الكاذبون يقسمون

طلال عبدالله الخوري        تم نشرها ب 16\9\2011

هناك مثل شعبي سوري يقول:” قالوا للص احلف! فابتهج اللص قائلا: جائني الفرج.” , ومعنى هذا المثل بأن اللص مستعد دوما للحلفان لكي ينكر جريمته وينجو من العقاب, وانه يجب ان لا نصدق اللص عندما يلجأ للحلفان, لانه انسان نذل والحلفان بالنسبة له ليس له اي قيمة. ومن القواعد الاساسية بالتعامل بين الناس بانه عندما يلجأ اي انسان الى وسيلة الحلفان لتبرير موقفه, فتلقائيا يتغامز الناس عليه بانه الاحتمال الاكبر بانه يكذب وخاصة اذا كان هناك طرق عملية وواضحة للتبيان من الامور ووضع النقاط على الحروف.

اذا كان هذا هو الحال بالامور الحياتية اليومية بين الناس؟ فما هو اذا الحال بالعلاقات بين الاحزاب السياسية وصراعها على السلطة؟ وهل يمكن نقبل بالقسم والحلفان لتقرير مصير الشعوب, وخاصة بان هناك طرق عملية معروفة وواضحة لوضع النقاط على الحروف بمثل هذه القضايا والمسائل المصيرية والتي على اساسها يتعلق مستقبل الشعوب؟؟

سبب تطرقنا لهذه المقدمة هو ورشة العمل التي قام بها الاخوان المسلمون السوريين في القاهرة حول “تجريم الطائفية” ! فلقد صدر عن هذه الورشة بيان ختامي, وفي هذا البيان الختامي توجه الاخوان المسلون إلى الطائفة العلوية بسوريا, بوعد اقسم عليه و وقّع عليه كل من جماعة الاخوان المسلمين وعلماء المسلمين ومؤسسة الدكتور معشوق الخزنوي والشيخ عدنان العرعور, يقولون فيه “إننا من منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية وانطلاقا من مبادئنا الإسلامية السمحة نرى لزاما علينا أن نتوجه إليكم باسم أهل السنة والجماعة في سورية وعلى مرأى و مسمع من العالم اجمع نعلن إن النظام في سورية ليس نظام طائفة معينة، إنما هو نظام الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خدما عند العائلة المتسلطة في الحكم”. ومما ذكّره هذا البيان بأنهم يذكرون:” بكثير من الأسى والألم أحداث الثمانينيات من القرن المنصرم، مؤكدين ” على إدانة الموقعين لجميع الممارسات الطائفية التي حصلت آنذاك من أي جهة كانت”، معلنين من جديد” براءتنا ورفضنا لأي ممارسات طائفية قد يتسبب بها بعض المغرضين في ثورة شعبنا الحالية السلمية”.

نحن نسجل استغرابنا من هذا القسم الموجه للطائفة العلوية؟؟ لماذا الطائفة العلوية بالذات؟؟ وماذا عن بقية الطوائف والاقليات واللبراليين من جميع ابناء شعبنا بما فيهم المسلمين؟؟ هل امورهم هي على ما يرام مع الاخوان المسلمين ؟؟ وما هذه الرائحة الطائفية التي تزكم الانوف والتي تفوح من هذا البيان؟؟ هل مثل هؤلاء الشخصيات التي وقعت هذا البيان الهزيل, والذي يعكس ضحالة افاقها ومستواها, يمكن ان نثق بها لتحكم سوريا وتقودها بالقرن الواحد والعشرين عصر العولمة والاقتصاد التنافسي وحقوق الانسان؟؟

هذا كان اولا, وثانيا: لاحظوا التقية والباطنية الموجودة بصياغة هذا البيان عندما قالوا: بان الموقعين يدينون جميع الممارسات الطائفية التي حصلت بالثمانينات من أي جهة كانت؟؟ لماذا لم يذكروا صراحة من هي هذه الجهات من الاخوان المسلمين والسلطة؟؟ ربما بعد ان يصلوا للسطة يقولون لنا بان الجهات المقصودة ببيان القسم هذا هي اسرائيل والامبريالية والصهيونية والاستعمار وكل هذه الكليشة المعروفة؟؟ ارحموا عقولنا واحترموا ذكائنا ايها الاسلاميين المتشددين؟؟ واخيرا, هل من العدل المساواة بين ما قام به الاخوان من جرائم مع ما كانت تقوم به السلطة آنذاك؟؟

بالواقع مكان مثل هذه الشخصيات هو الحجر عليهم بمعابدهم مع مريديهم وليتعبدوا كما يشاؤون , على ان تكون عبادتهم شأنهم الشخصي , كما حصل بنظرائهم من رجال الدين بالدول المتحضرة, بعد ان تم فصل الدين عن الدولة, لانه في هذا الزمن لا تصلح الا الدولة العلمانية وحقوق الانسان.

