التايمز : العلويّون سيقاتلون حتى الموت من أجل اللص الذي يبغضون !

التايم، 24- تشرين الأول
ترجمة: باسل الجنيدي
————————–——-
على حسب ما يعتقد “أبو خضر”، فإنّ الرئيس السوري بشّار الأسد هو “اللص” الذي سيقود سوريا “إلى الجحيم”، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّه سيتوقّف عن القتال من أجل النظام. كجندي علوي يخدم في الحرس الجمهوري، يشعر “أبو خضر” بأنّه يجب مواصلة القتال من أجل الأسد، العضو في الأقل…يّة الدينية ذاتها، من أجل الحفاظ على بقاء طائفته في بلد يهيمن عليه المسلمون السنّة. هو يلوم الأسد لقيادته العلويّين إلى حرب طائفيّة، ولكن لا يرى بديلاً عن دعم الأسد. يقول “أبو خضر” : (لقد قادنا الأسد إلى هذه الحرب كي يحافظ على سلطته، لكن كعلويين، نحن مضطرون للقتال، لأنّ المعارضة سنيّة، ويريدون قتلنا جميعاً)
وبينما يجول وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” في أوروبا هذا الأسبوع من أجل جلب مجموعات المعارضة السوريّة وحلفائها الدوليين إلى مفاوضات سلميّة في جنيف، مقررة في نهاية شهر تشرين الثاني، قد يكون قد تجاهل مجموعة مهمّة تملك مفتاح الحل – السكان العلويّون الذين لا يؤيدون الأسد بالضرورة لكنّهم يشعرون بالرعب من شكل سوريا بدونه. الأسد الذي يرى نفسه متقدّما، يرفض التفاوض مع “الإرهابيين”، وهو المصطلح الذي يستخدمه للدلالة على المعارضة المسلّحة, بينما تنقسم المعارضة بدورها حول إذا كان ينبغى أن يحظى الأسد بأي دور على الإطلاق، سواءً في المفاوضات أو في الحكومة الانتقالية المقترحة.
وبالنسبة للمجموعة الوحيدة التي تتوق إلى المفاوضات، العلويّون الذين يريدون أن يروا نهاية للحرب، فإنّ جنيف هو الخيار الأفضل للسلام، يقول “أبو خضر”: (يمكننا أن نكمل حياتنا سويّة إذا ما نسينا الاختلافات الدينية والسياسية)، هو يعتقد أنّ ذلك لن يكون سهلاً خصوصاً بعد سنتين ونصف من القتال، ويضيف: (لن يرمي السنّة أسلحتهم بسهولة بعد أن قتلنا منهم الكثيرين ودمّرنا منازلهم). إلا أنّه يعتقد أنّ البديل الوحيد هو استمرار الحرب، إذا لم تجلس المعسكرات المتحاربة على طاولة حوار في تشرين الثاني، فإنّه من المرجّح أن يتحوّل المأزق الدموي في سوريا إلى حرب اقليمية باعتبار أنّ الداعمين – السعودية ودول الخليج وتركيا بجانب المعارضة، وإيران وحزب الله اللبناني بجانب النظام- يسعون للحصول على النتائج التي يرغبون من خلال دعم الوكلاء المحليين. يخشى العلويّون من أنّه مهما كان ما سيجدث، فمن المرجّح أن يكونوا هم الخاسر الأكبر.
يشكّل العلويّون حوالي 12% من سكّان سوريا، إلا أنّ لديهم تمثيل غير متناسب في أجهزة الأمن السوريّة، الحكومة، وقيادات الجيش، بفضل قانون عائلة الأسد الذي استمرّ لأكثر من 40 عاماً. والذي أجبر العديد من العلويّين، الذين لا يؤيدون الأسد بالضرورة، إلى تحمّل وطأة غضب المعارضة الذي تشوبه عناصر طائفيّة من القيادات العسكرية والسياسية السنيّة. إذ أنّ قيادة المعارضة السياسية والعسكرية المتمركزة في تركيا، قد تمتنع عن استخدام مصطلحات طائفية لوصف الحرب، إلا أنّ المقاتلين المتمرّدين على الأرض، ينعتون بشكل روتيني الجنود العلويّين الذين يقاتلون من أجل الأسد بالـ”كفار” و”المرتدين” و”الكلاب” الذين تجب إبادتهم.
لا عجب إذن من أنّ جنوداً كـ”أبو الخضر” (الذي تحدّث إلى التايم في الجيب العلوي من طرطوس على ساحل البحر المتوسّط) يعتبرون أنّ هذه الحرب هي حرب وجوديّة.
يصرّ “أبو طارق”، جندي آخر يزور بيته في طرطوس خلال إجازته، على أنّه لا يحارب دفاعاً عن الأسد، ولكن دفاعاً عن الطائفة العلويّة، ( أعرف أنّ الأسد لصّ قاد هذا البلد بالقوّة لا بالعدل، إلا أنّ التخلّي عنه يعني التخلّي عن أنفسنا لأنّه الشخص الوحيد القادر على قيادتنا في هذه الحرب). مثل “أبو خضر” ، تحدّث “أبو طارق” إلى “التايم” بشرط أن يتمّ استخدام أسماء وهميّة فقط، من أجل حماية عائلته.
يوافق “أبو خضر” و “أبو طارق” على أنّ الأسد جعل حياتهم أسوأ، أولاً من خلال حكمه الاستبدادي، ومن ثمّ من خلال جرّ طائفته إلى ما تطوّر إلى حرب طائفية، ورغم ذلك يقولان أنّ رحيل الأسد لا يمكن أن يكون شرطاً مسبقاً للمفاوضات، فبعدم وجود الأسد كجزء من المرحلة الانتقاليّة لا يرون أنّ هناك ضمانات كافية تكفل أنّ حقوقهم كأقليّة ستكون محميّة، ليس فقط من السنّة التي تسعى للانتقام، ولكن من تهديد أكبر من جماعات تنظيم القاعدة الموجودة في صفوف المعارضة. هما يشعران بأنّ قيادات المعارضة لم تفعل ما يكفي لضمان سلامة العلويّين في سوريا من دون الأسد، وحتّى ذلك الحين، سوف يبقون يقاتلون من أجل الرجل الذي يبغضون

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.