الحرية تتجه للتغيير بشكل فردي أكثر من التأويل والنقل والتبعية لعقيدة وموروث؟ الكنيسة المسيحية القائمة الاستبداد الديني؟
تحولت الكنيسة من وصاية رجال الكهنوت على اذهان الناس بالتعليم وامتلاكهم مفاتيح السماء والنار وهيمنتها الاقطاعية على المجتمع في العصور الوسطى. الى وصاية عقائد ونصوص دينية يحملها قسس وكنائس في المجتمعات والكنائس التي تأخذ الإصلاح بقراءات جوفية ومنغلقة للنص الديني تُعلم في الاذهان للذين يتوافدون على الكنيسة للسماع عن الله وصورته من قبل معلم او واعظ بالتركيز على جانب دون جوانب أخرى يحتويها الخلل في الكثير من التعاليم التي تعيق حرية الفرد وتكبل عقله وفاعليتهما بالتركيز على جوانب في النصوص دون جوانب أخرى.
هذه الفرق بين الوصايتين. كان دافعه عند لوثر الذي حقق الاصلاح الحرية الدينية ومحاكات العقل النصوص بطريقة فردية وليست على طريقة معلم اخر له قراءاته وشخصيته المختلفة عن شخصية الاخر واستوعبه لها. وكان له دور وجيه في تحقيق عصر النهضة والتنوير في تاريخ أوروبا.
وتعتمد منهجية الإصلاح عند لوثر بجوهرها على التبرير واختبار خلاص المسيح المجاني. الذي هو جوهر الايمان والاختبار المسيحي عند كل فرد يؤمن بعمل المسيح الكفاري المجاني بالنعمة الذي يستحقه الفرد دون أي عمل وجهد يسعى له.
ان الحرية الروحية هي فاعلية بنهاية المطاف فاعلية الفرد وفاعلية المجتمع المؤمن ضمن الوسط الذي يعيشوا فيه ولا يمكن أن نفصلها عن وعي العقل البشري.
وهذه الحرية تتجه لتغيير الفرد بشكل أفضل بمجابهة ومواجهة طبيعته القديمة وتغيير المجتمع بقيم وروح ومبادئ المسيح المتواجدة في الضمير الحاصل على الايمان والاختبار في المسيح المجاني الذي جاء به لوثر من خلال قراءاته للإنجيل بشكل فردي.
الوصاية في القرون الوسطى او يمكن القول هُنا الاستبداد الديني لم يعد يفرق كثيرا في هذه الأيام عما جاء الإصلاح به في الكنيسة. أصبح للقسس وصاية في الكنيسة بطرق أخرى ووسائل أخرى تكمن نفس الهدف الذي يعتمده رجال الكهنوت وهو حبس حرية الروح المؤمنة وفاعليتها في عالمها الاجتماعي والوجودي وهيمنتها اما بشكل قوانين وضوابط باسم المقدس الذي يحمل أوجه مختلفة والتأويل الشخصي له وفرضه او قوانين إدارية علمانية يفرضها ويصيغها القسس وشيوخ الكنيسة تٌطبق في مجتمع الكنيسة.
فالاستبداد يبدأ من الداخل بحصر الروح والفكر بجوامد وضوابط بطرق مختلفة ولكن تهدف الى نفس الهدف عندما تصب في الذهن والتعليم. ويتحول الاستبداد الديني الى استبداد اجتماعي وسياسي ويعيق تحرر الشعوب ونهضتها الروحية والفكرية.
أي أن المجتمعات المسيحية مازالت قائمة على وصاية طبقات الكهنوت في الكنائس الكاثوليكية والمارونية وغيرها من الكنائس الطقسية التقليدية التي تحمل في منهاجياتها تعاليم مبنية على عقائد ونصوص دون الأخرى بالإضافة للفساد الديني الذي يبتعد كلياً عن نهج الإصلاح سواء كان هنا في الشرق أو الغرب وهيمنة الكنيسة في بعض المجتمعات الشرقية على مصير الجماعة بدخولها في التوازنات السياسية والطائفية بفسادها بهذا التعليم الإلهي الذي يبتعد عن روح الفردية وجعل القرار المصيري في طبقة رجال الكهنوت وهم يحملون بوصلة كل الأشياء بقيادتهم.
والوصاية الأخرى هي وصاية القسس بالكنائس البروتستانتية التي تأخذ بالإصلاح الذي تتراجع قيمته وفاعليته بانقسام العقائد في تصورها عن الله والفساد الديني الذي يصب في عدم توظيف الإصلاح المسيحي لفاعلية الحرية والتغيير عند كل فرد واجماعها على مبدا الحرية في الروح الذي يتجلى بشكل مطلق غير محدود.
بل أصبح ايضاً في تركيز على بديهية الخلاص الحتمية التي تتواجد عند كل مؤمن فقط في الكنائس المصلحة ومحدوديتها في فاعلية الفرد. وان وبديهية الخلاص بعد الايمان تأخذنا لبديهية الحرية في الروح والعقل ايضاً بمنظار وجودي. والابتعاد عن فاعلية الروح وحريتها بهذا الانقسام والتزمت والتطرف للمعتقد والنصوص دون التركيز على جوانب أخرى وحقائق أخرى في وجود الفرد الوجودي وفي حاجة المجتمعات لمبدأ وحقيقة الحرية.
وبهذا الحرية الإلهية لا تٌحد بل تتجه للتغيير أكثر من النقل والوصاية عليها من شخص اخر. ولا تستطيع أن تكون محبوسة ضمن إطار ضيق لأنها تمثل روح الخالق في الكون والنفس كتعامل عند كل فرد بشكل مستقل.
