الشعارات الانتخابية .. سوق البالة ليمتد

كان لسوق البالة في الباب الشرقي شهرة تفوق شهرة حسنة ملص ايام زمان .. هذا السوق كان يضم ملابس من كل جنسيات العالم، صحيح انها مستعملة”سكند هاند” ولكن العراقيين المغلوبين على امرهم كانوا يجدونها عز الطلب خصوصا بعد ان جرّب ابنائهم في المدارس ما يسمى”معونة الشتاء”.

ولأنهم مغلوبين على امرهم فكل حاكم يأتي الى الكرسي يضحك على عقولهم انطلاقا من شعار”ياكل بعقلي حلاوة”. ولم يجدوا رغم مرور هذه السنين الطويلة حاكما يضع الله بين عينيه ويحكم بالعدل والقسطاط.

وفي هذه الايام العصيبة،بفعل الانتخابات، ترك اولاد الملحة همومهم مع الحاكم واتجهوا الى قراءة الشعارات الانتخابية ليجدوا ان معظم المرشحين لم يتخرجوا بعد من محو الامية الثقافي.

فهم يكتبون شعارات رددها جميع حكّام العراق سابقا وحاليا مثل:

الديمقراطية اولا.

انتخبونا لنكمل مسيرة البناء.

لا للفساد الاداري والمالي.

انتخبونا فنحن منكم واليكم.

لنعيد للعراق مجده وحضارته.

من اجل اعادة صياغة الدستور.

لا للطائفية نعم لكل العراق

وغيرها الكثير مما يدعوا الى الرثاء لهؤلاء المرشحين.

اعزائي المرشحين،نحن لانريد الديمقراطية فهي الان وبال علينا ولانريد استرداد المجد الغابر لحضارتنا التي ” صدعتوا راسنا بيها” ولا نريد القضاء على الفساد المالي والاداري.

اتعلمون ماذا نريد؟

الامان ثم الامان لنا ولاولادنا واذا لم تستطيعوا تحقيقه فاكرمونا بسكوتكم.

ابن الاهوار “لايريد الديمغراطية ” ولايريد حتى ان يعرفها، يريد فقط ماءا صالحا للشرب ومدرسة تليق بابنائه وبناته وشارع مبلط ومستشفى تقدم له العلاج اللازم.

من الطريف ان نجدان معظم المرشحات لم يضعن صورهن على الملصقات وهذا لعمري منتهى السخف والاسفاف.

كيف يمكن لهذه المراة”الوقورة” ان تظهر في البرطمان او المحافل العامة؟هل سلتبس البرقع الاسود وتظهر مثل الغراب الاشيب وهي تخاطب الناس.

التي تعتقد ان الدين يحرم الصورة فهي على خطا شنيع وتقترب من السلفية الوهابية دون علمها.

وعليها في هذه الحالة ان تفكر بطبخة اليوم خير لها من وجع”الراس”، اما اذا ارادت ان تحلم بالثراء عبر هذا الانتخاب فهو امر صعب بعد ان مسك خيوطها شياطين الحكومة ولن يتركوها بالمنظور القريب

بعد استغلال لفظ الجلالة في كل شاردة وواردة (لاادري لماذا يسكت رب العزة عنهم) ياتي الينا مرشح ليضع صورته وبجانبه صورة نوري المالكي وفي الاسفل صورة الامام علي.

اية طائفية اكثر من هذه؟ هذا الشخص ملعون من كل الشيعة والسنة والطوائف الاخرى لانه، وامثاله كثيرون، سيحرق البلد فوق مافيه من خراب وحريق اذا ،لاسمح الله، وحصل على الاصوات المطلوبة

لم اعثر حتى هذه اللحظة على مرشح اقترب من مشاكل اولاد الملحة بل وجدتهم “منظرين” يميلون كما كان قادة العوراق الاشاوس يفعلون.

ايها المرشحون: لن تفيدكم الشعارات البراقة فالناس تريد لقمة خبز حلال وغير مغروسة بالدم.

يريدون ان يذهبوا الى عملهم دون ان يلتفتوا يمنة ويسرة خوفا من سيارة مفخخة او كاتم صوت.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.