العراقيون يأكلون الكهرباء ومواطني الشبك في خبر كان

هل مّر احدكم ذات يوم بانعدام الجاذبية في عقله بحيث لايعرف ماذا يريد والى اين يذهب وربما ينسى حتى اسمه.
انها حالة باتت معروفة لدى العراقيين خصوصا اولئك المدمنين على متابعة الاخبار بشكل يومي.
تصوروا احدهم يصرخ فجأة، ثم ينكس رأسه ويغيب عن العالم ثم يرفع رأسه وكأنه يحلق في السماء بعيدا عن هذا الزمن الاغبر. وحين يعود الى الارض مجبرا تسأله لماذا هذا الصراخ يجيبك بعد ان يهدأ قليلا:
الصرخة الاولى: قام علماء في الولايات المتحدة بتغليف خيوط عنكبوت بألياف كربونية دقيقة جدا “نانو” فتوصلوا إلى أسلاك قوية جدا قادرة على نقل التيار الكهربائي،والحكومة العراقية مازالت عاجزة عن توصيل الكهرباء بالطرق التقليدية.
تعال نحسبها،الامبير الواحد من المولدة الاهلية يكلف رب العائلة مابين 10-15 ألف دينار وهذه العائلة تحتاج على اقل تقدير3-4 امبير في الشهر وهذا يعني ان عليها ان تدفع مايقارب نصف مليون ديناراو اقل قليلا واذا كان راتب الموظف العادي لايتجاوز 600 ألف دينار فعليه أن يأكل التشريب الرخيص مطبوخا بالمولدة الكهربائية، وهذا يعني ان الاسابيع الثلاثة المتبقية من الشهر تمضي وسط “عركات” الزوجة وندب حظها لتتوسع الى البكاء الدائم وربما الى الانفصال.
الا يدعو ذلك الى الصراخ.
الصرخة الثانية: مهاجم انتحاري يرتدي سترة ناسفة فجر نفسه، امس ، في مجلس عزاء بقرية اورتة خراب الشبكية بناحية بعشيقة (17كلم شمال شرق الموصل) واسفر الهجوم عن مقتل 27 شخصا واصابة 37 آخر بجروح متباينة.
ومنذ الغزو الامريكي وحتى اليوم وصل العدد الى 1270 شهيدا شبكيا” واضطرار نزوح 500 عائلة شبكية خلال الشهرين الماضيين بفعل التهديدات الارهابية.
ماذا قدمت حكومة اربيل او الحكومة المركزية لهم؟ لاشيء طبعا فاربيل مشغولة بتلميع صورتها امام العالم وجذب السياح اليها على اعتبار انها منطقة آمنة وبالتالي لتغيظ بغداد بما تفعل.
اما الحكومة المركزية فقد اصيبت بالصمم والطرش فكيف لها اذن ان تسمع تأوهات عراقيين يعيشون الخوف والرعب كل دقيقة.
الا تحتاج هذه الى صرخة؟.
الصرخة الثالثة: طلعت علينا النائبة حنان الفتلاوي ورئيسة لجنة شؤون الاعضاء والتطوير البرلماني ب”قوانه” جديدة حين اتهمت النائب جواد الشهيلي بـ “التحايل والتزوير للحصول علىى مبلغ اكثر من [15] مليون دينار لغرض العلاج”.
وكانت الفتلاوي تلطم وهي تقول”بعد التدقيق ثبت ان النائب تعرض للحادث وتعالج منه قبل ان يصبح عضوا في المجلس، حيث ان النائب ردد القسم في 22/12/2010″.
الا تصرخون معي ؟.
اما الصرخة الرابعة: فهي العن من كل الصرخات حيث “أكد مصدر أمني هروب ثلاثة من اخطر قيادات تنظيم القاعدة الارهابي في العراق من مستشفى الكندي ببغداد وانهم محكومون بالاعدام”
ولكم لعد وين قوات “سوات” والقوات الخاصة والاستخبارات؟ معقولة كلها “خرنكعيات”؟.
اليس من البديهي ان تشدد الحراسة على هؤلاء بكل الوسائل وبشهادة المصدر الامني انهم من اخطر قيادات تنظيم القاعدة؟. ترى كم كانت حصة الشباب من هذه العملية؟.
لاتصرخوا بصوت عال ارجوكم خوفا على مشاعر اطفال الجيران الذين ينتظرون الموت ولايدرون.
الصرخة الخامسة: في العراق 6 ملايين أمي والحكومة العراقية شكلت على إثرها هيئة لتنفيذ الحملة وتخصيص نحو 179 مليار دينار عراقي كوجبة أولى لإنجاح الحملة، لكن ما تم تخصيصه فعليا للحملة لم يتجاوز 50 مليار دينار.
179-50=129 مليار دينار… وين راحت؟ معروفة مو؟.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.