الإسلاموفوبيا العربية

 عبد الله بن بخيت

طورت الميديا الغربية مصطلح الإسلاموفوبيا. الخوف من الإسلام. جاء هذا المصطلح على إثر الإرهاب الذي ضرب في أماكن مختلفة من بلاد الغرب. استغلت التنظيمات اليمينية الإرهاب العالمي وقضية اللاجئين لتشكل رأياً محلياً ضد المسلمين ثم ضد الأقليات غير الغربية الأمر الذي سيساعدها على هزيمة الاتجاهات الليبرالية, لتصل بعدها للسلطة بعد غياب طويل.

نسمع هذه الأيام أصواتاً إخوانية ( الاخوان المسلمون) تنادي بالتصدي للإسلاموفوبيا العربية. قد تستغرب أن تجد من يتهم مسلمين بالخوف من الإسلام. من الواضح أننا نتجه إلى ظاهرة كراهية السامية التي سادت بأوروبا. انقلبت الحقيقة إلى دعاية وسلاح. صار كل من ينتقد اليهود معادياً للسامية ثم تطور ليصف كل من يعترض على خلق إسرائيل ثم تطور أكثر حتى أصبح يصف كل من ينتقد مشروعات إسرائيل العدوانية كالاستيطان وقمع الفلسطينيين وهدم منازلهم.

نجحت الصهيونية بمزج مأساة اليهود في أوروبا بالأطماع والمشروعات الإسرائيلية. وعندما انبرى مثقفون من داخل الديانة اليهودية للتصدي لاستغلال الهولوكست لكسب التعاطف طورت الصهيونية مصطلحا جديدا هو اليهودي الذي يكره نفسه. Self-hating Jew بهذا المصطلح تصدوا لليهود الشرفاء الذين أدركوا أن الصهيونية تستغل مآسي اليهود وتتاجر بها.

تسعى المنظمات الإسلامية المسيسة وبخاصة الاخوان المسلمون هذه الأيام لتطوير شيء من هذا المفهوم باستعارة مصطلح الإسلاموفبيا. يلاحظ على اعلامهم وقنواتهم على التواصل الاجتماعي أن بدأ خطابهم الإعلامي يميل للمسكنة. يلعب دور الضحية. يتواصل هذا التوجه مع الضغط على اخراج الخصوم من صفة إسلامي. هم الإسلاميون ومن يحاربهم من مثقفين وحكومات فغير إسلاميين, ركزوا جهدهم على كلمة العلمانية التي شوهوها في أذهان الناس.

بدأوا بشيطنة الآخر كالليبرالي والعلماني والمثقف وكُتاب الصحف وكل ما لا ينتسب لهم أو يشيخهم على نفسه ثم انتقلوا إلى شيطنة الحكومات الإسلامية. وضعوا أنفسهم ممثلي الإسلام الأوحد بتعليق كلمة إسلامي على كل شيء يصدر عنهم. أصبحوا هم الإسلام وما عداهم يأخذ ما شاء من التسميات. صار خطابهم يقود إلى عملية تخيير هل أنت معنا أم ضدنا؟ هذا التخيير يقود إلى الذهن إلى السؤال: هل أنت مع الإسلام أم ضده. يدخل ضمن هذه المعادلة الحكومات أيضا. الحكومة المصرية التي تعاديهم علمانية أما الحكومة التركية التي تساندهم فهي إسلامية رغم إصرار الزعماء الاتراك على علمانية دولتهم.

بوصف سلوك الآخرين ضدهم بالإسلاموفبيا تكتمل حلقة اخراج أعدائهم من الإسلام في أذهان الناس.

نقلاً عن “الرياض”

About عبدالله بن بخيت

كاتب وصحفي ليبرالي
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.