الإصلاح بين الجد و الهزل

– الإصلاح كلمة براقة يستخدمها الغيورين لأجل البنيان و يستخدمها الفاسدون لكي يخفوا وراءها نواياهم الشريرة.في العهد الجديد لم ترد هذه الكلمة سوي مرة واحدة في عب9: 10.و كان مقصود بالإصلاح هو عمل المسيح المقدس لأن إصلاح العهد القديم و إتمامه كان بالمسيح مؤسس عهد الإصلاح العهد الجديد.فالإصلاح عند رسل العهد الجديد هو المسيح نفسه.هو العودة للمسيح بقلب نقي صادق.فلا إصلاح في الأمور الروحية بأيد بشرية لكنه يمكن أن يتم بتسليم ايادينا لعمل الله بنا من غير أن ندعي أننا ملهمون أو معصومون أو أننا أصحاب رؤي سماوية.بل بروح الحكمة و الإفراز نعمل متمسكين بكلمة الله هذا الأمر علي بساطته و صعوبته هو الذى يوفر نجاحاً لكل دعوة للإصلاح.
– الإصلاح في الكنيسة معناه تصحيح أوضاع أو تأسيس منهج أفضل.تماما كما كانت دعوة السيد المسيح الإصلاحية واضحة من كلمته الخالدة(وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.يو10:10) .فالبحث عن الأفضل في المسيح يسوع لا ينبغي أن يتوقف في أي جيل و لا لأي مستو روحي أو مع اي رتبة كنسية.من هنا فالإصلاح بحث عن هذا الأفضل. يبدأ روحياً و يسلك روحيا لكنه في الطريق يصلح منهجه الإداري و المالي و القانوني و غيره من الشئون الكنسية العامة.
– الدعوة للفصل بين الأعمال الإدارية و الأعمال الخدمية هى منهج إنجيلي أصيل أسسه التلاميذ القديسون و خصصوا الشمامسة السبع للخدمات الإدارية و المالية و إنشغلوا هم بالكرازة.بل المسيح رب المجد خصص شخصا للأمور المالية و لم يتدخل فيما يفعله هذا الشخص من أموال.و مات يهوذا بمحبته للفضة أكثر من السيد.لهذا لما ينادي البعض بفصل الأمور الإدارية فهو لا يختلق جديدا في الكنيسة بل يتطلع لعودتها لجذورها في الكنيسة الأولي.و حتي لا يميع أحد الحقيقة بقوله أن اللجان الكنسية تقوم بهذا الدور أقول أن الحقيقة أن أي لجنة هي تحت إمرة الكاهن و الأسقف فهي ليست إدارية بالحقيقة و لا مالية لكنها سكرتارية للكاهن و منفذ لتعليمات الأسقف.هذا ما لم يكن في الكنيسة الأولي.فقد كان هناك فصل تام و حقيقي غير صوري بين الخدمة و بين الإداريات و الماليات.و لم نسمع في تاريخ كنسيتنا أن أسقفا تولي إستثمار أموال الكنيسة في أنشطة تجارية أو كان مديرا لعمل أنفقت الكنيسة علي تأسيسه.لم نقرأ في التاريخ هذا التزاوج بين الكهنوت و المال إلا بداية من القرن التاسع عشرو حتي اليوم.هذا أضر بالحياة الروحية جداً و هذا هو السبب الأهم الذى يستدعي إعادة تكريس الكاهن للكهنوت وحده و إعادة تخصيص الأسقف للرعاية وحدها.
