المثلية الجنسية العيش في جهنم

د. فوزية بن عبد الله
الانتفاضة ضد رهاب المثلية الجنسية والذي بدأ يظهر بقوة في بعض البلدان الاسلامية و بالأخص في بلدان المغرب العربي ( الجزائر والمغرب وتونس) وتعتبر المغرب اكثر دولة تعرف انتفاضة من قبل مثليي الجنس هذا ما زاد موجة العنف والاضطهاد ضدهم، تليها تونس ثم بعض المحاولات السرية في الجزائر عن طريق جمعية الوان ان هذه المحاولات في الظهور ومحاربة رهاب مثلي الجنس تبقى في اعتقادي محاولات لا تعد بالكثير لان المشكل الاساسي ليس فقط في تجريم القانون للمثلية الجنسية في هذه البلدان بل في الاساس لتجريم الدين الاسلامي لها والذي يعتبر مصدر تشريع للقوانين في الجزائر مثلا، فالنضال الحقيقي من اجل انتزاع حق العيش بكرامة و الاعتراف بالمثلي كانسان طبيعي يبدأ من ايجاد حل لإشكالية الدين الاسلامي و المثلية الجنسية، هذه الاشكالية التي لا تتواجد على الصعيد الاجتماعي فقط بل على الصعيد النفسي كذلك، المثليين الجنسين المسلمون يعيشون واقع نفسي مدمر بين قناعته بانه شخص طبيعي والتي يصل لها بعد صراع مرير مع رفض ذاته ونبذه لها، يجد نفسه عاجز عن التخلص من الشعور بالذنب بسبب ارتكابه للفاحشة وعصيانه لاوامر الله فهو مطرود من رحمة الله الذي يهتز عرشه لفعل المثلية وينتظره عذاب جهنم هذا ما يقود الكثير منهم الى ولوج عالم الانحراف والجريمة والمخدرات بحثا عن حل للمعاناة النفسية التي تزيد يوما بعد يوم، ان العدد الكبير الذي يلجأ لهذه الطرق كمسكن للمعاناة يزيد من النظرة السلبية ونظرة الاحتقار التي يوصم بها مثليي الجنس على انهم اشخاص منحرفون ومدمنون للجنس والمشكل الاكبر ان هذه الوصمة يقرها بعض مثليي الجنس انفسهم، أذكر فتاة مثلية اختارت ان تقمع جنسيتها وعدم الاختلاط بمثليي الجنس بسبب خوفها منهم لانهم كما تعتقد هي منحرفون ويقومون بعلاقات مختلطة ومصابون بالسيدا والامراض المتنقلة عبر ممارسة الجنس، وانهم غير اوفياء مع شركائهم الجنسيون ومعظمهم مدمنون على المخدرات” هنا نحن امام مفارقة غريبة” مثلية مصابة برهاب المثلية” ولكن السؤال المطروح هل يعبر هذا الاعتقاد عن واقع ما؟ وما السبب في ذلك؟، أرى حسب بعض البحوث و بعض المقابلات التي اجريتها مع مثليي جنس دخلوا عالم الجريمة، ان اعتقادها فيه الكثير من الواقعية ولكن ليس السبب هو المثلية في حد ذاتها ولكن هو نتاج للمعاش النفسي الاضطهادي الذي يعيشه مثلي الجنس فهو تعبير عن رفض واقع الاضطهاد والمعاناة والتهميش والاستغلال الجنسي الذي يتعرض له كل من يعلن عن مثليته خاصة عند الذكور “من يجرؤن اكثر على ذلك ” الذي يجد نفسه منبوذ من جهة ومطمع جنسي من جهة اخرى فيسلك طريق الانحراف كامتهان الدعارة او ارتكاب الجرائم كفعل انتقامي ضد المجتمع و القانون، فهو يدمر ذاته المهانة من جهة ويدمر المجتمع وينتهك القوانين التي سمحت بانتهاك عرضه وحقه في العيش كانسان طبيعي، ثم ان العيش في الظلام وعلى الهامش يكرس الشعور بالخطيئة مما ينتج عدم تقدير الذات وقد يصل الى الاكتئاب و الانتحار، وهنا نحن لسنا بصدد التعميم ولكن بصدد تعرية واقع معاش ومحاولة الكشف عن المعاناة اللامحدودة التي يعيشها مثليي الجنس في المجتمعات