينخرط في معركة واحدة ضد النظام!

شعور بشار الاسد ومن يقف خلفه بالقدرة على تحقيق تقدم ميداني، دفع بالدول الداعمة للثورة الى اعادة التفكير في الوضع الميداني واعطائه اولوية، ولا سيما مع بروز معلومات تشير الى ان روسيا ضاعفت شحناتها العسكرية الى النظام، وكذلك فعلت ايران من خلال عمليات تدريب واسعة، واستقدام آلاف المقاتلين من لبنان والعراق وايران وباكستان وغيرها للقتال لحماية النظام. كل هذا تحت عنوان استراتيجي كبير يحدد السياسة الخارجية الايرانية، وهو ان الدفاع عن نظام بشار الاسد يماثل الدفاع عن النظام في ايران نفسها. من هنا عاد الخيار العسكري الى الواجهة.

روسيا من جهتها، اثبتت حتى اليوم انها جادة في منع تغيير النظام، وقد تزيد تصلبها الآن مع شعورها بأن ثمة هجوما غربيا على مداها الحيوي في اوكرنيا.
و في اوكرانيا يتعامل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الاحتجاجات على انها محاولة انقلابية يقوم بها الغرب متوسلا جماعات النازيين الجدد، تماما كما وصٓف الثورة السورية بالارهابية. ومع ذلك فإن بوتين الذي يمر بفترة اقتصادية غير مريحة مع تراجع متواصل لقيمة العملة الروسية الروبل، لا يملك رؤية لحل دائم في اوكرنيا سوى باستخدام القوة العسكرية ضد المحتجين، مثلما لم يكن يملك رؤية في الازمة السورية سوى بحماية النظام ودعمه في شكل كبير ومتواصل، على امل ان يحسم الوضع على الارض. في كلا البلدين يبدو فلاديمير بوتين اشبه بالرئيس الذي يريد بعد اكثر من عشرين عاما ان يحيي الاتحاد السوفياتي، لكنه لا يملك من الادوات سوى السلاح والعنف، في زمن يحتاج فيه الى اكثر من ذلك بكثير. ولذلك فإن روسيا متجهة الى خسارة اوكرانيا وسوريا مهما فعلت.

About علي حماده

كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني النهار اللبنانية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.