الفرق بين الذّكر والقرءان والكتاب.

بمناسبة أننا بشهر رمضان….والمسلمون يهتمون بالقرءان بشهر رمضان فقط…أكتب لكم هذا المقال:
يحلو للفقهاء أن يُفسّروا الآية الكريمة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر9؛ على أن الذّكر هو مجمل آيات القرءان، وهو أمر فيه من المجازفة وضعف العلم.
إن على المسلم أن يعلم بأن الكتاب الذي أنزل على رسول الله ……به قرءان،….. وبه ذكر، ……وبه آيات هن أم الكتاب، ……وبه الفرقان، وكل منها له مهمة وله تمييز داخل دفتي الكتاب الذي بين أيدينا.
ولنبدأ أولا بالذِّكر، فإن على المسلم أن يتدبر قول ربنا تبارك وتعالى:
{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} ص1……
ليجد أن القرءان أمر، والذّكر جزء متعلق بذلك الأمر…..
كذلك حين يقول تعالى:
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } يس69؛
فدل هذا على ان الذّكر غير القرءان، وهو برهان ثان، ولقد سبق وفرقنا بين الذكر والتسبيح في البند الثالث والعشرين، فيمكن الرجوع إليه ليكتمل البيان في ذهن القارئ.
كما أن الكتاب غير القرءان، فالكتاب أشمل من القرءان وأعم، بما يعني أن القرءان والسبع المثاني جزء من الكتاب، والفرقان غير الكتاب، وكل ذلك أوضحه القرءان وقام عليه باحثون لكن توقفت عجلة فكر فقهاء عصرنا عند حدود فكر وعلم علماء القرنين الثالث والرابع الهجريين، وسوف أجوب مع القارئ ببعض آيات كتاب الله التي تؤكد هذه الفروق، أما تفصيلاتها ودلالاتها فلن أمسها هنا، لأن ذلك الأمر يحتاج شرحا مطولا قام به باحثون أمثال المفكر السوري الدكتور/محمد شحرور في كتابه (الكتاب والقرءان).


فمما يدل على أن الكتاب غير القرءان قوله تعالى: {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ}الحجر1، وتدبر قول ربنا ـ سبحانه ـ بسورة الواقعة: { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ{77} فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ{78}……
ألا يدل ذلك أن القرءان جزء من الكتاب!؟.
وفي شأن إثبات الفرق بين السبع المثاني والقرءان وأنهما جزءين يحويهما الكتاب المنزل على سيدنا محمد، يقول تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } الحجر87؛
ألا يدل سياق الآية على أن الله أعطى رسوله السبع المثاني وأعطاه القرءان وأنهما يتمايز بعضهما عن بعض؟!.
كما أن الفرقان غير الكتاب وغير القرءان، وإن كان الكتاب يضم الجميع، لقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }الفرقان1…
وقد تم إنزال الفرقان على الأنبياء قبل نبينا محمد، وذلك لقوله تعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} البقرة53…..
ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ } الأنبياء48؛ فمما سيق تجد أن الفرقان نزل على سيدنا محمد كما نزل على موسى وهارون.
ويقول (تعالى) أيضا: { نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ{3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ….ٍ{4} آل عمران؛
ألا يدل سياق القرءان في صراحة أن الله ينزل الفرقان على كل الأنبياء، وأنه شيء متميز عن التوراة والإنجيل والقرءان؟!.
وحتى لا أخوض فيما خاض فيه البعض، واختلفوا في بيان ووظيفة القرءان، والسبع المثاني، والفرقان، والكتاب، والآيات المسماة بأم الكتاب، حتى نميز بين آيات أم الكتاب وباقي الكتاب، فلقد قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } آل عمران7؛
ويا ترى ما الآيات المتشابهات التي حذرنا الله من اتباعها بغرض الفتنة، أو بغرض فرض عضلات التأويل، بينما عقولنا قاصرة عن التمييز.
لذلك، وتنفيذا لكلمات الله في كتابه سأترك أمر التمييز بين آيات أم الكتاب وباقي الآيات، وتمييز المتشابه والمحكم من الآيات لتدبر كل مسلم واجتهاده الشخصي لذاته، فالتفاعل مع القرءان والتجاوب معه موكول إليك، وليس قصرا على البعض بالإنابة عن الأمة، حتى نصدقهم فيما جاءوا به من معاني الترادف.
فهناك من قال بأن أم الكتاب هي الآيات التي جاءت في شأن الألوهية، بينما القرءان والسبع المثاني هي الآيات التي تحدثت في شأن الربوبية، لكن هذا مجرد اجتهاد يلزم صاحبه، وما يهمني هو التمايز وعدم وجود ترادف …..وإثارة فكر المسلم ليتدبر كل حرف بكتاب الله، ولا يستسلم لما جاء به الأقدمون أو لما يلقيه بعض الفقهاء لنا من بعض علوم الأقدمين.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to الفرق بين الذّكر والقرءان والكتاب.

  1. س . السندي says:

    أخر الكلام … تساءلات ؟
    ١: قال تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ …} ؟
    هُوَ في ألاية تدل بوضوح على أن منزل الكتّاب هو شخص أخر غير الله ؟
    وبدليل قوله تعالى نفسه {… وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم} آل عمران7 ؟

    ٢: يؤسفني القول بعد الشرح والتوضيح منكم مشكوراً…؟
    إما ألله هذا لا يعلم ماذا نزل وينزل على أنبيائه ومنهم محمد ، وإما ما جاء في القران ليس وحياً بل تجميع تحت الطلب ، فهل يعقل إله كلي القدرة والمعرفة يترك رسوله وأمته في متاهة لأكثر من 1438 عام ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.