الغد سوري لا محال

الغد سوري لا محال

سيحكى عنا ذات يوم
سيقولون اننا تشاركنا الدمعة و الضحكة و الفكرة من وراء شاشة لابتوب لمدة اعوام
و بأننا متنا قبل ان نلتقي..
مع انه كان يفصل بين شاشتينا حارتين و حاجز…
ستتحدث الاجيال القادمة عن جنون جيلنا و تهوره بحسد .. .
سيعون اكثر منا كم كانت الحرية قي زمننا تهور و خطر ..
سيروون اسطورة عن نحن ..
اي ذاك الذي كان تائه بين حقبتين و هويتين او اكثر
عن من ترك البارح و تاه على طريق الغد
و هم سيكونوا ابناء الغد …
جميلين مثله .. سوريين مثله ..
فالغد سوري لا محال

سيبكون لبساطتنا و لعفويتنا و لصدقنا في وجه همجية من لم نعتبرهم يوم اعداء …
رغم انهم كانوا يروننا كذلك..

يا صديقي نحن الان على عتبة الماضي
ذكرني قبل ان انسى كيف كنا نتشارك السكارة من خلف اثير الانترنت
و كيف كنت اسمع ما لا تقوله لي بالكلمات ؟

للثورات ذيل من الاحلام و الالام يتغازلان بعبثية المنازع
و للثوار نخب فيه حرقة الوقت و صغر المساحات و تسارع الافكار

سيحكى ذات يوم عن ملايين من الناس ايقظتهم وتيرة تراتيل اغانينا الحزينة من نشوة كابوس كانوا فيه مكتفيين بل سعداء
… سيحكى ذات يوم كيف وسعنا مساحات المدى و مددنا خرائط بلادنا و كيف اصبحت الحارات الضيقة براري و وديان ..
سيحكى كيف حررنا البلاد من حدودها فجرت انهار و شموس تضيئ الارض و تتبعثر على كرويتها..
سيحكى اننا غيرنا كروية الارض و طريق مسارها بين الكواكب ..
لاننا اكتشفنا صدفة ان مسارها قد اصبح ممل و مكرر كاغاني الاذاعات الرسمية ..
..
سيقال ان الثورة هي حالة غضب ابداعية لا تتكرر
.. و سيروى عنا كيف تصالحنا مع ذاتنا و معها بعد سنين ..
تصالحنا بعد زعل و عتاب لا لسبب معين.. فقط لاننا لم نختارها بل هي التي رمت شباكها على رقابنا و حررتنا..
و سيروى عن تلك الثورة التي تحدت تاريخنا و خرافاتنا و اشباحنا . ..

كل هذا القادم .. قادم بحتمية…
اما الان فنحن هنا لنتشارك الفكرة .. تسبقنا او نسبقها احيانا و نتصارع مع الزمن..
بينما يموت بعضنا على يد جلاد خاف على نفسه من نشوة الحرية و من الحياة فقتل سجين ليقتل الغد و لكن الغد قادم … قادم بحتمية..
لا احد يصادر الغد ايها السجان
و لن ينتصر احد منا على الاخر ..
و ما ذنبي ان كان اختلافي يتحدى ضميرك
سيروى للمرة الاولى في تاريخ ثورة
ان الجلاد كان الضحية
و اننا متنا الاف المرات دون ان نكره الجلاد..
سيروى كيف كان هذا الجلاد اكثر بؤسا منا..
كيف كان يموت كل يوم الف مرة و هو يجرب ان يحلم .. و كيف كان يخاف الحلم مكتفي باقل من كابوس..
و سيروى انه ذات مرة اعرناه عيوننا ليحلم بانه انسان.. فحلم ..
وسيروى كيف حررنا الجلاد .. بابتسامة ..
لمى الأتاسي
باريس ٢٨/٢/٢٠١٧

About لمى الأتاسي

كاتب سورية ليبرالية معارضة لنظام الاسد الاستبدادي تعيش في المنفى بفرنسا
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.