الشليلة موجودة بس الراس وينه؟

محمد الرديني

اولاد الملحة يعرفون جملة حقائق عن العوراق العظيم هذه بعضها:

*العوراق لم يعد بلدا زراعيا كما كان في ايام الملكية التي شهدت تغلب موارد الزراعة على البترول، اما الان فالحكومة متمثلة بوزرائها الاشاوس تستورد من الجار اللدود الكرفس والريحان والكراث.

*العوراق لم يعد بلدا صناعيا فهو يعتمد على دول الجوار في كل احتياجاته بدءا من ابرة الخياطة حتى السيارة التي تنشطر نصفين بعد شهرين من استعمالها ولا امل في الافق في استحداث صناعة من أي نوع كان بعد ان تم اجتثاث المصانع وعاث النمل في المعامل واصبحت ورش التصنيع خير مكان للفئران الكبيرة والصغيرة على حد سواء.

*العوراق لم يعد ينتج أي شيء له علاقة باحتياجات الفرد هناك وانما ترك حبل القارب له يجدفه مرة ويجدف به مرة اخرى وبالتالي هو “وحظه”.

*العوراق يتمتع بميزانية تعادل ميزانيات معظم دول الشرق الاوسط ومازال الدينار لايساوي الا جزءا من الفلس مقابل الدولار.

*الوضع الاجتماعي مازال يحتل لافتة كبيرة جدا مرفوعة في الاماكن العامة كتب عليها “احنه شعلينة،نارهم تاكل حطبهم”.

ولكن وزارة التخطيط وتوابعها في المحافظات تصدت لهذه”السفاسف” وقررت القضاء عليها باعلان مشروع استراتيجي اطلق عليه”المشروع الجوامعي المتحد”.

هذا المشروع ايها السادة يشكّل نقطة تحول اجتماعية صرفة بعد ان تم استدعاء كافة الخريجين العاطلين عن العمل وال 6 ملايين أمي وال 7 ملايين تحت خط الفقر للتقرب الى الله سبحانه وتعالى عبر ادماج المحافظات بسلسلة من الجوامع تمتد من آخر شارع في المحافظة ثم تقف متسلسلة واصلة الى الشارع الرئيسي الرابط مع المحافظة الاخرى ليستقر آخر جامع في نهاية الشارع الرئيسي للمحافظة الثانية.

يعني بايجاز لن يحير المسافر على الطرق الخارجية اذ يستطيع ان يصلي الفجر في اول الطريق السريع وفي الظهر في منتصفه وفي العصر في نهايته اما في العشاء فسيصلي في بيته “شلون ورطة نسينا صلاة المغرب”.

وقد تم تنفيذ المرحلة الاولى من المشروع حين استكمل بناء الحسينيات والجوامع على طول الطريق الممتد بين النجف وكربلاء.

ويستعد هؤلاء العاطلين عن العمل تنفيذ المرحلة الثانية بمد جسور من الجوامع والحسينيات بين محافظتي الديوانية وكربلاء عارجة على النجف الاشرف.

وقد اعطيت الأنشاءان لشركة فرعية “من الباطن” لأستحداث شارع اضافي “للمشاية” يربط بين النجف وكربلاء حيث خصص له أكثر من 450 الية تابعة لدوائر الدولة وأكثر من 400 مهندس وأكثر من 1000 عامل في سبيل انجازه قبل بدء الماراثون بعد أيام.

لاسبيل للسؤال عن الميزانية الضخمة التي رصدت لهذا المشروع فكل الدولارات تهون في سبيل رفعة الاسلام وراية الله اكبر.

ولكن لابد ان يسأل اولاد الملحة عن ميزانية العام المقبل والتي ماتزال مسودة لم يناقشها مجلس البرطمان لحد الان.

وحين سأل اولاد الملحة عن مصطلح “المخصصات السيادية” وارتفاع نسبتها في هذه الميزانية قالوا انها نفقات الرئاسات الثلاث

اي نفقات الرئاسات الثلاث ووزارات الداخلية والدفاع والخارجية، اذ بلغت نحو 40 تريليون دينار بعد ان كانت 30 تريليونا في عام 2012، و22 تريليونا عام 2011، مشيرين إلى أنها نفقات يتم استقطاعها من حصص المحافظات وإقليم كردستان.

ارجوكم لاتسألوا عن ميزانية قطاع الخدمات فالجوامع سوف تنبت في كل الشوارع العامة ويقدم المسؤولون فيها ثلاث وجبات مجانا لكل عابر سبيل وبهذا لن يحتاج اولاد الملحة لا الى الكهرباء ولا الى شبكات الصرف الصحي ولا الى المياه الصالحة للشرب “خلي ياكلون قيمة والله كريم”.

بعدين اكو سر انكشف قبل يومين وهو ان الحكومة تسلمت منح من دول اجنبية لم تشر اليها مسودة الميزانية ،يعني هذه المنح حسب القاموس العراقي “بح” كما لم تشر هذه المسودة الى القروض التي منحها البنك الدولي ومصارف دولية اخرى يعني هم “بح”.

اما مجلس الوزراء الذي لم يشرّع له قانون تنظيمي لحد الان فمصيبته مصيبة، فقد صدر تعليمات بالتبرع لنشاطاته بمبلغ 58 تريليون دينار وهي تبرعات ” تراكمت على مجلس الوزراء في حالات الطوارئ”،طبعا هذا المبلغ هو نثريات شاي وقهوة وماء مستورد وعصير الرمان الممزوج بالعصير الارجواني المعطر.

نقطة نظام :لم يخصص للزراعة في ميزانية هذا العام سوى تريليوني دينار، فيما رصد لوزارتي الدفاع والداخلية 20 تريليون دينار.

صفق اولاد الملحة وركضوا بالشوارع العامة وهم يهتفون “يحيا الكراث.. يحيا الشلغم.. يعيش الكرفس”، واتجه بعضهم الى المختار ليسأل عن عنوان بيت نجيبة نجيب عضو اللجنة المالية في البرطمان ليقدموا لها التهاني بمناسبة تصريحها الاخير الذي قالت فيهٍ:

“”من الأمور السلبية في الموازنة هي عدم معرفة تخصيصات وإيرادات المراكز الحدودية وهي كثيرة في الشمال والجنوب والوسط، فضلا عن عدم معرفة إيرادات العتبات المقدسة التي تأتي من الوفود الزائرة هي أيضا غير محددة وغير معلومة لدينا”.

فاصل غير مسموح التعليق عليه:

قال عضوان من لجنة الامن والدفاع البرلمانية، ان رئيس الحكومة يمنعهم كسلطة رقابة وتشريع، من اللقاء بقيادة عمليات بغداد وجهاز مكافحة الارهاب، كما ان لقاءات عديدة جمعتهم بقادة الجيش والاستخبارات لم تكن مثمرة، معربين عن خشيتهم من تحول مهمة العسكر الى حماية السلطة بدلا من صون امن الشعب خاصة وان نحو 8 الاف عراقي سقطوا بين جريح وقتيل خلال السنة التي توشك على الانتهاء والتي شهدت غيابا تاما للجيش الاميركي الذي انسحب العام الماضي.    تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.