البابا متردد لاعتماده على مصادر منحازة للنظام ونثمّن دعوته للصلاة

روما (6 أيلول/سبتمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
ثمّن مسيحيون سوريون دعوة قداسة البابا فرنسيس إلى يوم للصوم والصلاة من أجل إحلال السلام في سورية، وأعربوا عن قناعتهم بأن موقف الفاتيكان والكثير من الكنائس اتسّم بالكثير من “التردد والارتباك والغموض بما يخص الأزمة السورية بسبب الاعتماد على بعض المصادر والدوائر الكنسية المنحازة للنظام” السوري

وأوضح كبرييل موشي كورية رئيس المنظمة الآثورية الديمقراطية وعضو الأمانة العامة لإعلان دمشق والمقيم في مدينة القامشلي شمال سورية لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء موقف آشوريو سورية ومسيحييها من دعوة البابا للصلاة وتأكيده على الحل السلمي، وقال “إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية بلا شك نثمّن دعوة قداسة البابا فرنسيس الأوّل إلى يوم للصوم والصلاة من أجل إحلال السلام في سورية، وتجنيب شعبها المزيد من الويلات والمآسي، ونرى أن من واجب الكنيسة وقادتها الروحيين، التبشير دوماً بالسلام والمحبة لأنّ ذلك يجسّد جوهر الرسالة المسيحية وتعاليمها الإنسانية السامية. ونطالبها دوما أن تكون أمينة لرسالتها في الانحياز إلى قيم الحق والحرية والعدالة”، حسب تعبيره

وأضاف كورية “في الحقيقة إنّ موقف الفاتيكان والكثير من الكنائس، مثل مواقف الكثير من دول العالم، اتسّم بالكثير من التردد والارتباك، وشابه شيء من الغموض وعدم الوضوح في فهم طبيعة ما يجري في سورية”. وقال “ربّما بسبب الاعتماد على بعض المصادر والدوائر الكنسية المنحازة للنظام الذي عزف على وتر خوف الأقليات على وجودها ودورها، مع المبالغة في تضخيم دور المجموعات المتطرفة منذ بداية الثورة حتى عندما كانت سلمية، في محاولة مقصودة منه لتفريغ الثورة من مضامينها الديمقراطية والإنسانية المشروعة، وتشويه صورتها، وبرأينا فإنّ النظام قد حقّق نجاحاً باهراً في هذا المجال، وهذا أوقع المجتمع الدولي في حالة من التخبّط والعجز وحال دون إدانة النظام على انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي والإنساني”

وحول الحل السلمي قال كورية “منذ بدء الانتفاضة السلمية للشعب السوري في منتصف آذار/مارس 2011 للمطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية، بعد أربعة عقود من الاستبداد، طالبت المنظمة الآثورية الديمقراطية ومعها كل قوى المعارضة السورية النظام بضرورة الاستجابة لمطالب الشعب وإجراء تغييرات حقيقية تضمن الانتقال السلمي والآمن من نظام الاستبداد إلى دولة ديمقراطية عصرية تستند إلى أسس العدل والمساواة والشراكة الوطنية الكاملة وتقوم على تداول السلطة واحترام حقوق الإنسان”. ونوه بأنه “على مدى أكثر من سنتين ونصف من عمر الثورة التي كانت في أشهرها الأولى سلمية، توفرّت العديد من الفرص لمعالجة الأزمة السياسية الحادّة عبر السوريين أنفسهم، بعيداً عن أيّ شكل من أشكال الوصاية أو التدّخل الخارجي فيما لو توفر الحد الأدنى من الحسّ الوطني والإنساني لدى القيادة السورية، غير أنّ إصرار النظام على استبعاد الحلول السياسية سواء جاءت عبر مبادرات وطنية أو دولية”

