الطحال وما ادراك ما الطحال

محمد الرديني

انها كارثة حقيقية ان يتعدى الواحد منّا العشرين من عمره ولا يعرف ماهو الطحال.
انها اكثر من كارثة واكثر مصيبة من فقدان فلسطين وغزة والجولان وما بينهما حين نرى ان البعض “يتمشخر” بالاجابة ويعرّف الطحال كما يريد وليس كما هو موجود فعلا.
لانريد من هؤلاء ان يعرفوا ان الطحال مصنع للكريات الحمراء في جسم الانسان ولا عضو يلبس طاقية الاخفاء تحت الحجاب الحاجز ولا يمد يده دائما للتعاون مع الكبد في سد نواقص الجسم البشري.
لانريد ان يعرف هؤلاء ذلك ولكن على الاقل ان يعرفوا وهذا اضعف من الايمان نفسه ان الطحال عضو من اعضاء الانسان كما الانف والقلب والقولون والكليتين.
احد المشاكسين تحرش بي وبعث لي مقطعا من فيديو قصير لكاميرا تلفزيونية تتجول بين الجماهير الواسعة “شلون جماهير عيني” ويسأل حاملها المارة :ماهو الطحال؟.وكأن هذا المشاكس اللعين اراد ان يقول لي “هه انت تكتب لهؤلاء اذن”.
وسكّت على مضض وانا اشاهد هذا المقطع الطحالي،وبصراحة لا انكر اني اصبت بالرعب من الاجابات:
الاول: الطحال هو نبتة تزرع في الاهوار.
الثاني: الطحال شتيمة يشتم بها الانسان حين يقولون له “يا ابن الطحال”.
الثالث:”متفلسفا” اما بالنسبة للطحال فهو قطعة من الحديد تشبه الكرة الصغيرة.
الرابع: هاي شنو يابه،اكو واحد ما يعرف شنو الطحال..شجرة كبيرة كانت تزرع ايام زمان وانقرضت.
الخامس:هذا غير سؤال.. عيني الطحال يوجد في الخروف وفي ايام الاعياد والمناسبات حين نذبح الخروف نرمي الطحال الى الكلاب لأنه لايؤكل.
السادس:”يضحك ساخرا” الطحال ياعزيزي قطعة لحم تشبه الكبد ولكنها لافائدة منها حسب قول بعض المرجعيات.
السابع ،والثامن ، والتاسع…….
حمدت الله اني اصلع الرأس والا لنتفت كل الشعيرات الباقيات ووضعت مكانها باروكة حديثة رغم انها تحرّم علي الذهاب الى مدينة الكاظمية لوجود شرطة الآداب هناك.
هل يعقل وجود مثل هؤلاء البشر في عصر ثورة المعلومات؟
هل بلغ بنا الجهل الثقافي والعلمي والتربوي والاجتماعي الا نعرف ان الطحال عضو من اعضاء الجسم البشري كما هو موجود في كل الفقاريات؟.
سيقول البعض ان هؤلاء الشواذ وليسوا القاعدة،لا اقصد القاعدة اياها طبعا، ولايمكن ان يعول عليهم في معرفة اعضاء الانسان.. ربما يكون ذلك صحيحا ولكن الاكثر منه صحة هو كيف وصل بنا مستوى الجهل الى هذا الحد.
كشف تقرير نشر قبل فترة ان الطفل العراقي وهو في المرحلة الابتدائية لايملك من الخزين اللغوي الا 300 مفردة بينما نظيره البريطاني او الامريكي او الاوروبي يملك مالايقل عن 1200 مفردة لغوية في نفس المرحلة.. وهذا الخزين يتضاعف الى 3 او 4 مرات في المراحل الدراسية المتقدمة بينما الطفل العراقي لايضيف الى خزينه الا بعض المفردات اليتيمة.
شنو رأيكم نكسر القلم ونضرب عن الكتابة ونودع هيئة تحرير الحوار المتمدن بكل حرارة عسى ان نلتقي بهم في القرن الخامس والعشرين حين يكون السيرك السياسي الحكومي بالعراق قد قضي نحبه؟.
هل يمكن ان تذهب كل آمالنا ادراج الرياح.. وتذوب هذه الاطنان من الكتابة بسبب هذا الطحال اللعين؟.
هل يريد من يهمه الامر ان نيأس ونغط القلم في النهر بدل من دواية الحبر؟ماذا سنقول لاحفادنا لو رأوا هؤلاء البشر وهم يتحدثون عن نبتة اسمها الطحال؟.
ولماذا يعتبر الطحال شتيمة عند هؤلاء وهم اصلا لا يعرفون من هو وكيف شكله واين يوجد؟.
احد الخبثاء قال: اسألهم عن عدد المرجعيات في العراق وايران وعدد المذاهب المتوفرة حاليا وستجد انهم يجيبوك بدرجة 100 بالمئة.
ماعلينا..
فاصل غير طحالي:واخيرا ظهر من بين الوزراء العراقيين شريف ونبيل في آن واحد امس.. فقد قد قدم وزير الاتصالات محمد توفيق علاوي استقالته من منصبه بسبب التدخلات بعمل الوزارة، فيما اشترط نقل المستشارة في الوزارة للتراجع عن الاستقالة.

وقال علاوي في كتاب الاستقالة الذي قدمه إلى رئيس الحكومة نوري المالكي ، إن “استقالتي جاءت بسبب التدخلات في عمل الوزارة”، مخاطباً المالكي بالقول “لقد جئتم قبل بضعة أسابيع إلى الوزارة وتطرقتم إلى أمور منها أن هناك جهات مستفيدة تأخذ عملات بنسبة 20% أو 10% كفساد مالي ولا ادري من هو المقصود بهذا”.
وأضاف علاوي أن المالكي “طلب بشكل واضح إيقاف عقد نوروزتيل لأنه تترتب عليه آثاراً أمنية”، موضحاً أن المالكي “سمح للمستشارة الفنية هيام بالتهجم على الوزارة وكان كلامها يحوي على الكثير من المغالطات”.
شفتو شلون الحكومة تدير اعمالها؟
مبروك عليكم وعلى اولاد الطحال.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.