– لكن الدعوة لهذا الفصل التام يلزمها دعوة من نوع آخر.أن نجد أشخاصا روحانيين مثلما وجد التلاميذ السبعة شمامسة الذين فهموا و أسسوا الإدارة الكنسية. فأول شهيد كان من هؤلاء السبعة القديس إستفانوس.فهل سنجد إستفانوس في كل لجنة كنسية؟دور المال في الكنيسة يختلف تماما عن دوره في المجتمع أو مع الأفراد.الكنيسة تضع أموالها تحت أقدام الرسل من يومها و نحن نعرف موقع المال في الكنيسة.لكن تنحرف الكنيسة متي صار للمال قامة موازية للكهنوت.متي تحول المال إلى مشغولية تطغى علي إنشغال الرعاة بالرعية.متي سمعنا أن هناك كنيسة غنية و أخري فقيرة نعرف أن الكنيسة التي تفتخر بوحدة الإيمان تنقسم لعدم وحدة الأموال.ستنصلح الكنيسة الجامعة الرسولية الأرثوذكسية إدارياً حين تصبح أموالها مشاعا بين الكنائس يأخذ المحتاج منها فرداً كان أو كنيسة ممن لديه المال دون شح أو تأفف أو تعالي.كانت أموال الكنيسة الأولي هكذا؟فهل تجد كل كنيسة من يعرف دور المال فيها؟
– الدعوة للإصلاح لا يعني وجود فساد في الكنيسة.فالإصلاح ليس تهمة لأحد.إنه عمل إيجابي لأجل نمو المحبة و هذا دور المال في الكنيسة.حين يتحول المال من قلب الصندوق إلي قلب السامري الصالح.هذا التبديل في العملة من مال أرضي إلي مال سماوي لا يتم من غير خدام إداريين يضعون أعمال المحبة في الرتبة الأعظم فوق كل أموال الكنيسة,الفساد يحدث من قلة المحبة و ليس من قلة المال.محبو العطاء لا يفسدون لكن مدمني الأخذ يَفسدون و يُفسدون.لهذا فالدعوة لفصل المال عن الخدمة يقابلها إلتزام من المشرفين علي الأموال بتكريسه للخدمة بكل حكمة واضعين أولوية خاصة للمحتاجين في زمن يرتد فيه البعض من أجل بخل البعض الآخر.
– الإصلاح لا يعني حاجتنا لثورة علي الكنيسة.إنه بالحقيقة وضع أنفسنا تحت تصرف الكنيسة.هو وضع أفكارا إصلاحية أو تصحيحية للقادة في الكنيسة.الإصلاح ليس تمرداً علي أحد أو منافسة علي إيجاد دوراً للذات.الإصلاح ليس ساحة تجمع المرضي الناقمين علي القيادة الكنسية.إيها الطبيب إشف نفسك هذه صيحة المسيح لو4: 23.فمن العيب أن تكون الدعوة للإصلاح ستاراً لتمرد كامن في الصدور و حنق علي أشخاص بعينها لأن الإصلاح لا يبال بأشخاص مهما كثرت أخطاءهم بل بأوضاع نصححها لأجيال قادمة .أما الأشخاص فسيرحلون و يبق ما هو أفضل دائماً.فليفحص كل أحد نفسه بالحقيقة و الأمانة.هل يريد إصلاحاً أم يتستر خلفه ليداري ميوله كما فعل يهوذا الذى إعترض علي ساكبة الطيب و تعلل بالفقراء بينما هو يداري فساده تحت راية الفقراء لذلك كانت المرة الوحيدة التي لم يتكلم فيها المسيح عن الفقراء بل عن نفسه و كأنه يقول ليهوذا سأموت بخيانتك فهل لا تريد حتي تكفيني بهذه الأطياب؟ إنه كشف ليهوذا ليعرف نواياه الشريرة.فلينتبه كل مناد بالإصلاح أن لا يكون فيه طبع يهوذا.مت26
– أيها الرب يسوع.يا من اصلحت طبيعتنا.أعدتنا للحياة من الموت.حملت صليبك و قبلت الموت ثورة منك علي خطايانا و ثورة لناعلي الموت و زرعت فينا الضمير الصالح للحياة الأبدية الذى هو بعمل روحك القدوس ينمو.يا من أصلحت مفاهيم العهد العتيق الذى خلط فيه الناس كلماتك بتعاليمهم .يا من أصلح النوايا و السلوك الداخل و الخارج ليس مثلك مصلحاً.أيها القدوس أصلح كل عيب فينا .أكمل النواقص الكثيرة بكمالك.ها هي كنيستك و ها هو شعبك يصرخون إليك كي تقوم المعوج من الصغير إلي الكبير.ضع مفاهيمك بدلاً من أفكارنا و علمنا أن نتبعك بكل قلوبنا.لكي يصبح الإصلاح فينا طبع و ليس مجرد صيحة نصرخ لها.إجعل إصلاح النفس يشغلنا و فصل القلب عن الخطية شهوتنا.جدد القديم الفاسد و إعطنا الجديد الذى للحياة الأبدية.من يدك نأخذ الأفضل يا رب المجد السخى في الحب.
#Oliver_the_writer
 

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.