اليوبيل الماسي لل BBC العربيّة

{ إفعل ماهو صحيح دائماً , فهذا سيُرضي البعض و يُذهل الآخرين }

هذا ما قالهُ أعظم الساخرين الأمريكيين وأبو الأدب الأمريكي مارك توين ( توفي 1910 )

وهذا هو ما ينطبق كثيراً على الإذاعة المفضّلة في العالم العربي , وربّما العالم أجمع ال

BBC

خمسةٌ وسبعونَ عاماً مرّت على تأسيس القسمِ العربي في تلك الإذاعة العالميّة المحترمة الى درجة كبيرة .

اُفتتح هذا القسم عام 1938 وكان أوّل بث بصوت أحمد كمال سرور .

و بدأت الإذاعة تبّثُ من مبنى ..

Broadcasting House

 , ثمّ إنتقلت الى مبنى بوش هاوس ..

Bush House

ولا عِلمَ لي لماذا كُتِبَ ( حرف ال يو ) على المبنى .. هكذا

V

ملاحظة :

BBC تعني .. British Broadcasting Corporation

 أو / هيئة الإذاعة البريطانية . ويا لهُ من إسمٍ يُشعرني بالثقة والنزاهة !

إنّها هيئة إعلاميّة مُستقلة تأسست في المملكة المتحدة عام 1927

وأثبت تقرير أجرته مؤسسات مستقلة أن عدد متابعي أخبار ال بي بي سي عبر الاذاعة والتلفزيون والإنترنت وصل في العام 2007 إلى ما يقارب ال 233 مليون شخص في 100 دولة حول العالم / ويكيبيديا

***************

هنا .. لندن !

أعذب دقّة ساعة سمعتها في حياتي , تلمس أوتار القلب قبل أعصاب الدماغ , تلك التي تسبق جملة .. هُنا لندن .. الساعة كذا / عالم الظهيرة , أو العالم هذا المساء … مثلاً !

رحمَ الله جدّي ( لوالدتي ) , كان يحتضنني وعمري ست سنوات عندما نزور مدينتنا ( الموصل ) في العطلة الصيفية , لكن الراديو الصغير ( كنّا نُسميّه ) لا يُفارقهُ في المساء حتى ساعة نومهِ يصغي طيلة الوقت لل بي بي سي . بحيث لم أعُد أصدّق أنّهُ سيحكي لي قصة , ما قبل النوم .

وتمّر السنون بسرعة فأجد نفسي في الثانوية المركزية عام 1973 وحرب إكتوبر تدور رحاها بين العرب وإسرائيل , فيسمح لنا اُستاذ العربية ( الموسوي ) بإستصحاب راديو ترانسستر صغير على أن نفتحهُ عندما يُكمل المادة على إذاعة ال بي بي سي , لنعرف حقيقة ما يدور في الحرب … لا الأكاذيب !

فترة قصيرة بعدها فَضّلتُ ( مراهقةً ) إذاعتي مونتِ كارلو وصوت أمريكا , ثمّ ما لبثتُ أن أعود لمعشوقتي الجميلة الصادقة

BBC

حتى عند وصولي الى السويد عام 2001 , إتصلتُ بقريبٍ لي في ألمانيا أسألهُ عن راديو ذي موجاتٍ قصيرة ( تسع موجات )

فإذا بهِ يُجيبني لتُنصت لل

BBC

 طبعاً !

بعدها بقليل وصلنا البثّ الثلاثي / راديو , تلفزيون , إنترنت . في كلّ زمان ومكان .يعني 24 / 7 كما يُعلنون .

وها أنذا أنام فأحتضن (الآي پاد)المخصص للعزيزة ال بي بي سي فقط .

****************

سلبيات وإيجابيّات

لا أريد الحديث عن هذه الإذاعة بطريقة المُحّب الذي يعمى عن المساوىء

فحتى أزمتها في العام الماضي (و ربّما ما زالت ) التي طالت مديرها السابق فإستقال , ليس لأنّهُ مرتكب المخالفة , بل لأنّها حدثت في عهدهِ .

