انتخابات ولا في الأحلام

عندما كنت في مصر حتي عام 2004 . لو كنت قد شاهدت في الحلم , انتخابات كتلك التي عشتها في كندا .. لما صدقت بوجود canadaانتخابات هكذا

شاركت في الانتخابت الكندية حتي الآن 5 مرات – منذ حصولي علي الجنسية الكندية

عشت في مصر 54 سنة . مرة واحدة فقط , التي أدليت فيها بصوتي .. كنت ككل المصريين , لا يثقون في مصداقية أو نزاهة انتخاباتهم – ولاسيما الرئاسية . أم نتيجة ثابتة وهي 9ر99 % !! . أيام الزعيم الملهم ! شيء مضحك طبعاً
وكانت انتخابات البرلمان وحتي علي منصب عمدة بالقرية . لا تخلو من المشاجرات والمهازل . وتزوير و شبهات حول تزوير وتدليس – ومساخر . تدعو المواطن للابتعاد عن المشاركة ..
( طبعاً الوضع تغير لحد أفضل نسبياً . بعد الثورة علي مبارك , ثم الثورة علي مرسي ) .

المرة الوحيدة في حياتي التي شاركت فيها بالادلاء بصوتي في الانتخابت بمصر . ذهبت خصيصاً لاقول لا .. لا للتجديد لحسني مبارك – عام 1999
يومها ما ان اقتربت من باب المدرسة التي كانت فيها لجنة الانتخابات التي أتبعها . تتبع محافظة الجيزة -( مدينة 6 أكتوبر ) حتي شاهدت في فناء المدرسة . شيئاً يجعل الذاهب للادلاء بصوته . قد يولي فراراً . بعد أن يمتليء رعباً

كافة الواقفين بفناء المدرسة . جمع كبير من العماليق .. طوال جداً . ولا يوجد بينهم شخص واحد متوسط الطول , أو قصير , ولا حتي طويل بشكل اعتيادي . بل جميعهم عمالقة , أجسام ممتلئة. كلهم طول واحد , وزن واحد , وعرض واحد
شيء يبعث علي الخوف .. عندما تفاجأ به أمامك – وأنا داخل للجنة استفتاء , علي اعادة اختيار ديكتاتور . ليكون رئيساً للبلاد ..!!
تحاملت علي نفسي . استجمعت شجاعتي , ودخلت , وأشرت في بطاقة الصويت : لا لمبارك
وخرجت . وأنا أتلفت ورائي , طوال الطريق , حتي وصلت لمسكني .. ولم أطمئن الي أن أحداً لم يراقبني وسيحضر للقبض , عليّ الا بعد مرور 3 أيام علي ذاك الحادث
!!!
منذ أسبوعين . ادليت بصوتي – انتخابات خاصة بمقاطعة ” كيبك ” التي تتبعها مونتريال – حيث أقيم – .
احرص دائما علي الادلاء بصوتي . فهو واجب علي كل مواطن , من ناحية, ومن ناحية أخري . لأنني متاكد من أن صوتي وأصوات كل الناخبين . سيصل بالسلامة .

لجنة الانتخابات كانت في مبني أحد المراكز الثقافية .. ذهبت . كالعادة . لم أجد سيارة شرطة .. ولا حتي عسكري واقف بداخل ولا بخارج اللجنة .. اطلاقاً .. ( لا توجد عصابات دينية . تريد تطبيق شريعة الرب بالغصب ! )

وقفت في الطابور .. أكثر من شابة من المنظمين لسير الطابور . تساعدوا الواقفين . و تلاحظ كبار السن , وتفسح لهم الطريق بسرعة .. متخطين الطابور ..

الطابور يسير بهدؤ , وكذلك التصويت بالداخل – حيث عدد من الصناديق , وكل صندوق بجانبه 3 موظفين لعمل الاجراءات والتأكد من شخصية الناخب , ومن وجود اسمه بقائمة الللجنة

قبل وبعد ظهور النتيجة .. لم تحدث مشاجرات . ولا طعونات . ولا اطلاق مسدسات .. ولا كانت هناك هتافات . ولا بلطجية ..
اطلاقاً اطلاقً

ظهرت نتيجة الانتخابات : خسر الحزب الحاكم ( كتلة كيبك ) وفاز الحزب المعارض ( الليبرال ) .

