المرأة بين المفهوم والواقع( ناقصات عقل )

 ” النساء ناقصات عقل ودين “

مثل هذه العبارة المحمدية التي ما تزال حتى اليوم تتربع على عقول الكثير من المسلمين بكل قداسة ووقار، وتثير الكثير من الجدل بين جميع الأوساط والتيارات المختلفة ما بين القبول والرفض والتشكيك، لا شك بأنها عبارة تحمل رنين من نوع قوي يطرب البعض من الرجال المتمصلحين بمثل هذه العبارة التي تمنحه شعوراً بالفوقية والسيادة على المرأة، وتبرير كل أخطاءه أو مصالحه أو زلات المرأة من خلال هذه العبارة المقدسة التي لا تجرأ الكثير من النساء نقضها أو رفضها أو عدم التسليم بها، بينما يكون رنين هذه العبارة مزعجاً بالنسبة لتلك الأطراف المتحررة التي وجدتها مسيئة ومحتقرة للمرأة ومهينة إلى ذلك الحد الذي تحط من قيمتها كإنسان كامل العقل وسوي الحياة كالرجل تماماً.

وما أريد أن أقوله هو أني أقف مع كل طرف يريد نفض كل غبار التاريخ الذي وقف في وجه المرأة وكمالها الإنساني السوي, حيث أن واقع اليوم يثبت بكل ما لا يدعو للشك انهزام بل وسخافة مثل هذه العبارات الجلفة في حق المرأة، حيث نشهد اليوم أن المرأة في غالب بلدان العالم المتقدم بشكل خاص برعت ونجحت بشكل فاتن ومثير للدهشة في مختلف المجالات الإنسانية، كانت العلمية أو الفكرية أو السياسية وحتى الجسمانية والرياضية، حيث نجد اليوم من النساء من هن في مراكز عالية على صعيد السياسة كالرئيسات والوزيرات والقاضيات والقياديات وكل مرتبة هامة لا يصلها إلا ذو عقل كامل وجدير بالثقة، وفي مجال العلوم نجد الكثير من العالمات والمخترعات والرياضيات والفيزيائيات والطبيبات ورائدات الفضاء، بل ونجد منهن من بلغن بعبقريتهن العلمية ما يفوق قدرة الكثير من الرجال ممن يحملون راية ” نقص عقل المرأة “، وعلى صعيد الرياضة الجسمانية والبدنية نجد المرأة تتصدر الكثير من البطولات العضلية والجسمية والذهنية على حداً سواء، إنه لا يمكن إحصاء النساء العظيمات الأحياء منهن والأموات، في الماضي والحاضر، لا يمكن حصر كل ذلك دون أن نصل إلى نتيجة دلالية بسيطة مفادها أن المرأة اليوم أثبتت أنها ليست ناقصة لا عقل ولا هرمونات ولا بطيخ، وليست ناقصة إرادة قوية تجعلها جديرة بالحياة وبعيش الحياة كإنسان كامل بل وينافس الرجل في تفوقه، ذلك الرجل المتعجرف تحديداً الذي ملئ الحياة بصراخة واستبساله في الدفاع عن مثل هذه العبارات أو الشعارات المحقرة للمرأة إما بسبب ولاءه الأعمى لتراثه البدائي أو بسبب مصلحته التي تمنحه تلك الفوقية التي تشعره بنوع من الرضى وتمنحه كل أشكال السيادة الذكورية على المرأة، هذا الكائن الفاتن والكامل الإنسانية.

ولا أنسى أن أشير أخيراً إلى أنه قد تكون مثل هذه الأحاديث عن محمد نبي الإسلام صحيحة، لكنها بالمقابل قيلت في زمن ربما كان يحمل قول ذلك حكمةً ما أو شأناً ما في عقل محمد، أو في نساء ذلك الزمان الواتي كن غارقات بالبداوة والتبعية العمياء والمستسلمة للرجل، وتفاصيل حياتيه بسيطة ومتخلفة لا يمكن أن تمس للذكاء والعبقرية بصلة، أي أن النظرة العامة للمرأة في ذلك الزمن كانت بهذا الشكل بحكم البيئة الجلفة والبسيطة لأن تخلق المرأة في تلك المجتمعات بهذا الحال أو بمثل هذه الرؤية .. لكن هذا لا يعني أن يتحول هذا الكلام من لسان محمد أيأ كان سببه إلى تشريع ودين ورؤية مطلقة تستمر حتى يومنا هذا .. لان واقع اليوم ينفي وينقض مثل هذا المنطق، ونساء اليوم بكل الإنجازات التي تفوق أحياناً إنجازات الكثير من الرجال أنفسهم.. كل هذا ينسف جذر هذا المنطق وكل منطق بدائي شبيه به.

About طلال قاسم

طلال قاسم، كاتب وروائي وباحث عربي من اليمن تحديداً، ينشد الحرية والسماء الواسعة للفكر الحر للإنسان بشكل عام وللإنسان العربي بشكل خاص.
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.