انت انسان عصري، لعد انت كافر

منذ عشرة سنوات وجماعتنا بالسلطة لاهّم لهم سوى بناء الانفاق المظلمة.
فهناك مثلا انفاق، البنى التحتية،الطائفية، المحاصصة،المحسوبية،الكهرباء الملعونة،البطالة المقنعة،الحجاب الشرعي وغير الشرعي،اللصوصية،الفساد الاداري والمالي،”عنطزة المسؤولين” امام كاميرات القنوات الفضائية،الكذب المفضوح تحت شعار”عينك عينك”،القاعدة والارهاب، وغيرها.
وبما ان مجلس الوزراء يضم مقاولين اسلاميين حد النخاع فقد تركوا امس كل هموم المواطن ومشاكله ليتفرغوا الى ممارسة خلافتهم على اعتبار انهم اولياء الله في الارض وقد أبلغهم رب العزة بضرورة العودة الى المنابع الاصيلة للدين الاسلامي مع الاحتفاظ بحقهم في ممارسة السرقات العلنية وحشو الجيوب بما لذ وطاب.
امس، وبالامس فقط،اجتمع اعضاء الامانة العامة لمجلس الوزراء التي تضم عشرات النسخ من حسن الصيت”خير الله طلفاح” وقررت”منع دخول الملابس العصرية والإكسسوارات الحديثة الى العراق متذرعة بأنها مخالفة للتقاليد والخادشة للذوق العام،وطالبت بمتابعة المروجين لها في الأسواق المحلية”.
لا هواي راح يصير براسكم خير وترسون الديمقراطية.
لكن هؤلاء “الماموث” لم يشرحوا لنا ماهي الاكسسوارات المخالفة للتقاليد والخادشة للذوق العام؟.
وهل المقصود بها سكنة بيوت التنك الذين لايملكون سوى “دشدادتين” واحدة “للطلعة” والثانية للنوم أم يقصدون الشباب العاطل عن العمل ومازالوا يطلبون مصروفهم اليومي من اولياء الامور أم رجال المنطقة الخضراء الذين يلبسون البدلات حسب تغير الجو والمناسبات مع ربطات عنق لاتتحمل عددها “الكناتير،جمع كنتور”؟.
ثم اين هو الذوق العام الذي يتحدث عنه هؤلاء “الماموث” وهل ادركوا الان ان بعض العراقيين يلبسون مايخدش الذوق العام وهم المعروفين بتواضعهم حتى بالملابس؟.
وهل يريدون نبش ذكريات الايمو المؤلمة والتي راح ضحيتها عشرات الشباب؟وهل يريدون سلب العراقي آخر ماتبقى من حريته الشخصية؟.
ولم يكد القرار يعلن على الملأ حتى سارع الخلفاء الشرعيين في وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية الى توجيه الشباب في الجامعات والمدارس كافة للالتزام بهذه التعليمات.
وجاء في ذيل التعاميم اهمية دور الإرشاد التربوي في توعية الطلبة.
هل تضحكون على البشر بما يسمى بالارشاد التربوي،الاتعلمون ان اكثر من 50 طالبا ينتظمون في صف لايتسع الا الى 20 طالبا؟وهل تعلمون ان الطلاب بحاجة الى 6 الآف مدرسة جديدة؟.
ماعلينا.
وأكدت التعاميم ضرورة التعاون مع أولياء الأمور للتقيد بأمر الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر، فضلاً عن متابعة هذه التعليمات من قبل وزارتي التجارة والداخلية.
حلو، ستكون فرصة ثمينة لبعض رجال الامن للتحكم برقاب الناس واضافة قيد آخر على قيودهم السابقة.
لم يبق عند الامانة العامة لمجلس الوزراء أي مشاكل سوى الملابس العصرية، وغدا سيكون الاجتماع المقبل مخصصا لأصدار قرار بمنع العديد من الطبخات الغذائية والاقتصار على “القيمة” والهريسة.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.