المعضلة الأساسية في الاقتصاد الإيراني هو الحكم المطلق للاقتصاد التجاري وليس لقطاع الدولة

عن موقع “راه توده”
ترجمة عادل حبه
في الأسابيع الأخيرة، ومع كل الوضوح في المأزق الذي يعاني منه الاقتصاد التجاري من خلل والفساد الناتج عنه، فإن آية الله خامنئي مازال يصر في خطاباته على الهجوم على “قطاع الدولة” مطالباً بنقل مهمات الدولة إلى الشعب؛ أي إلى زمرة العسكريين والتجار والمؤسسات غير الرسمية المرتبطة ببيت المرشد. في الواقع أن إشارة المرشد خامنئي هذه في خطاباته وسعي بعض العناصر المشاركة في الحكومة وبعض المسؤولين في الدولة ما هي إلاّ محاولة لاقناع الشعب أن الاقتصاد الايراني هو ليس اقتصاداً تجارياً، بل هو اقتصاد دولة، وإن المشاكل الاقتصادية التي تواجه ايران ليست نابعة من الماهية التجارية بل من خصلته الدولتية. وبعبارة أخرى، فيكفي أن ننقل قطاع الانتاج والتجارة والصادرات والواردات إلى التجار والعسكريين وبيت المرشد كي يتم حل مشاكل البلاد. هذا في حين لم يشر أي حاكم من حكام ايران إلى المشكلة الاصلية، وهي أن اقتصاد البلاد ومنذ قرابة 300 عام وحتى الآن يعتمد على تفوق العنصر التجاري وأصبح يتحكم باقتصاد البلاد مما أدى إلى تخلف البلاد وركودها.
إن اقتصاد إيران ومنذ أكثر من 300 عام عندما انضم إلى دوامة صادرات الحرير ثم الصوف والزغب والذهب والفضة والتبغ والقطن والترياك وغيره، فقد تحول من اقتصاد انتاجي إلى اقتصاد تجاري واصبح الأخير القوة المحركة للاقتصاد. لقد وجهت أول ضربة للاقتصاد الحرفي والزراعي الايراني عندما أقدمت حكومة الشاه عباس، ولدوافع محتلفة، وفي ظروف انتعاش التجارة العالمية إلى اختيار طريق صادرات الحرير الخام بدلاً عن أن يتبع أكثر نهج صادرات الاقمشة والألبسة الحريرية. وهكذا أصبح الحرير الخام الايراني في خدمة نمو صناعة انتاج الاقمشة والألبسة الحريرية في أوربا.


