الشهيد عادل الشعرباف ضحية من ضحايا همجية البعث

الشهيد عادل عبد المحسن الشعرباف 1948 – 1983

سنحتاج إلى مجلدات ضخمة لتدوين البربرية والتوحش الذي مارسه حزب البعث ضد أبناء وبنات الشعب العراقي بكل انحداراتهم القومية والدينية والمذهبية أطفالاً ونساءاً وشيوخاً، شيباً وشباباً وقوافل من الشهداء من خيرة ابناء هذا الشعب الذي اكتوى بعسف هذا الحزب. ولقد نفذ هذا الحزب وعوده المشينة ضد الشعب عند سقوطه فتحول إلى عراب وطابور خامسا لأشرس قوى الأرهاب والدمار على اختلاف مسمياتهه بدءاً من القاعدة وآخرها داعش الذي مارس نفس ما مارسه البعث من فنون الوحشية ضد العراقيين.
إن الشهيد الشاب عادل الشعرباف هو واحد من الآلاف الذين سقطوا شهداء على يد هذا الحزب الغريب. ويروي السيد عبد العزيز الشعرباف شذرات من حياة الشهيد قائلاً:
“ولد الشهيد عادل عبد المحسن الشعرباف في مدينة الشطرة عام 1948، وانتقل بعد ذلك إلى بغداد مع العائلة التي سكنت بمنطقة الأعظمية. أكمل الشهيد دراسته الابتدائية في مدرسة الارتقاء في شارع الضباط. بعد ثورة 14 تموز، شارك الثورة أفراحها وكان عمره 10 سنوات، فشارك في مسيرة الأول من أيار عام 1959. وبرزت مواهبه بالظهور فأخذ يحرر جريدة حائطية في منطقة شارع الضباط. وكان لمجلس آل الشعرباف ورواده أثر كبير في تنمية شخصيته. انتقلت العائلة بعد ذلك إلى الكرادة الشرقية، وأكمل الشهيد دراسته المتوسطة في مدرسة متوسطة العرفان، وأكمل بعدها دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية. التحق الشهيد بعد ذلك في معهد الفندقة والسياحة وحصل على شهاد الدبلوم من جامعة بغداد. وفي الوقت نفسه كان يداوم أيضاً في معهد الفنون الجميلة – قسم المسرح. ولذلك حاولت إدارة معهد الفنون الجميلة منعه من الدوام بذريعة ازدواجية الدوام في معهدين. ورغم ذلك، أكمل الدراسة في معهد الفون الجميلة وعمل موظفاً في وزارة العدل، إلاّ أنه ترك الوظيفة بسبب الفساد المستشري فيها. قابله الوزير الشاوي وطلب منه العودة إلى وظيفته، ولكنه رفض العودة وفضل العمل في الأشغال الحرة. اعتقل وسيق إلى الأمن العامة عام 1970 بتهمة طبع بيانات للحزب الشيوعي العراقي، اطلق سراحه ولكنه ظل يتعرض للمضايقات في عمله الحر، وسرعان ما تم اعتقاله في عام 1976 بحجة الترويج وبيع الكتب المتعلقة بالفكر الشيوعي، رغم الجبهة التي كانت قائمة آنذاك بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث.

صورة في المحطة العالمية في بغداد عام 1970 للشهيد عادل الشعرباف (في الدائرة الصغيرة) وإلى يساره أخيه الأكبر بالسدارة المهندس احسان الشعرباف، وفي الصف الأول في الدائرة الكبيرة زميله في المدرسة الدكتور محمد كبة والى يمينه شقيق الشهيد عادل – عزيز الشعرباف

وإبان الهجمة التي شنت ضد الحزب الشيوعي عام 1978، مُنع الشهيد من السفر وتم اعتقاله وتعرض للتعذيب الشديد، حيث قلعت أظافره وحشوات أسنانه وأصيب بطلق ناري في قدمه مما سببت له حالة من “الغنغارينا”. أطلق سراحه وتمت معالجته وعاد إلى ممارسة عمله في السوق، إلاّ أن أجهزة الأمن كانت تتحين الفرصة إلى أن تم اعتقاله وتصفيته جسدياً في عام 1983. ولم تتعرف العائلة على شاهد لقبره. ظل الشهيد عادل الشعرباف نشطاً في صفوف الحزب الشيوعي حتى آخر لحظات استشهاده. لقد كان الشهيد طموحاً ومولعاً بالأدب والفن، ونشر مقالات له في جريدة طريق الشعب حول الموسيقى الكلاسيكية وحول الشعر الحر والعمودي”.
ويورد زميله في الدراسة وصديق العمر الدكتور محمد كبة:” أن عادل اعتقل لمدة تتراوح بين 6 إلى 12 شهراً في عام 1970. اتذكر حادثة حيث كنتاتمشى معه في شارع أبي نؤاس، دعاه أحد المارة بأسمه، واستدار عادل وعرفه، شد على يد بحرارة وقبلني من وجنتي. لاحقاً استفسرت منه عن هوية هذا الشخص، وأجاب أنه من الأمن العامة وكان يتولى تعذيبه”.
اعداد عادل حبه
11/7/2017

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.