الاسلامية ومن ثم وحسب اعتقادي ان التحدي الرئيسي والجوهري الذي يجب ان يناضل من اجله مثليي الجنس والداعمين للحقوق الانسان هي ايجاد حل للإشكالية نظرة الاسلام للمثلية لأنها جوهر المشكلة وفي محاولة لإيجاد حل يطل علينا احد الدعاة الجدد الذين يحاولون ايجاد مخارج لبعض الاشكاليات المعضلة في الاسلام بقوله ان المثلية الجنسية ليست لها عقاب في الدنيا ولكنها اثم سيعاقب عليه مرتكبه في الآخرة، وهو بهذا يعتقد انه يحسن من صورة الاسلام امام حقوق الانسان، ان هذا الرأي يعكس فعلا مدى استهتار الدعاة بعقول المتلقين وخاصة المسلمين، لا أعلم حقيقة على ماذا يستند في قوله هذا ولكن اذا لم يتطرق القرآن بشكل واضح للعقاب المثلية الجنسية وان افترضنا ان قصة قوم لوط وما ترتب عنها من عقاب الهي ليست بسبب الجنسية المثلية ولكن لتشابك عدة اسباب منها ممارسة اللواط جماعيا والكفر برسالة لوط و بالله، فأين سنذهب بالأحاديث النبوية التي تعتبر نصوصها مصدر اساسي في الشريعة الاسلامية والتي تحرم الجنسية المثلية بل تدعي الى قتل الفاعل والمفعول به، هل يجب علينا عدم العمل بالأحاديث النبوية واعتبارها احاديث فاسدة فقط بالنسبة للموضوع المثلية او اعتبارها كذلك بالنسبة لمواضيع عديدة غير واضحة او حاسمة في القرآن ولكن تعتمد احكامها الشرعية على الاحاديث النبوية، ان هذه الخرجات الاعلامية لداعية يحاول الدفاع عن الاسلام ضد المد العالمي المتزايد ضد التمييز العنصري ضد مثليي الجنس في البلدان الاسلامية يزيد من حدة التجريم فاعتباره فعل لا يعاقب عليه في الحياة بل سيترك الى الآخرة حكم ضمني بفظاعة الفعل لدرجة ان لا عقاب شافي له في الحياة بل سيترك عقابه لله، ومن ثم فعلى كل مثلي ان يتخيل كيف سيكون عقابه في جهنم فأي عقاب نفسي هذا الذي يجعل المثلي جاهل لعقوبته الدنيوية ولكن يتوعده الله في الآخرة؟ !، ثم من أين حكم هذا الداعية على انها اثم! اذا كان بحسب رأيه ان القرآن لم يتطرق لعقوبتها وبالتالي فهو يستند هو بنفسه للأحاديث النبوية اي تناقض هذا الذي وقع في ثم بعد ذلك يتراجع الداعية امام موجة الغضب والاتهامات ويقر بأنها محرمة كبيرة من الكبائر و اغلب السلف يرون عليها بالحد القتل او التعزير بالنسبة للبعض الآخر ويترك للقاضي حق الحكم، لكن من يرتكبها ليس كافرا، ان مأساة هؤلاء الدعاة ورجال الدين هي استهزائهم بعقول الاخرين وعدم وعيهم بأنهم يتحدثون مع جيل مختلف عن الاسلاف جيل اصبح يفكر ولا يقبل اي شيء لمجرد ان الصحابة سلموا به، لذلك فأنا ادعوا المفكرين الداعمين لحقوق الانسان لإيجاد حل لهذه المعضلة بعيدا عن العبثية بعقول الآخرين لأنه لن يتمكن المثليين من العيش بسلام في المجتمع الاسلامي لان الامر كما قلت سالفا ليس في الغاء القوانين الجزائية ضد المثلية لان مجتمعاتنا العربية لا يحكمها القانون بل يحكمها الدين و الاعراف….. ملاحظة الصورة: فنانتان مصريتان محجبتان تقبلان بعضهما بطريقة غير بريئة شاهد الفيديو هنا: فنانتان مصريتان محجبتان وقبلة بالفم غير بريئة

About فوزية بن عبد الله

فوزية بن عبد الله دكتورة في علم النفس باحثة وكاتبة هاوية فرنسا
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.