الانسان بطبيعته الفيزيولوجية لا يمكنه ان يكون حرا ًكاملاً وهذا امر علمي وحقيقي في عملية التنشئة والبيئة المحيطة التي يترعرع عليها وبها الفرد.
لكن هل يوجد فرق بين حرية الروح وممارستها في عالم طبيعي مادي بطبيعة بشرية. ان الحرية الدينية او الحرية الروحية هدفها هو إقامة عالم وبيئة محيطة تتخلص من كل الأفكار والقيم والأنظمة التي تعيق الحرية وتكبلها واستقلال البشر وتحقيق المساواة بينهم كبشر مخلوقين على صورة الله يملكون الكرامة بهذه الصفة ولهم الحقوق التي تفرضها طبيعتهم الانسانية.
فهذا هو عمل الروح المطلق عبر التاريخ يتجه نحو تحرر الفرد والمجتمعات والشعوب وممارسة حريتها بالمنظار الإلهي وتحصيل حقوقهم والحفاظ على كراماتهم والعيش بعالم أفضل يسوده الحرية والأمان والحقوق.
الحرية الدينية او الحس الديني هو تواصل الفرد بعقله وروحه مباشرة مع الله دون وجود وسيط ولا تستطيع هذه الحرية ان تكون مقيدة بالطقوس والعادات والمبادئ الكنسية التي تطبق في مجتمع الكنيسة وإذا تواجدت بهذه القيود فهي ليست حرية الهية دينية بل مازالت ترضخ تحت وصاية غيرها بالطرق المختلفة هذا يعني انها ليست حرة حقيقية محرره بخالقها وهنا لا يمكن ان نفصل بين ايمان جزئي يسعى للتحرر او الخلاص.
وبين عمل الله الكامل في الروح الذي يحصل مرة واحدة الذي هو الولادة الثانية في المسيح التي تتم بأفضل وجه لأنها عمل الروح المطلق المقدس الذي يتم عمله بأفضل وجه في النفس البشرية والذات وبقاء هذا العمل واستمراره بحياة الفرد بإيمانه ومعرفته للأله واستمرارية حياته بهذه المعرفة النابعة من النفس.
وان بقاء عمل الروح واستمراره لا يمكن ان نعد بحاجة لوصاية أخرى تقيدنا او تبعدنا عن عمل الروح وصوته وعمله كون الذات الإلهية أصبحت جزء من كيان الفرد الذاتي.
“بهذا يقول المسيح أن حرركم الابن فبالحقيقة تكونوا احرار” أي هنا الحرية هي واحدة
ولا يمكنها ان تنقص وتزيد بل هو تجليها وفاعليتها وعملها نتيجة هذا العمل الذي لا يرضخ لطقوس وقواعد وقوانين سواء كانت وارده في المقدس او موروثه من تراث الكنيسة ومن الاباء.
وان هدف المؤمن هو مواجهة الحاضر وتحدياته بروحه أي بقيم ايمانه التي يمليها الروح عليه في هذا الإطار أكثر من أي تعليم يٌسَّمع لهُ من معلم او واعظ او تطبيق طقس ديني والانتماء لمذهب وعقيدة تحد روحه وفاعليته وتزيل كل القيود الفاسدة التي طبقت على الخليقة وانتقصت من كرامة الانسان التي هي صورة الله.
“وبهذا يقول الانجيل “أن الخليقة كلها ستعتق من عبودية الفاسد إلى حرية أبناء الله”
فالحرية ترتبط بالخليقة كلها عند الفرد او أبناء الله وليس بتراث او معتقد او تبعية لكهنوت وقسيس في هذا النص الإنجيلي. وهنا معيار الفرد بهذا الارتباط ايمانه بخالقه والروح والذات به.
وهنا الفساد لا يكون فقط خارج الكنيسة بل داخلها ايضاً سواء كان بالتعليم. وتعاليم الكذبة او الهيمنة والسيطرة على أرواح الافراد واذهانهم بالتعاليم والعقائد والطقوس التي تعيق تحرر الفرد والجماعة بحرية خالقها ووعيها الذاتي بالوجود والبيئة الاجتماعية بمنظار ازلي مطلق في وعي الذات والنفس.
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
فيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حر#مسيحيو_المشرق و(الخيارات المرة )!!!:
Published by:مفكر حرهادي العامري واوهام المدمنين
Published by:علي الكاشالكفاءة
Published by:عصمت شاهين دو سكيأفكار شاردة من هنا وهناك/40
Published by:مفكر حرالعهد الجديد و سفر التكوين والخليقة
Published by:صباح ابراهيمحرب #اسرائيل مع #حماس دينية ام سياسية ؟
Published by:صباح ابراهيمعن الفنان السوري #فؤاد_غازي: أخدوه ع الشام و"خيسوه"، الله "يخيّس" آخرتهم.
Published by:مفكر حرمن تلفيقات الفقهاء وأكاذيب المفسرين
Published by:صباح ابراهيمنبوءة_اشعياء وحرب #اسرائيل وحماس
Published by:صباح ابراهيمشيعة #العراق وأزمة المواطنة
Published by:علي الكاش** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هلوسات د. سمير غطاس حول أرض الموعد وهيكل سليمان … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السنديالطفل اليانع
Published by:آدم دانيال هومهالعراق ما بين الماضي الزاهي والحاضر العاثر
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- س . السندي on سيناريوهات الحرب بين #حماس و #إسرائيل.
- س . السندي on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- الأب بولس فلوح on رواية الغريب وضياع الهويه