واعتبر أن “إصرار النظام على المضيّ حتى النهاية في الحلول الأمنية والعسكرية، دفع البلاد نحو التسلّح والعسكرة وأدّى هذا إلى وصول أعداد الشهداء (مدنيين وعسكريين) إلى ما يزيد عن المائة ألف، وعشرات آلاف الجرحى والمعتقلين والمفقودين، وملايين النازحين والمهجّرين واللاجئين في الداخل والخارج، وتعميم الخراب والدمار وضرب البنى التحتية في المدن والبلدات السورية، وانهيار الاقتصاد، وتفكّك المؤسسات، وتفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية، وإيقاع المجازر الجماعية، وإثارة الأحقاد الطائفية والمذهبية، ووضع البلاد على أعتاب الحروب والنزاعات الأهلية، ومن ثم تدويل القضية السورية، وتحويل سورية إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، وإبعاد مفاتيح الحلّ عن أيدي السوريين، وفتح المجال أمام قوى التعصّب والتطرّف والإرهاب للدخول على خط الأزمة السورية تنفيذاً لأجندات لا تخدم وحدة وتطلعات الشعب السوري”

وتابع “جرى كل هذا أمام أنظار المجتمع الدولي الذي اتّسمت ردود أفعاله حيال معاناة السوريين بالتردد والعجز، خصوصاً مجلس الأمن الذي عجز عن إدانة جرائم النظام بفعل الفيتو الروسي والصيني، وهذا قدّم الغطاء والحصانة للنظام للمضيّ في نهجه العنيف دون تفكير في العواقب أو خشية من المحاسبة، فاستخدم السلاح الثقيل ومن ثم الطيران الحربي وإطلاق الصواريخ البالستية دون أن ينجح في كسر إرادة الشعب السوري أو حسم المعركة، ومؤخرا طفت على السطح مسألة استخدام النظام للسلاح الكيميائي في الغوطتين الشرقية والغربية، وما استجرّه ذلك من تهديدات غربية بضربة عسكرية لسورية يجري الإعداد لها بشكل متسارع”

وأضاف “إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية، ساندت دوما الحلول السلمية انسجاما مع نهجها السلمي، وطالبت المجتمع الدولي بالتوحّد من أجل الضغط على النظام، من أجل وقف نزيف الدم السوري، واتخاذ قرارات حازمة وملزمة بفرض حلٍّ سياسي يضمن الانتقال السلمي من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي عصري يلبّي طموحات السوريين جميعاً، ورأت بأنّ أي تأخير أو مماطلة في معالجة الأوضاع المتفاقمة في سورية، سيؤدّي إلى انهيار الدولة وتمزُّقها وتفكك مؤسساتها، وتحوّلها إلى مرتع لقوى التطرّف والإرهاب، وما قد ينتج عن هذا من تداعيات ومفاعيل خطيرة على الشعب والوطن وعلى الأوضاع في عموم دول المنطقة”

وذكر القيادي المسيحي السوري المعارض أنه “لا شك أنّ أيّ ضربة عسكرية لسورية سيكون لها وقعاً أليما من الناحيتين الوطنية والإنسانية، وسينتج عنها مخاطر كبيرة على الشعب السوري ومن ضمنه شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وعموم المسيحيين باعتبارهم جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني السوري، وستشكّل خسارة للجميع، وقد تسبّب آلاماً إضافية لما كابده السوريون طيلة المرحلة الماضية”

ورأى أن “القرار باتخاذ الضربة العسكرية لسورية يعود للدول الكبرى، وهو قرار لا يملك أحد من السوريين إيقافه، ويتحمّل النظام كامل المسؤولية في دفع الأمور بهذا الاتجاه، ووحده يمتلك القدرة على اتخاذ قرار تاريخي بتفويت الفرصة على تدمير ما تبّقى من البلاد وإنقاذها من الكارثة”، وتابع “إنّ الصوم والصلاة بكلّ تأكيد، ضروريان من أجل السمو الروحي وترسيخ الإيمان وإحياء الرجاء، لكن هذا قد لا يكفي، ما لم يقترن بالحكمة والعقلانية في الاستجابة لمطالب السوريين في الحرية والعدالة والديمقراطية، وهذا وحده كفيل بإنقاذ سورية والسوريين بمختلف أطيافهم القومية والدينية من الآلام والمخاطر التي تحيق بهم

 
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.