لا احتجاجات .. لا مشاجرات , لا اصابات , ولا سقوط قتلي . ولا طعونات بتزوير ولا ولا .. أبداً .

هذه هي المرة الثانية التي أشارك فيه في انتخابات خاصة بالمقاطعة – بالاضافة لانتخاب فيدرالي , ومرتان للبلدية – .. وفي المرتين لانتخابات المقاطعة – : خسر الحزب الحاكم – حزبان مختلفان – ..
ورئيسة الحزب – مدام ماروا – خسرت مقعدها في دائرتها ..! وهذا حدث في المرة السابقة لرئيس الحزب الحاكم السابق , قبلها !
وعلي الفور .. بدون كلام : قدمت السيدة ماروا – رئيسة وزراء كيبك – الخاسرة – استقالتها من رئاسة حزبها .و ألقت كلمة , هنات فيها الحزب الفائز , ورئيس وزرائه .
ونفس الشيء فعله من قبل . رئيس الحكومة السابقة لحكومة ماروا – عندما خسر الانتخابات : قدم استقالته علي الفور . من رئاسة حزبه ( بدون كلام ) .

من الذين صوتوا في تلك الانتخابات . بهذا الادب , وبذاك السلوك المتحضر ؟
انهم ناس من ضمنهم مهاجرون من كافة الدول الناطقة بالعربية ! , وهنود , وصينيون , وآسيون , وأفارقة , ومن جزر المحيط الاطلنطي . ومن أوربا الغربية والشرقية معاً , ومن امريكا اللاتينية
كنا بطابور الانتخابات . فينا الأسود والأبيض , والاصفر , والأسمر , والاحمر – كل ألوان البشر ..
وفينا المسلم واليهودي والمسيحي والسيخ والهندوسي والبهائي والزرادشتي , وعبدة الشيطان , والكفرة والملحدون مثلي – والعياذ بالعقل .. !
ومضت الانتخابات ,مثلما تمضي في كل مرة . بالأدب والذوق والانسانية . وبهدؤ ونظام . ووئام . رغم تعد الألوان والأصول والأجناس والديانات !!
ما السبب ؟؟
لماذا لا يحدث مثل ذلك , ببلاد ” لا اله الا الله محمد رسول الله ” .. ؟؟ ولا يدور سوي الشجار والقتل والتزوير والطعن والحرق . والتدليس حتي اتهام, – أو ضبط – بعض القضاة المشرفين علي الانتخابات .. ولا ضبط امرأة تلبس النقاب , وتدخل متخفية فيه للتصويت 15 مرة لصالح مرشح معين !!!؟

لعل السبب هو أن دستور كندا لا يقول انها دولة اسلامية .. ولا هي دولة مسيحية .. ولا هي دولة أية ديانة أخري .. بل هي وطن لكل من يحملون جنسيتها . أيا كانت دياناتهم أو أجناسهم أو أصولهم أو ألوانهم

وعقبال الحبايب

مواضيع ذات صلة: كندا تدعم الشعب السوري

صلاح الدين محسن (مفكر حر)؟

About صلاح الدين محسن

صلاح الدين محسن كاتب مصري - كندي . من مواليد القاهرة عام 1948 عضو"اتحاد كتاب مصر" . عضو " جماعة الفنانين التشكيليين والكتاب " بالقاهرة عضو اتحاد كتاب كندا - تورنتو - PEN CANADA عضو " جمعيةالكتاب المغتربين " بكندا - تورنتو- التابعةلاتحاد كتاب كندا PEN CANADA. له عدد من المؤلفات في عدة مجالات - 16 كتاب . طبع بالقاهرة حتي عام 2000 تنشر مقالاته بأكثر من موقع الكتروني سجن بمصر 3 سنوات من 2000 : 2003 عن كتابيه " لا أحب البيعة " و "ارتعاشات تنويرية ".. لمطالبته بالديموقراطية وتداول السلطة بالكتاب الأول ، ولدعوته لعهد جديد من التنوير الفكري بحقيقة العقيدة البدوية والتاريخ العرباوي : بكتاب ارتعاشات تنويرية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.