الحل الانسحاب من سوريا وتسليم السلاح

كنا تمنينا لو أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله خرج في خطابه الأخير غداة تفجير الرويس بمبادرة وطنية حقيقية تقطع الطرق على الفتنة الداخلية، والحريق الآتي من الخارج. وبدلاً من ذلك جاء كلامه المكابر، والمستكبر نموذجاً “أمنياً” لمسار طويل انتهجه الحزب في تدميره للكيان اللبناني على مدى أعوام متعاقبة.

كنا تمنينا لو أن السيد نصرالله وهو ينظر على شاشات التلفزة إلى الدماء التي سالت في قلب الضاحية الجنوبية، اندفع نحو باقي اللبنانيين بمشروع إيجابي انفتاحي إنقاذي يلاقي الفئات الأخرى والبيئات المتنوعة في لبنان في هواجسها ومخاوفها على الوطن، ولكنه أمعن في الغرق في مشروع دفع اللبنانيين إلى الاقتتال، وفي فتح مشروع حرب مئة عام مع السوريين الثائرين على قاتل الأطفال بشار الأسد.

ربما كنا بسطاء للحظة وتوهمنا أن دماء ناسه يمكن أن تلج إلى قلب نصرالله وقادة حزبه الذين يسوقون شعبهم إلى التهلكة المؤكدة. لكن ظننا خاب وأعلن أنه سيسوقهم ويسوق معهم لبنان إلى مزيد من الحروب والآلام والدماء العبثية في إطار وظيفته الخارجية. فلقد أوصد كل الأبواب أمام حد أدنى من التوافق لإنقاذ لبنان، واندفع بقوة نحو “جهنم” سوريا، وهي ستحرقه وتحرق الجميع معه.

في خطاب السيد حسن نصرالله صد لكل مبادرة توفيقية في حدودها الدنيا في شأن حكومة حيادية ترعى شؤون الناس وتخفف الاحتقان الذي تسببت به حكومة نجيب ميقاتي، وفيه دفن لـ”إعلان بعبدا” الداعي إلى النأي بالنفس عن الأزمة السورية، وتهديد سافر للبنانيين بأن ما جنته وستجنيه أعمال الحزب وارتكاباته في سوريا من ردود سترتد على اللبنانيين الرافضين لسلوكه وأعماله الخارجة على الشرعية. والحال أن تورط “حزب الله” المتمادي في قتل السوريين على أرضهم سيجر أعمالاً انتقامية جديدة.

نحن لا نبرر تفجير الرويس ولن نبرر، ولن نعطيه أسباباً تخفيفية مهما صار. لكن كيف لنا أن نتغاضى على إرهاب “حزب الله” الداخلي والخارجي؟ وكيف لنا أن ننسى مساره التخويني التكفيري في حق شرفاء هذا البلد واستقلالييه؟ وكيف لنا أن نتجاهل إمعانه في تدمير كل مقومات الوطن والكيان والعيش المشترك؟ وكيف لنا ألاّ نتوقف أمام رفض هذه الميليشيا للشرعية التي ارتضيناها جميعاً؟

إن سلاح “حزب الله” غير شرعي، وهو قاتل. وحربه في سوريا مثل حروبه في الداخل عبثية ومؤداها شلالات من الدماء في لبنان. وهذا ما نأسف له كثيراً. وسوف يثبت المستقبل الثمن الذي سندفعه جميعاً باهظاً جداً.

كلمة أخيرة نوجهها إلى البيئة الحاضنة لـ”حزب الله”: ليس ثمة مقاومة. والسلاح خارج على الشرعية، وعلى أسسس المواطنة والعيش المشترك. فهو يعطيهم شعوراً بالقوة والغلبة، والحق أنه شعور واهم لن يؤدي بهم وبنا إلا إلى خراب ما بعده خراب. إن الحل في لبنان للجميع بلا استثناء يكون بالانسحاب من سوريا وتسليم السلاح إلى الدولة ليس إلاّ.

النهار اللبنانية

About علي حماده

كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني النهار اللبنانية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.