الصفقة التركية والشروط الاوربية

abdelqaderomarفي ظل تفاقم موجات اللجوء الاخيرة التي اجتاحت دول الاتحاد الاوربي ودور تركيا المركزي في هذه الموجات التي انطلقت من اراضيها وما زالت اعادت طرح قضية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي بقوة الى الواجهة بعد الاتفاق الاخير بينهما في مسألة الحد من تدفق اللاجئين, في ظل حكومة العدالة والتنمية التي جعلت مسالة انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي من اولوياتها في حملاتها الانتخابية وذلك منذ تسلمها للحكم في عام 2002 والى الان مع العلم ان تركيا قد تقدمت بطلب الانضمام الى الاتحاد الاوربي في 14 نيسان 1987 في عهد حكومة السيد تورغوت اوزال كما ان تركيا وقعت على اتفاقية الاتحاد الجمركي مع اوربا في 31 كانون الاول 1995 في عهد حكومة السيدة تانسو جيلر .وفي 12 كانون الثاني 1999 اُعترفَ رسميا بتركيا كمرشح للعضوية الكاملة من قبل الاتحاد الاوربي في عهد حكومة السيد بولنت اجويد .وكان رئيس الوزراء التركي الاسبق السيد مسعود يلماز قد صرح بتاريخ 12 فبراير 2001 وخلال مقابلة صحفية مع جريدة الشرق الاوسط ان طريق تركيا الى عضوية الاتحاد الاوربي يمر عبر ديار بكر وكذلك حدد الشروط الواجبة تنفيذها من قبل تركيا حتى تحظى بالعضوية الكاملة وقد لخصها بالنقاط التالية:
ـ ضمان حرية التعبير والغاء عقوبة الاعدام في تركيا
ـ تدريس اللغة الكردية في مدارس الدولة ـ البث الاذاعي والتلفزيوني باللغة الكردية
ـ تقليص دور الجيش وانهاء دوره في الحياة الساسية
ـ الغاء كل الاجراءات التي تسمح بحظر الاحزاب
ـ إزالة كل القيود التعسفية على حرية الاعلام.
وكانت استطلاعات الرأي تشير في تلك الفترة ان اكثر من 70 بالمائة من الشعب التركي يؤيد الانضمام الى الاتحاد الاوربي اي ان يتم تنفيذ هذه الشروط مقابل العضوية الكاملة. وبعد مرور خمسة عشر عام على هذه الشروط هل استطاعت تركيا ان تفي بما التزمت به اتجاه الاتحاد الاوربي في ظل حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة التي وعدت ناخبيها بازالة كل العقبات التي تحول دون الانضمام الكامل الى الاتحاد الاوربي .ومن اجل ذلك عمل الحزب الى ازالة العقبة الاساسية وهي (الجيش) من امامه ليستفرد بالساحة السياسة وقد نجح في ذلك نتيجة للضغط الشعبي الكبير الذي شكله الحزب بعد انجازاته الكبيرة على الصعيد الاقتصادي فاجبر الجيش على العودة الى ثكناته بعد عمليات استبعاد قادته الكبار وزج الكثيرين في السجون او احالتهم على التقاعد وحل محلهم الموالين للحزب وبذلك اصبح الحزب في مأمن من اي انقلاب عسكري لحين اجراء عملية التعديل على الدستور والتي ستعتبر الخطوة الاخيرة لاستبعاد الجيش عن الساحة السياسية بشكل نهائي .وبشكل موازي عمل الحزب على البدء بعملية السلام مع السيد عبدالله اوجلان وسمح لحزب الشعوب الديمقراطي للوصول الى البرلمان لاول مرة في تاريخ تركيا وتم تخصيص قناة تلفزيونية للبث باللغة الكردية ولكن تبين فيما بعد ان حزب العدالة والتنمية قد استخدم عملية السلام مع اوجلان لسببين اساسين اولا ليظهر لناخبيه بانه جاد في تلبية شروط الاتحاد الاوربي من جهة ومن جهة اخرى ليظهر الجيش امام الشعب بانه العقبة امام عضوية تركيا الى الاتحاد الاوربي في حال لم يرضخ للقرار الحكومي وثانيا كانت غاية الحزب كسب الشارع الكردي الى جانب حزبه لتغير نظام الحكم في تركيا بشكل ديمقراطي والبقاء على سدة الحكم الى ما شاء الله لكنه فشل في هذا الجانب بحصول حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة وصلت الى حوالي ثلاثة عشر بالمئة واعلانه انه لن يسمح لحزب العدالة والتمنية بتغيير نظام الحكم كما يريد عندئذٍ تراجع حزب العدالة والتمنية عن عملية السلام وفتح صفحة جديدة من الحرب مازالت مستمرة الى الان .
من هنا يتبين ان لنا ان حزب العدالة والتنمية لم تكن غايته تلبية شروط الاتحاد الاوربي بل كانت غايته ابعاد الجيش والتحكم في مفاصل الدولة بشكل نهائي وقد نجح في ذلك لانه لم يلبي اي شروط للاتحاد الاوربي سوى ابعاد الجيش اما بقية الملفات فما زالت كما هي منذ اكثر من عقد فـ الحريات تراجعت بشكل كبير من حرية الصحافيين الى حرية الاعلام وكذلك لم تفتح مدرسة واحدة باللغة الكردية .حظر الاحزاب و رفع الحصانة عن البرلمانيين مازال ساري المفعول وعلى لسان رئيس الجمهورية الذي يطالب علناً بذلك.عقوبة الاعدام مازالت مجمدة ولم تلغى.
اي ان حكومة العدالة والتنمية تريد ان تجري صفقة تجارية مع الاتحاد الاوربي وذلك برفع التاشيرة عن المواطنين الاتراك ودفع مبالغ مالية محددة مقابل الحد من تدفق اللاجئين وهذه لا علاقة لها بشروط عضوية تركيا الى الاتحاد الاوربي ولن تكون بديلا لها لا اليوم ولا غداً.
عبدالقادر عمر
12,04,2016
a.kadir-1959@hotmail.com

About عبدالقادر عمر

عبدالقادر عمر
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.