إن صدور الحرير الخام لم تكن الضربة القاضية التي وجهت صوب الاقتصاد الحرفي والزراعي الايراني. لأن هذا الحرير الخام كان موجها في نهاية المطاف داخل إيران لخدمة انتاج الاقمشة أو الألبسة الحريرية لسد حاجة الميسورين وأعيان البلاد إلى جانب التصدير. ولو افترضنا أن كل الحرير الخام الأيراني يتم استخدامه داخل إيران ويتم تحويله إلى أقمشة وألبسة حريرية للصادرات لكن ذلك لا يؤدي إلى دوران عجلة التنمية في ايران كما حصل في ايطاليا على سبيل المثال، لأن الاقتصاد التجاري لا يمكن له أن يصبح لولباً ورابطاً بين فروع مختلفة من الاقتصاد كالمعادن والزراعة والحرف. فهذا القطاع قادر فقط على ايجاد بقع متناثرة ليس لها إية روابط فيما بينها، وترتبط بشكل مستقل بالسوق الخارجية. إن الضربة القاصمة التي وجهت إلى الاقتصاد الحرفي والزراعي الإيراني حدث عندما تحولت صادرات الحرير الخام إلى نمط للتجارة وكسب الثروة علاوة على صادرات الصوف والزغب والمواد الخام الضرورية لانتاج الاقمشة والألبسة كمصدر لاستهلاك الشعب، والتي تحولت إلى بضائع للتصدير. وتدهورت أحوال القسم الأساسي من الحرفيين الإيرانيين الذي يقومون بانتاج الألبسة والحاجات الضرورية للسوق الداخلية والشعب الإيراني. فعندما جري تصدير المواد الخام التي يحتاجونها إلى الخارج، فإن ذلك رمى هؤلاء الحرفيين إلى جادة الافلاس والخراب. فهم أمام خيارين، أما أن يضطروا إلى الهجرة أو أن يتحولوا إلى شحاذين ومعوزين. ونتيجة لذلك تحولت المحلات والمدن التي يقطنها هؤلاء الحرفيون تدريجياً إلى خرائب كُتب عنها الكثير في كتب رحلات السياح. أما القرويون، الذين يقطنون في جوار هذه المدن وعلى صلة معها ويؤمنون احتياجاتها من الأطعمة والغذاء، فقد فقد سكانها مصدر رزقهم وتراجع الانتاج وعادوا من جديد إلى نمط الانتاج الطبيعي. وهكذا أصبح التحاق إيران بركب عجلة صادرات المواد الخام واعطاء الأولوية للاقتصاد التجاري مقابل الاقتصاد الانتاجي عنصراً في التخلف التدريجي للبلاد الذي أصبح سارياً حتى الآن، حيث لعب الاقتصاد التجاري القائم على الصادرات والواردات الدور الاساس في التخلف. لقد كان هذا الاقتصاد التجاري خاضعاً أكثر للدولة في بعض الأحيان؛ أي احتكار الدولة لهذا القطاع كما هو الحال في عهد الشاه عباس أو في عهد رضا شاه، ولهذا فإن خضوع القطاع التجاري للدولة أثر تأثيراً أقل سلبية على عملية التنمية في البلاد. وحدث أحيناً العكس، حيث أصبح دور التجار والمؤسسات الخاصة أكثر تأثيراً والمثال على ذلك في العهد الصفوي بعد رحيل الشاه عباس أو في العهد القاجاري. ومنذ زيادة عوائد التفط، أندفع اقتصاد البلاد بسرعة صوب الاقتصاد التجاري – الدولتي. ولذا يعتبر عدد من الاقتصاديين الايرانيين إن قطاع الدولة هو الذي يمثل اقتصاد البلاد، وهو ما يمثل نصف الحقيقة. إن الدليل على تخلف الاقتصاد الايراني هو كونه تجارياً . ويمكن أن يكون الاقتصاد التجاري خاصاً أو ضمن قطاع الدولة أو غيره. فلكل منهما دوره في عرقلة عملية التنمية الاقتصادية. ومن الوهم التصور أنه إذا ما حولنا الاقتصاد التجاري – الدولتي إلى اقتصاد تجاري غير تابع لقطاع الدولة فسنسير على سكة التقدم.، وهو ما تؤكد عليه فترة السنوات التي تربع فيها احمدي نجاد على كرسي الحكم في السنوات الأخيرة. فلو أخذنا كمثال تصدير الغاز والبتركيمياويات حيث تراجعت سيطرة الدولة عليه وتحول إلى القطاع الخاص، ظناً من أنصاره إن ذلك سيضع ايران على سكة عجلة التنمية في ظل غياب دور الدولة، فإن ذلك ضرب من الخيال في ظل الصفقات المشبوهة والمصالح حول الخصخصة والفساد الذي استشرى في البلاد.
بالطبع أن الدولة النفطية هي دولة تجارية، دولة تتعامل مع الصادرات والواردات وتعمل كتاجر كبير، مع تفاوت هو أن الدولة – التاجر حين تعتمد موازين ديمقراطية وللشعب تأثير في انتخابها وله الرقابة عليها، فإن التأثير السلبي للماهية التجارية ستكون أقل بكثير. فالدولة على الأقل لا تقوم بإخراج العملة الصعبة من البلاد وتوظفها في بلدان أخرى، ولا تبني المساكن والفنادق في بلدان أخرى ولا توظف عوائد النفط في مرافق غير انتاجية. إن الدولة-التاجر خلافاً لتاجر القطاع الخاص مجبرة على أن توجه عوائد الصادرات مثل النفط والغاز إلى الميزانية العامة التي تخول الحكومة على توظيفها أو توزيعها بشكل عادل وضمن تخطيط اقتصادي وتفادي الانفجار الاجتماعي. ولكن كون الدولة تجارية، وبدليل ماهيتها التجارية فإنها في نهاية المطاف غير قادة على أحداث التنمية. ولا يعتبر الاقتصاد التجاري الخاص أفضل من قطاع الدولة التجاري، بل أنه أكثر دماراً، وذلك لأن الاقتصاد التجاري –الخاص قائم على الربح، في حين أن الاقتصاد التجاري الدولتي لا يقوم على كسب الأرباح. فاقتصاد الدولة التجاري لا يستطيع أن يقوم بمهمة التنمية الاقتصادية، في حين أن الاقتصاد التجاري – الخاص يقوم بمهمة هدم التنمية. إن تغلب الربحية في الاقتصاد التجاري هو ليس حافزاً ايجابياً، بل هو عامل شديد السلبية.
إننا إذا ما اعترفنا بأن المعضلة الرئيسية هو الاقتصاد التجاري الايراني نفسه، وليس في كونه تابعاً لقطاع الدولة، ولذا فإن تقدم البلاد، حتى ولو أكد على ذلك السيد خامنئي مئات المرات، هو أن لا نحرر الاقتصاد التجاري من سيطرة الدولة وتسليمه إلى التجار، أي إلى القطاع الخاص. فالطريق إلى التقدم هو تحويل الاقتصاد التجاري إلى اقتصاد انتاجي. وعندما نتخذ قراراً بالنضال ضد الاقتصاد التجاري والوقوف بوجه الأرباح التي يحصدها ونقوم بتعزيز القطاع الانتاجي، عندها سيتضح الدور الذي سيمارسه قطاع الدولة الاقتصادي والقطاع الخاص اتوماتيكياً. وعندها ستدخل الدولة في ميادين الانتاج الوطني التي تحتاج إلى رساميل ضخمة وإلى وقت أكثر وأرباح أقل أن لم تكن هناك أية أرباح، أي في ميدان الصناعات الثقيلة وكل الفروع الصناعية حيث يقوم عامل الربحية بدور مخرب ومعرقل، مقابل القطاع الخاص السليم الذي ينزل إلى هذه الميادين بهدف ايجابي هو الحصول على الربح من أجل توسيع المرافق الانتاجية.
ومن أجل تقدم البلاد، يجب توديع الاقتصاد التجاري –الخاص الحالي في إيران، وبناء اقتصاد انتاجي لقطاع الدولة والقطاع الخاص، أي ضمن ما نصت عليه وأوضحته المادة 44 من القانون الأساسي الإيراني، والتي جرى نقضها ومازالت تنقض إلى الآن بشكل غير قانوني من قبل “مجمع تشخيص المصلحة” ضمن ما عرف بـ”سياسات المادة 44″، مما انحدرت البلاد إلى الركود والفساد التي لم تشهد له مثيل ووضعت البلاد على عتبة الانفجار.

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.