الجذر التكعيبي لحركة المرور البغدادية

ضخت امس وكالات الاعلان في بغداد مئات الاعلانات لمدرسي مادة الحساب والرياضيات تدعو كل من يرغب لتعلم المبادىء الاولية للجذور التكعيبية للارقام وكيفية قسمة الاعداد الفردية والزوجية على بعضها.
وتأتي حمى هذه الاعلانات اثر ماذكرته وزارة الداخلية بتخصيص يوم للسيارات حاملة الارقام الزوجية ويوم آخر لحاملة الارقام الفردية.
ولكن زميلنا علي الشمري وهو احد كتّاب هذا الموقع ذكر على صفحته،اقصد غرّد، ان الداخلية تعتزم ايضا تقليص عدد السيارات في الشوارع العامة عبر ضوابط اخرى منها ان الارقام الزوجية يجب ان تقبل القسمة على اثنين ونفسها ، اما الفردية فيصار الى تحليلها الى الجذر التكعيبي.
صحيح ان اجراء الارقام الزوجية والفردية ليس جديدا وغايته في الظاهر هو تخفيف الزحام ولكن المضحك في الامر انه لم يستطع احد الاجابة عن كيف يذهب اصحاب السيارات الفردية او الزوجية الى عملهم وهل هناك باصات كافية لنقلهم اما ان ذلك من حسن حظ اصحاب التاكسي؟.
ان الذي يستطيع ان يدخل الى اعماق المجتمع العراقي ويقتل بدم بارد هل يستعصي عليه ان يلصق رقما زوجيا او فرديا خصوصا وان احد فروعه في سوك مريدي.
اذا كانت وزارة الداخلية عجزت حتى الان عن معرفة صاحب السيارة المفخخة فهل تريد تخفيف الزحام عبر الارقام.
الامن والسلامة وتخفيف الزحام لايحل بالارقام ولا بالجذور التكعيبية.
افيقوا على حالكم ايها الشرفاء ولاتدعوهم يعتدون اكثر على هذا الشعب الذي قتل منه حتى الان اكثر من ربع مليون سعيا وراء ابادته.
لا نعتقد ان دولة رئيس الوزراء نوري المالكي سيجد نفسه سعيدا وهو يحكم بلدا بلا شعب ماعدا ساكني المنطقة الخضراء.صحيح انه ورفاقه سوف يستمتعون بايرادات البترول ولكن سيتحسرون على هذه الايام التي يرون فيها اناسا تنفجر في اجسادهم المفخخات، سيجدون ان لاأحد يمكن ان يقتل بعد ذلك فلاوجود لشعب اسمه العراق ولا ارض لم تبق فيها الا اشجار اليوكالبتوس.
حينها سيندبون حظهم،هذا اذا ظلوا مستأجري المنطقة الخضراء، وسيفتحون دورات لبعضهم لتعلم “اللطم” واستدعاء شعراء القافية من الدول العربية لتنظيم قصائد تعزية بحق الشعب الذي زال من خارطة الوجود.
اعرف مجموعة من البشر اذا عطلت سياراتهم يسرعون الى اقرب مغسلة سيارات ويغسلون سياراتهم جيدا، وبقدرة قادر “تشفى السيارة” من كل العطلات،ويبدو ان وزارة الداخلية تتبع هذه القاعدة.
خلال آب الماضي استشهد اكثر من 1200 مواطنا بريئا ولم تستطع الجهات الامنية ان تتنازل وتعلن عن بعض الفاعلين رغم ان اولاد الملحة اقترحوا ذات يوم ان تكون سهرة الفضائية العراقية المسائية للقاء مع الارهابيين الخطرين وحتى المحكومين بالاعدام ،على الاقل سيقول الناس ان هناك من يعمل ويجتهد وهاهي عينة جهده.
ولكن لمن لغير الله المشتكى.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.