وكما قلنا بمقالتنا السابقة”مخاوف الاقليات ومعلجتها” بأننا لا نريد اي قسم من قادة الجماعة أوغيرهم, ولكن نريد ان يكون لدينا دستور علماني عادل ويساوي بين الجميع دون تفريق او تمييز لاي دين. اي اننا نريد دستورا فيه فصلا بين الدين والدولة كما فعلت الدول المتحضرة؟؟ فالشعب الاميركي عندما حرر السود لم يقسموا لهم بانهم سيجعلوهم مساوين بالحقوق مع الاكثرية البيضاء, ولكن وضعوا دستورا يساوي بين الجميع, وجعلوا القضاء مستقلا وعادلا, وهذه هي الطريقة الوحيدة لاقناع الاقليات بان مخاوفهم ستزول؟
اما القسم والحلفان, فيذكرنا تاريخيا بمعاوية بن ابي سفيان عندما رفع المصاحف على رؤوس الرماح واخترع سياسة ان اخلع صاحبي كما اخلع خاتمي و انا اضع صاحبي كما اضع هذا الخاتم بأصبعي!!
ونحن نقول للمعارضة الاسلامية, ان عصر معاوية ابن ابي سفيان وعلى ابن ابي طالب قد ولى , وأن رفع المصاحف على رؤوس الرماح لتكون المرجعية في التحكيم , حيث يخلع الحكم الفهلوي صاحبه كما يخلع الخاتم من اصبعه او يضعه كما يضع الخاتم باصبعه , هذه الخزعبلات ليس لها سوق في عصر الانترنت والاجواء المفتوحة. فنحن ننصحكم بان تجدوا شيئا افهم وافلح من ذلك فليس لبضاعتكم من يشتريها في هذا الوقت.

ونجد انفسنا بعد قرأتنا لبيان الاخوان المسلمين لتكرار ما قلناه بمقالتنا السابقة الآنفة الذكر ونلخص لهم الخطوات العملية المطلوبة لازاحة مخاوف الاقليات وهي:

اولا :ان تعد المعارضة السورية ببيان صريح, بانها بعد نجاح الثورة ستقوم بتجريم ومحاكمة النظام ورموزه و معهم الاعضاء من حزب الاخوان المسلمين الذين اقترفوا جرائم ضد الابرياء من المواطنين السوريين, بمحاكمة عادلة ترقى لمستوى القضاء الموجود بالدول المتحضرة.

ثانيا: الوعد بتجريم الشيخ عدنان العرعور لما صدر عنه من تصريحات عنصرية وفاشية بحق المواطنين السوريين الوطنيين, لان كل مواطن سوري هو وطني بالفطرة, وتجريم المتظاهرين الذين ايدوا العرعور, حتى من استشهد منهم بالثورة؟ فنحن ننحني اجلالا لنضالهم وتضحياتهم ونقبل جبينهم, ثم بعد ذلك نقوم بمحاكمتهم بالعدل, لان سوريا بعد الثورة هي دولة القانون والعدل.

ثالثا: حل حزب الاخوان المسلمين, وانشاء حزب وطني له اهداف سياسية واضحة وله برنامج اقتصادي وطني واضح مشابه لحزب العدالة والتنمية التركي على سبيل المثال لا الحصر.

رابعا: منع مشاركة الاحزاب الدينية بالانتخابات بعد الثورة.

خامسا: تبني دستور جديد مواز للدساتير الحضارية الموجودة بالبلدان المتحضرة وتحديد السياسة الاقتصادية وتبني اقتصاد السوق الحر التنافسي.

وبما انكم ايها الاخوان المسلمين تؤمنون بالحلفان والقسم, فاسمحوا لنا ان نستعير هذه التقنية لوهلة منكم ودعونا نقسم لكم:

باجتماع السقيفة

ومعركة الجمل

وحادثة الافك

وغزوة بني قريظة

ويزيد بن معاوية

….

……

وطالبان والقاعدة

والشباب الصومالي.

….الخ …

نقسم لكم اذا لم تقوموا بواجبكم الوطني تجاه شعبكم, فانتم شركاء بجرائم النظام ضد شبابنا الثائر, ولقد كنتم السبب الرئيسي بتأخير تحرر سورية من الاستبداد لحد الان وذلك لانه هناك الكثير من شرائح شعبنا التي تخاف منكم, بما فيهم المتنورين والعلمانيين الوطنيين المسلمين! والمطلوب منكم ان تحددوا اولوياتكم ما هي؟؟ هل اولوياتكم هو الاسلام ومبادئ وشريعة الاسلام, والتي تولي الاولوية للاسلام ولو على حساب ارواح ودماء شبابنا الزكية التي تزهق بالآلة العسكرية للطاغية بشار الاسد؟؟ او ان تغييروا اولوياتكم وتجعلوها للوطن والشعب ومصالحه, هي التي لها الولوية القصوى لديكم, ويجب ان تتوقفوا عن تكفير الوطنية والتي هي كفر بمبادئكم؟؟ راجعوا مقالنا: الوطنية كفر بالنسبة للمسلم.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.