يومها هممتُ بالكتابة عنها , لكن مسودة المقال إختفت بقدرة قادر من جهازي .

ومعلوم أنّ تلك الأزمة بدأت بالحديث عن فضائح تحرّش جنسي قام بها أحد مقدّمي البرامج هو( جيمي سافيل ) مع نحو 200 فتاة .

من جهة اُخرى / أشعر أحياناً أنّ بعض المذيعين أو المذيعات إسلاميي الهوى . ومَرّدْ ذلك يعود الى طريقتهم في توجيه الإسئلة للحضور .

لكن يتبيّن لي غالباً في النهاية أنّهم موضوعيين وينفذون أوامر وسياسة مستقلّة , واعية وحكيمة .

*****************

مذيعات ومذيعين

 

منذُ عهد المذيعين الأفذاذ ذوي الأصوات الرخمة الجميلة / ماجد سرحان وأفتيم قريطم وسهام الكرمي و فاروق الدمرداش وجميل عازر و أكرم صالح و فؤاد عبد الرازق ومحمود المسلمي و أحمد قبّاني .. وباقي المُبدعين

الى اليوم حيث ملاك جعفر و فِدا باسيل ورشا قنديل ( كانت الفرحة واضحة على وجهها اليوم ) و سمير فرح والآخرين .

لكل واحدٍ منهم يشعر السامع أو المُشاهد ببصمته المُميّزة التي تنحفر في الذاكرة .

*****************

الخلاصة

إنّها محطة عالميّة أولى بإمتياز , تلك هي محطة ال

BBC

لها معاييرها المهنيّة والأخلاقيّة التي لا تحيد عنها يوماً , حتى لو كانت القضيّة تطال كبار رجال وساسة البلد أو العائلة المالكة نفسها

( أتذكر الأخبار يوم موت الليدي دايانا ) .

إنّها لا تنطق بلسان الحكومة البريطانيّة ولا تخضع لها , بل تدخل معها في مواجهات ومشاكل أحياناً

هذهِ إذاعة تفتح أبوابها لجميع الآراء مهما كانت مخالفة لأصحاب تلك الأذاعة , ونحنُ نعلم أنّ أصحاب هذهِ الإذاعة هم الشعب البريطاني نفسهُ

حيث يقوم دافعو الضرائب بدفع نفقاتها الضخمة , حتى لا تقع يوماً فريسة لهوى الحكومات المتعاقبة .

أنا شخصياً أسمّي ال

BBC ..

 حكومة العالم المُنتخبة شعبياً , والمُحايدة الأكثرُ عدلاً من الآخرين .التي تنشر المعلومة الصحيحة والخبر اليقين والمعرفة

 في كلّ فروع الحياة .

نعم إنتخبها وفضّلها غالبية الناس على مختلف ألوانهم ومشاربهم , وصاروا لها مستمعين وأصدقاء دائميين حتى الرمق الأخير !

فيا تُرى / متى سيشهد عالمنا العربي مثل تلك المؤسسة الإعلاميّة المرموقة ؟

لا تقولوا لي .. حظوظ الدُنيا .

لكن قولوا / وما نيل المطالب بالتمنّي , لكن تؤخذ الدُنيا غِلابا

معناها / جهداً وعرقاً ونضالاً مستمراً !

 ************

 الرابط 1 / عن المباني وتأريخ الإذاعة

http://www.bbc.co.uk/historyofthebbc/collections/buildings/broadcasting_house.shtml

الرابط 2 / عن مناسبة مرور 75 عام على إفتتاح القسم العربي

http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2013/01/130103_bbc_arabic_75_anniversary.shtml

الرابط 3 / تسجيل لأصوات قدماء مذيعي ال بي بي سي

 تحياتي لكم , وعام خير وسلام للجميع

 رعد الحافظ    رعد الحافظ(مفكر حر)؟

3 يناير 2013

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.